ما الفرق بين العباد والعبيد؟العباد في القرآن الكريم لفظ له كرامة الصلة بالله تعالى فيضاف إلى الله تعالى، بينما لفظ العبيد فهو يشمل البرّ والفاجر، وجاء الاستدلال بهما في الآيات الكريمة وفقًا لهذا التفريق في المعنى ودلالة كُلّ منه، ففي لفظ عباد قال تعالى: «وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا» وعند استخدام لفظ عبيد قال سبحانه: «وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ».
كلمة«عباد» تضاف إلى لفظ الجلالة، فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة فيزدادون تشريفًا فيقال: «عباد الله»، كما ورد في سورة الفرقان «وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا».
أما كلمة«عبيد» فهي تطلق على عبيد الناس وعبيد الله معًا، وعادة تضاف إلى الناس، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم، كما ورد في سورة ق «مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ».
وتجمع كلمة «عبد» على جمعين: هناك عبد جمعه عبيد، وعبد جمعه عبا، والفرق كبير بين العبيد والعباد، فالعبد الذي عرف الله، وأقبل عليه، وانضبط بمنهجه فهذا العبد يجمع على عباد «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ»، «نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».
اقرأ أيضًا:
الفرق بين العباد والعبيد
يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي: «يعطينا الحق – تبارك وتعالى – صورة للعبودية الحقه ونموذجا للذين اتبعوا المنهج كأنه – سبحانه وتعالى – يقول لنا: دعكم من الذين اعرضوا عن منهج الله وكذبوا رسوله وانظروا إلى أوصاف عبادي الذين ىمنوا بي ونفذوا أحكامي وصدقوا رسولي،نقول: عباد وعبيد والتحقيق أن «عبيد» جمع لعبد وأن «عباد» جمع لعابد مثل: رجال جمع رجل،قال تعالى: «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا»، إذن: عبيد غير عباد.
واضاف الشيخ الشعراوي،أننا كلنا عبيد لله تعالى: المؤمن والكافر والطائع والعاصي فما دام يطرأ عليه في حياته ما لا يستطيع أن يدفعه مع أنه يكرهه فهو مقهور، فالعبد الكافر الذي تمرد على الإيمان بالله وتمرد على تصديق الرسول وتمرد على أحكام الله فلم يعمل به،فهل يعد أن ألف التمرد يستطيع أن يتمرد على المرض أن أصابه؟ أو يستطيع التمرد على الموت أن حل بساحته؟ إذن: فأنت عبد رغمًا عنك وكلنا عبيد فيما نحن مقهورون عليه ثم لنا بعد ذلك مساحة من الاختيار.
وأكمل:أما المؤمن فقد خرج عن اختياره الذي منحه الله في أن يؤمن أو يكفر وتنازل عنه لمراد ربه فاستحق أن يكون من عباد الله «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ» (سورة الفرقان: 63)،فنحن وأن كنا عبيدًا فنحن سادة: لأننا عيد الرحمن لذلك كانت حيثية تكريم الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في الإسراء هي عبوديته لله تعالى حيث قال: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ»فالعبودية هي علة الارتقاء،فلما أخلص رسول الله العبودية لله نال هذا القرب الذي لم يسبقه إليه بشر لذلك وصف الملائكة بأنهم«عِبَادٌ مُكْرَمُونَ» (سورة الأنبياء: 26).
واستطرد الشعراوي في فيديو له:«وباستقراء الآيات لم نجد سوى آية واحدة تخالف في ظاهر الآمر هذا المعنى الذي قلناه في معنى العباد وهي قوله تعالى في الكلام عن الآخرة:«أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ» (سورة الفرقان: 17)،فقال للضالين «عبادي» وهي لا تقال الا للطائعين لماذا؟ قالوا: لأن في القيامة لا اختيار لأحد فالجميع في القيامة عباد حيث انتفى الاختيار الذي يميزهم،والعلماء يقولون: إن العباد تؤخذ منها العبادية وأن العبيد تؤخذ منها العبودية: العبادية في العباد أن يطيع العابد أمر الله وينتهي عن نواهيه طمعا في ثوابه في الآخرة وخوفًا من عقابه فيها، إذن: جاءت للعبادية لأخذ ثواب الاخرة وتجنب عقابها.
وأوضح:أما العبودية فلا تنظر إلى الآخرة إنما إلى أن الله تعالى تقدم بإحسانه على عبيده إيجادًا من عدم وإمدادًا من عدم وتربية وتسخيرًا للكون، فالله يستحق بما قدم من إحسان أن يطاع بصرف النظر عن الجزاء في الاخرة ثوابًا أو عقابًا، أما العبودية فهي: ألا ينظر العبد إلى ما قدم من إحسان ولا ما أخر من ثواب وعقاب وإنما ينظر إلى أن جلال الله يستحق أن يطاع وإن لم يسبق له الإحسان وأن لم يأتِ بعد ذلك ثواب وعقاب وأن كانت العبودية مكروهة في البشر.
وأفاد بأنه حين تؤمن بالله يعطيك الله الزمام: يقول لك: أن أردت أن أذكرك فاذكرني وفي الحديث القدسي: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» أخرجه أحمد في مسنده ( 2/281 – 354 – 405 ) والبخاري في صحيحه ( 7405 – 7505 – 7537 ) والترمذي في سننه ( 3603 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،قال الترمذي: حديث حسن صحيح.