الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: حب وأدب وصول بلا تعب

صدى البلد

عزيزي القارئ لقاء جديد مع ذكرياتي مع شيخي ــ رحمه الله تعالى ــ وحواراتي معه.. سألته يوما عن أيسر الطرق والسبل الموصلة إلى مرضاة الله تعالى، التي تقيم العبد في حضرة القرب والوصل بالله عز وجل.. فأجاب الشيخ قائلا: "حب مصحوب بأدب وصول بلا تعب"..

فالحب هو الأصل والأساس في علاقة العبد بربه عز وجل، وهو الأصل في اتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وهديه القويم، وإلى تلك الحقيقة أشار سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)..

هذا ولا قيمة لاتباع الحبيب صلى الله عليه وسلم بغير حب، وذلك لأن مراد الله تعالى من العبد قلبه لا قالبه، هذا ومن المعلوم أنه لا يستحق الحب الأعظم إلا الله تعالى، وذلك لأنه سبحانه هو المتفضل على العباد بنعمة الخلق والإيجاد، وهو تعالى صاحب النعم والإمداد، فهو مصدر كل النعم ومعطيها وصدق تعالى إذ قال: "وما بكم من نعمة فمن الله".

وهو سبحانه الذي إليه المرجع والمآل وبيده الحساب، يقول تعالى: "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"، ثم تأتي بعد محبة الله تعالى محبة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه حبيب الله الأعظم وخليله الأكرم وهو مراد الله تعالى من بين خلقه وهو مصطفاه من الخلق.. وحبه شرط لصحة الإيمان واكتماله وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"..
وفي حديث آخر قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله ونفسه وولده ووالده والناس أجمعين".. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.. ثم يأتي بعد ذلك محبة أهل بيت النبي عليهم السلام لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وعطرتي أحب إليه من عطرته وأهلي أحب إليه من أهله وذاتي أحب إليه من ذاته".. ومحبة أهل بيت النبوة مستمدة من محبة الله تعالى لهم..

ولقد أثنى الله تعالى عليهم في القرآن الكريم وخصهم بالرحمة والبركة والطهر والتطهير، حيث قال عز وجل: "رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد".. وقال سبحانه: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا".. هذا ومن محبة الله تعالى لهم جعل مودتهم فرضا على الأمة بأسرها، وفتح من خلاله أبواب فضله تعالى وعطاياه لمحبيهم وأهل مودتهم حيث قال تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا"..

ثم يأتي بعد ذلك محبة صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاها ومحبة الأولياء والصالحين.. ومحبة خلق الله تعالى وعباده حبا في الله ولله لأنهم صنعته عز وجل.. هذا عن الأصل الأول في العبادة وطلب الوصول وهو الحب.. وأما عن الأصل الثاني وهو الأدب.. فالأصل فيه الأدب مع الخالق عز وجل والأدب مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

والأدب مع الله تعالى يتمثل في طاعته عز وجل والالتزام بتعاليمه وإقامة حدوده والحياء منه سبحانه، وإن يجدك حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك.. والأدب مع الرسول الكريم يوجب اتباعه وتوقيره وتعظيمه وتقديمه على من سواه من الخلق وعدم ذكر اسمه الكريم مجردا، فالواجب أن يقدم بالسيادة..

ولقد حذر الله تعالى من سوء الأدب مع حضرته وأثنى على أهل الأدب معه صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى في سورة الحجرات: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون"..
وقال سبحانه مادحا أهل الأدب مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم".. هذا ثم الأدب مع جميع خلق الله ولا يغيب عنا أن الرسالة المحمدية تدعوا إلى الأدب وحسن الخلق..

وفي الحديث الجامع لما حوته الرسالة المحمدية يقول عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. عزيزي كان هذا هو شرح أستاذي وشيخي رحمه الله في قول الصالحين.. حب مصحوب بأدب وصول بلا تعب وإلى لقاء جديد بإذن الله تعالى مع حديث شيخي رحمه الله.