الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: التمسك بالأمل في ظل الفوضى

صدى البلد

 

ما نعانيه نحن نصف المجتمع كمت يتم وصفنا، أكبر بكثير مما نستطيع تحمله خاصة في ما نعيشه من فوضى عارمة تضرب المنطقة والبلدان والدول والمجتمعات. كثيرة هي المصاعب التي نواجهها بشكل يومي إن كانت داخل البيت أو خارجه وكل شيء له شخصية ينبغي علينا تقمصها حينما نريد التعامل مع الآخر. الآخر ربما يكون الابن او الاب او الام وحتى الذات، نعيش معه كل هذه الشخصيات بتقلبات غير مستقرة، مثلها مثل شخصياتنا التي نعيشها خارج البيت أيضًا. فلربما نواجه صديقةً أو مديرك في العمل أو صاحب الكشك والبقال والدكتور والسائق وكل من أنت مجبر ان تتعامل معهم. هي نفس التقلبات في الشخصية ينبغي أن تعيشها مع كل هذه الأنواع.

صعوبة بالغة جدًا في هذا التعايش اليومي الذي يفرض عليك التقلبات في الأسلوب والسلوك وحتى طريقة الكلام والابتسامة والنقاش وكذلك التفكير الذي لا يتوقف كي يوجهنا في هذه الأمور. صعوبات بالغة نتقمصها بألوان مختلفة كي تستمر الحياة بدورتها التي تأقلمنا معها إن كان ذلك برغبتنا أو مجبرين عليها.

هكذا علمتنا أمهاتنا وجداتنا مذ كنا صغيرات نلهو في البيت والتي كانت فترات قليلة، لكنها كانت كقيلة بتحنيط شخصيتنا التي نحن عليها الآن. أكثر كلمتين كانتا تتردد على مسامعنا وحفظناهما عن ظهر قلب هما "عيب - حرام". هذا كل ما في الأمر كلمتان خفيفتان على اللسان ولكنهما كانتا ثقيلتان على شخصيتنا والتي الآن نتفهم وندرك مدى تأثيراهما علينا من كافة النواحي. والتي جعلت شخصيتنا تأخذ شكلها وجوهرها واصبحنا نسخة عمّا كانتا عليه أمهاتنا وجداتنا مع تغيير أو تعديل بسيط في الشكل نتيجة عامل الزمن فقط لا غير، لتبقى شخصيتنا كما هي تقليدية وبسيطة ومكررة وساذجة وفي النهاية نعلم أطفالنا ما كانت جداتنا وأمهاتنا تعلمنا إياه.

هكذا هي الحياة نكررها منذ عقود من دون أن ندرك أن هذا التكرار ورغم ايجابياته، لكنه يخبئ الكثير من السلبيات التي لم ولا نشعر بها إلا بعد مرور الزمن. سلبيات تكرار الشخصية وتقمصها جعلتنا نربي أطفالنا كما كانا عليه آباءنا من كافة النواحي، وبكل تأكيد نكرر لأطفالنا نفس الكلمتين اللتان تعلمناهما وهما "عيب – حرام".

فوضى عشناها مذ كنا صغيرات لا ندرك معنى الحياة وصعوباتها وكان كل همّنا أن نلهو مع بعض وكأن الحياة هي مكان نأتي إليها لنلهو فقط، وقالوا لنا أنه كي نستمر نحن النساء في الحياة علينا أن نكن أصحاب مسيرة جدية في الحياة لأنه سيكون لدينا مسؤوليات جسام وهي تربية الأطفال.

ونحن الآن في ظل الفوضى التي نعيشها والحروب والاقتتال والصراعات التي لا معنى لها سوى قيام تلك الأطراف في البحث عن السلطة والبرح من هذه الحروب وكأنهم سماسرة وتجار يبيعون هذا لذاك وبالعكس.

في ظل هذه الفوضى أدركنا ولكن لو كان بعد حين، أننا بالفعل نعيش اللهو بكل معانيه وليست هناك أية جدية في الحياة. الكل يلعب ويلهو بنا. بدءًا من النظم الحاكمة وكل من يدعي أن يمثل الشعب. يلهون بنا كيفما يريدون ويشاؤون وأينما يرغبون. فوضى أبشع بكثير مما كنا نتصوره من فوضى تقمص الشخصيات التي نتعامل معها كل يوم إن كانت داخل البيت أو خارجه.

هل علينا ان نستمر بالعيش بوجوه وشخصيات متعددة ونتعامل مع هذه الفئة الضالة التي أخرجت الحياة من جوهرها وحولتها إلى مجرد بازار وتجارة رخيصة يقومون بها على حساب الشعوب والمجتمعات، والتي امتهنت السمسرة الرخيصة هدفًا لها في الحياة، ونضحك في وجوههم ونلعنهم في السر، أم علينا أن نقول لهم علنًا أنكم لستم سوى دُمى وأدوات بيد الآخرين ولا يمكنكم أن تضحكوا علينا بهذه الأساليب الدنيئة، وأن الانسان الان واعي جدًا ويدرك ماذا تريدون وماذا تفعلون، وأننا لسنا أدوات في ايديكم كي لهون بنا مثلما تريدون.

اعتقد علينا القيان بالتغيير في الكثير من سلوكياتنا تجاه هذه الشخصيات التي نَصَبَّت نفسها علينا وصدقت حالها بأنها " وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ "، وهم لا يشكلون أي شيئًا بالنسبة لنا بعدما رأينا أنهم ليسوا سوى أداة بيد الآخرين يريدون أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء علينا وهم لا يملكون ناصيتهم بالأساس.

في ظل هذه الفوضى يبقى الأمل هو عزاءنا الوحيد في مواجهة كل الصعاب التي تواجهنا من كافة النواحي وهذا ما يتطلب مننا النساء جميعًا في أن نتمسك بإرادتنا وكرامتنا بعيدًا عن كل التقاليد والعادات البالية التي أوصلتنا لهذه الدرجة. الأمل الذي هو أساس الحياة واستمراريتها هو سلاحنا الذي لن نتخلى عنه لمواجهة التحديات التي تعترض مسيرتنا نحو الحرية الحقة والبعيدة عن الحرية الاستهلاكية التي يريدون فرضها أو فرضوها علينا.