الفرق بين الاستغفار والتوبة ..التوبة: تتضمن أمرًا ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، فالندم على الماضي والإقلاع عن الذنب في الحاضر والعزم على عدم العودة في المستقبل،والاستغفار: طلب المغفرة، وأصله: ستر العبد فلا ينفضح ، ووقايته من شر الذنب فلا يًعاقب عليه، فمغفرة الله لعبده تتضمن أمرين: ستره فلا يفضحه، ووقايته أثر معصيته فلا يؤاخذ عليها، وبهذا يعلم أن بين الاستغفار والتوبة فرقًا، فقد يستغفر العبد ولم يتب كما هو حال كثير من الناس، لكن التوبة تتضمن الاستغفار.
قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامى، إنالله سبحانه تعالى أمر عباده بـ الاستغفارفى آيات كثيرة من القرآن الكريم، منها: قوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» البقرة 199، وقوله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ».
وأضاف «عبد المعز»خلال تقديمه برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع عبر فضائية «dmc»: «أنالاستغفاروالتوبة إلى الله عز وجل تجلب سعة الرزق ورغد العيش والعافية، منوهًا بأن الاستغفار لمحو الماضى، والتوبة لإصلاح الماضى والحاضر والمستقبل».
وأشار الداعية الإسلامي، إلى أن الخير كله فى الاستغفار الذى كان سنة الأنبياء كافة، مستشهدًا بقول الله تعالى: «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا».
اقرأ أيضًا:
واستدل أيضًا بقول الله تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا» مؤكدًا أن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.
وتابع: إن رحمة الله عز وجل وسعت كل شيء، مضيفًا: «إن منْ معه رحمة ربنا سيدخل الجنة.. لما رحمة ربنا تدخل البيت ..اللى مش بتخلف هتخلف والمكروب ربنا يفرج كربه.
واستشهدبقول الله تعالى: «وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، و«قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ».
فضل الاستغفار
الاستغفارله فضائل كثيرة، نذكر منها 13 فائدة، فهو طاعة لله -عز وجل-، ويكون سببًا لمغفرة الذنوب: كما قال تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا» [نوح:10]، ويكون أيضًا سببًا في نزول الأمطار، كما قال تعالى: «يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا» [نوح:11].
الاستغفار يكون سببًا بالإمداد بالأموال والبنين، كما قال تعالى: «وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ» [نوح:12]، وأيضًا يكون سببًا في دخول الجنات، كما قال تعالى: «وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ» [نوح:12]، ومن فوائد الاستغفار أيضًا أنه يزيد من قوة الإنسان، كما قال تعالى: «وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ» [هود:52].
يكونالاستغفارسبب المتاع الحسن، كما في قول الله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ» [هود:3]، مضيفة: والاستفغار يدفع البلاء، كما في قوله تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» [الأنفال:33].
الاستغفاريكون سببًا لإيتاء كل ذي فضل فضله، كما في قول الله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ». [هود:3]،والعباد أحوج ما يكونون إلىالاستغفار، لأنهم يخطئون بالليل والنهار، فإذا استغفروا الله غفر لهم، والاستغفار يكون سببًا لنزول الرحمة، كما قال تعالى: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ۖ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» [النمل:45 /46].
ويعدالاستغفاربمثابة كفارة للمجلس، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم-: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلس فَكثُرَ فيهِ لَغطُهُ فقال قَبْلَ أنْ يَقُومَ منْ مجلْسه ذلك: سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك: إلا غُفِرَ لَهُ ماَ كان َ في مجلسه ذلكَ» رواه الترمذي.
الاستغفارتأسٍ بسُنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكان -عليه الصلاة والسلام- يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة، فعَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رواه مسلم، وقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» رواه البخاري.
ومن فضله رفع البلاء بالاستغفار ، فقد ورد أن من أسباب رفع البلاء كثرةُ الاستغفار؛ حيث قال الله تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»، فكان الاستغفار أمانًا من وقوع العذاب حتى بعد انعقاد أسبابه.
اقرأ أيضًا:
إن الله تعالى حددوقتين تقفل فيهما باب التوبةهما، الأول أن يغرغر الإنسان ومعنى يغرغر الإنسان، أى أن تصل روحه إلى الحلقوم، والثاني: عند خروج الشمس من المغرب،فعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ» رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.
إن من فضل الله تعالى وكرمه بعباده أنه يقبلالتوبةمنهم إذا تابوا إليه من المعاصي والذنوب التي اقترفوها، ويظل قبول التوبة واردًا حتى يدرك الإنسان العاصي الموت وتبلغ الروح الحلقوم، حينئذ لم تعدالتوبةمقبولة، وهذا هو المقصود بالغرغرة الواردة في الحديث المسؤول عنه. وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى أيضًا بقوله: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ» [النساء:18]. وعلى هذا فإن المقصود بالغرغرة بلوغ الروح الحلقوم.
وغلق باب التوبةعند طلوع الشمس من مغربها وروى مسلم (2759) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»،وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» رواه مسلم (2703) .
وروى البخاري (4635) – واللفظ له -، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ».
وأكد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، أن أي توبة سواء كانت نصوحًا أو لم تكن، لها شروط، وكذلك لها درجات تتفاوت من شخص لآخر.
وأوضح «ممدوح» في فتوى له، أنه لا يمكن أن تكون التوبة توبة، إلا إذا تحققت فيها هذه الشرائط، وهي «الندم والتحسُر، فالإقلاع والترك، ثم عقد العزم على عدم العودة وقطع طريق الرجوع لتلك المعصية».
وأضاف أن التوبة درجات، والناس تتفاوت فيها وإن اشتركوا في أصل تحقيق التوبة، لكن قيام الذل والانكسار والندم ودرجة الالتزام وتذكر الإنسان أنه لم يأخذ صك توبته، فكلها معاني تتفاوت بين الناس، ويكون بين الإنسان وأخيه كما بين السماء والأرض في درجة تحقيق التوبة.