عقد ابن القيم رحمه الله تعالى مقارنةً بين العلم والمال، يَحسن إيرادُها في هذا المقام؛ فقد فضَّل العلمَ على المال من عدَّة وجوه، أهمها:
- أنَّ العلم ميراث الأنبياء، والمال ميراث الملوك والأغنياء.
- أنَّ العلم يَحرس صاحبَه، وصاحبُ المال يحرس مالَه.
- أنَّ العلم يَزداد بالبذل والعطاء، والمال تُذهبه النَّفقات عدا الصَّدَقة.
-أنَّ العلم يرافِق صاحبَه حتى في قبره، والمال يفارقه بعد موته، إلَّا ما كان من صدقةٍ جاريةٍ.
- أنَّ العلم يَحكم على المال؛ فالعلم حاكِم، والمال مَحكوم عليه.
- أنَّ المال يَحصل للبَرِّ والفاجِر، والمسلم والكافر، أمَّا العلم النَّافع، فلا يَحصل إلَّا للمؤمن.
- أنَّ العالِم يَحتاج إليه الملوكُ ومَن دونَهم، وصاحب المال يَحتاج إليه أهل العدَمِ والفاقة والحاجة.
- أنَّ صاحب المال قد يُصبح معدمًا فقيرًا بين عشيَّة أو ضحاها، والعلم لا يُخشى عليه الفناء إلَّا بتفريط صاحبه.
- أنَّ المال يَدعو الإنسانَ للدنيا، والعلم يَدعوه لعبادة ربِّه.
- أنَّ المال قد يكون سببًا في هلاك صاحبه، فكم اختُطف من الأغنياء بسبب مالهم! أمَّا العلم ففيه حياةٌ لصاحبه حتى بعد موته.
- سعادة العِلم دائمة، وسعادة المال زائلة.
- أنَّ العالم قَدره وقِيمته في ذاته، أمَّا الغنيُّ فقِيمتُه في ماله.
- أنَّ الغنيَّ يدعو الناسَ بماله إلى الدنيا، والعالم يدعو الناسَ بعلمه إلى الآخرة.
آيات وأحاديث عن طلب العلم
قال تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» (الطلاق: 12).
وقال تعالى: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» (العلق: 1 - 5).
وقال تعالى: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ» (آل عمران: 18).
وقال تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» (المجادلة: 11).
وقال تعالى: «وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا» (طه: 114).
رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلَب العِلم فريضة على كلِّ مسلم»،رواه ابن ماجه وغيره، صحيح.
«فَضل العالِم على العابد كفَضلي على أدناكم».
«إنَّ الله عزَّ وجل وملائكتَه وأهلَ السموات والأرض، حتى النَّملة في جُحرها وحتى الحوت - لَيُصلُّونَ على معلِّم النَّاس الخير»،وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مَن سلَك طريقًا يَلتمس فيه علمًا، سهَّل له به طريقًا إلى الجنَّة».
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن خرج في طلَب العِلم، فهو في سبيل الله حتى يرجِع» رواه الترمذي،وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حسَد إلَّا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسَلَّطه على هلَكته في الحقِّ، ورجل آتاه الله الحكمةَ فهو يَقضي بها ويُعلِّمها» متفق عليه.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عملُه إلَّا من ثلاث: صدَقةٍ جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يَدعو له» رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ ممَّا يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علمًا نشَره، أو ولدًا صالحًا تركه، أو مصحفًا ورَّثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السَّبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحَّته وحياته تلحقه بعد موته».
«إنَّ الملائكة لتضع أجنحتَها لطالب العلم رضًا بما يصنع» وفي حديث آخر«طلَب العِلم فريضةٌ على كلِّ مسلم»،
«مَن دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور مَن تَبِعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» رواه مسلم.
«الدنيا ملعونَةٌ، مَلعونٌ ما فيها، إلَّا ذكر الله تعالى، وما والاه، وعالمًا، أو متعلِّمًا» رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وقوله: «وما والاه»؛ أي: طاعة الله.
«إنَّ الله لا يَقبض العلم انتزاعًا يَنتزعه من الناس، ولكن يَقبض العلمَ بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالمًا، اتَّخذ الناس رؤوسًا جهَّالًا، فسُئلوا، فأفتوا بغير علمٍ، فضلُّوا وأضَلوا» متفق عليه.