الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو يكتب: معجزة الحياة في زمن الفوضى

صدى البلد

ثقيلة هي الأيام التي نعيشها والتي بات كل يوم يمر فيه ونحن على قيد الحياة يعتبر بكل معنى الكلمة معجزة، رغم أننا لا نعيش زمن المعجزات الذي انتهى كما قيل لنا مع آخر الرسل والأنبياء. ولكن رغم ما قيل حول ذاك الأمر إلا انني مقتنعة تقريبًا أن زمن المعجزات لم ينتهِ بعد. بالنظر إلى ما نراه ونتعايش معه كل يوم من مشكلات عصية تعترضنا في الحياة بدءًا من الصباح وحتى المساء، نشاهد أننا بالفعل مجرد أن نعيش هذا اليوم يعتبر معجزة.


مشاكل متداخلة وتحولت إلى عقد كأداء لا يمكن حتى فكها عن بعضها البعض نتيجة تداخلها بشكل وثيق. إن كان ذلك من الناحية الاقتصادية والمالية والثقافية والاجتماعية والسياسية وحتى الدبلوماسية التي نشاهدها على شاشات التلفزة، كل ذلك يوحي لنا أننا ما زلنا نعيش ما تعريفه أن السياسة هي فن الممكن أو الكذب.


لا فرق بينهما طالما كانت المصالح هي الأولوية في أية تعاملات تتم في هذه الحياة. تعاملات إن كانت ما بين البشر بحد ذاتهم أو ما بين المؤسسات والدول. كله مرتبط بالسياسة المنفعية أي المصلحة وتغليبها على المعايير الأخلاقية والمجتمعية وبالتالي فما نحن في مواجهته لا يمكن تسميته إلا أن السياسة هي فن الكذب. وربما يمكن وضعها تحت مسميات عدة وأكثرها مرونة وليونة هي فن الممكن. أي أن الممكن مرادفه بات يعني في علم السياسة هي المصالح والكذب والنتيجة، تعاملات ليس لها أية علاقة بالروابط الإنسانية والمجتمعية والاجتماعية.


كورونا الذي لم نتخلص منه حتى الآن رغم ما قيل الكثير عنه منذ بداية ظهوره أو انتاجه مخبريًا، وهذا غير مهم بالنسبة لنا على الأقل في الوقت الراهن، على أنه سيتم توفير اللقاح مع بدايات السنة، وها نحن دخلنا القمر الثاني من هذه السنة ولا زلنا نسمع الكثير عن هذه اللقاحات والتي تحولت بدورها إلى حلبة تنافسية ما بين الشركات المنتجة ودول الهيمنة التي تقف خلفها.


إذًا، كل شركة تسعى بأن تقنع الجمهور المغيب عن جدارة اللقاح الذي أنتجته، حتى وصل هذا التنافس إلى فئات الشعب المغلوبة على أمرها وهي لا تعرف حتى معنى كلمة فيروس معناه ماذا؟ المهم أنها تريد أن تعبر عن نفسها ولو بأي كلمة كانت. فظهرت الاصطفافات وكلٌ وفق ما يراه مناسب أو تم إقناعه به حول أن اللقاح الروسي هو الأفضل من الصيني والامريكي – الألماني. وكل دولة تسعى لشراء اللقاحات أيضًا حسب اصطفافها ما بين غربية وشرقية وبعض الدول تأخذ من كل اللقاحات على أساس أنها غير مصطفة مع هذه الجهة أو تلك الشركة. لكن في قرارة نفسها تسعى للتعامل مع الكل كي لا تغضب أحدًا من تلك الشركات، والتي تقريبًا بيدها ملكوت الأرض إن لم نقل السموات أيضًا.


من كورونا نحو فوضى الاقتتال والحروب والتدخلات الإقليمية والدولية في شؤون دول المنطقة وبعض من عمليات المصالحة أو كما يريد أن يسميها البعض المصالح من دون تاء التأنيث، على الأقل كي يبرئ ذمته مما كان يقول وينتظر وما وصلت إليه الأمور.


بلدان مدمرة من سوريا والعراق وليبيا الآن ما يحدث ما بين السودان واثيوبيا وغيرهما من الأماكن، تزيدنا كل يوم قهرًا وغصة فيما نحن عليه أو مقبلون إليه، فلا بقعة أمل تلوح في الأفق في ظل هذه الفوضى التي تضرب كافة مناحي الحياة. وكل ذلك سيكون له تداعيات على الخلية الأصغر في أي مجتمع ألا وهي العائلة أو الأسرة التي باتت تتأثر بما يدور من حولها من كوارث كورونية واقتتال وفوضى وبات أن نمضي يومًا ونحن لا نزال على قيد الحياة يعتبر فوزًا عظيما يقوم به الانسان.


ما زلنا نعيش زمن المعجزات ونحن في القرن الحادي والعشرين رغم زلزال التطورات التقنية والتكنولوجية التي نعيشها والتي باتت جزءا من تشكل شخصيتنا وسلوكنا وثقافتنا إن كان ذلك رغمًا عنَّا أو بإرادتنا، هذا إن كان في الأمر إرادة. رغم كل الصعاب التي نراها ونعيشها ولكن بعض الأحيان نشعر بشيء ما في داخلنا يحثنا على الأمل وأن ثمة غدًا جميل ينتظرنا في الأفق. ربما كان هذا الشعوب هو الحافز أو بقعة الأمل الذي يمنحنا الأمل في تحمل مالا يمكن تحمله. شعور ليس له بنا بتاتًا وربما يكون مصدره من قوة الما وراء طبيعة التي لديها طاقة كامنة تحرك الكون وما فيه، ونحن ضمنه.