استمرت صباح اليوم الثلاثاء الموافق 12 / 1 / 2021 م بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات بالسادس من أكتوبر فعاليات اليوم الثاني من “دورة الإلحاد ومخاطره” ، وذلك بمحاضرتين ، الأولى: للشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تحت عنوان : “وقاية الشباب من الإلحاد” ، والثانية: للدكتور محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر سابقًا ، وكانت تحت عنوان “أسباب التطرف الديني وعلاجه” ، مع الالتزام التام بكافة إجراءات الوقاية الصحية من التعقيم والتطهير، وارتداء المتدربين للكمامة ، والحفاظ على التباعد الاجتماعي ، طوال مدة التواجد بالأكاديمية.
وفي بداية المحاضرة الأولى أكد الشيخ خالد الجندي أن الإلحاد مشكلة نفسية ، وأن من يتصدى للحوار من العلماء يجب أن يجمع العلوم العقلية والإنسانية ، وأكد على أهمية ما ينبغي أن يكون عليه أسلوب الحوار مع الملحد في الجانب الأعظم منه ، وذلك بمجاراته واستدراجه للوصول إلى الهدف من الحوار بالتركيز على المشتركات وليس مواطن الخلاف ، وينبغي لمن يتصدى لمعالجة مشكلة الإلحاد ومحاورة الملحدين أن تتوفر فيه عدة صفات من أهمها: (العلم –والثقافة- والشخصية المقنعة-والموهبة) ، مع عدم إقصاء الشيوخ وعلماء الدين عن مخالطة الجمهور والمشاركة المجتمعية حتى يسهل عليهم اكتشاف الداء ووصف الدواء مبكرًا .
وأشار إلى أن النفس هي مخزن الشهوات والغرائز والمشكلات التي تقابل الإنسان ، ولم يستطع العلماء وضع ضابط لغرائز النفس لأنها دائمًا متغيرة وملولة ، ففي سورة يوسف، في قوله تعالى:(إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فالنفس تتحدّث وتتمنّى وتأمر وتنهى؛ فالنفس تأمر بالسوء، والحديث مع النفس بفعل السوء.
وفي ختام اللقاء نبه على أن مشكلة الإلحاد هي فشل في الحصول على إجابات منطقية لأمور عقلية ، لذا تكون النتيجة هي الجحود والنكران لما عجز الإنسان عن رؤيته وفهمه .
وفي المحاضرة الثانية أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر سابقًا على أن عرض اختلاف العلماء بصورة موسعة على العامة صنع لهم نوعا من الفتنة والبلبلة ، مع أن الواجب على الداعية أن يجنب الناس الخلافات التي لا طائل تحتها ، وأن يفتي بينهم بالمشهور الذي عليه العمل في دار الإفتاء والقانون ، وأضاف فضيلته أن تسطيح الفكر الديني في المجتمع جعل الناس يستمعون لدعاة غير مؤهلين علميًا ، مما أدى إلى رقة الثقافة الدينية في المجتمع وجعله عرضة لأصحاب المذاهب الهدامة ، وكذلك فرض الرأي الواحد من بعض الجماعات والتيارات التي لا تسمح بالنقاش كان من أهم أسباب تفشي الإلحاد .
وأشار إلى أن الدعوة يجب أن تقوم على الإقناع العقلي مع الدليل الشرعي ، فالعقل خلقه الله (عز وجل) لمساعدة النفس في التفكير وحفظ المعلومات وتحليلها وإصدار ردود الأفعال المناسبة. والقلب هو مفتاح للعقل، ويقال بأنّه يُعطي ردود أفعال ويعمل بسرعة أكبر من سرعة العقل.
وفي نفس السياق أكد أن دراسات علم «تاريخ الأديان» اهتمت بالبحث عن نشأة “الدين” بوصفه ظاهرة إنسانية تقاسمتها جميع الأمم ، وعرفتها كافة الشعوب ، بغض النظر عن مستواها الفكري والثقافي والحضاري ، فلا يخلو مجتمع ما من موروث عقدي ديني ، فلو وجدت مجتمعات دون خدمات أو مدارس أو بنية تحتية فلم تخل تلك المجتمعات من دور للعبادة ، فالتدين فطرة ، ومحاولة طرح الإلحاد وعدم الإيمان مناقض للفطرة، وقد سجل لنا التاريخ منذ صفحته الأولى قبسات من الفكر الديني لدى أقدم الأمم والقبائل على تنوع المواقع الجغرافية ، وتفاوت المستوى الفكري والثقافي «قبائل غير متحضرة ، أمم متحضرة».