الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: الإنسانية في ظل جائحة كورونا

صدى البلد

منذ أن اجتاح فيروس كورونا البلاد، وأنا لم أتطرق إلى هذا الموضوع بمقالاتي، لأني أؤمن أن من يشعر بالمسؤولية تجاه أهله سيلتزم بالإجراءات الاحترازية حفاظًا على أرواحهم. ومن يبقى الإهمال سمة متأصلة به، سيتصرف بكل أنانية وسيتحرك بكل حرية دون أن يرف له رمش. لذا كنت أردد في قرارة نفسي أنه لا داعٍ للكتابة لحث المواطنين على شىء لم يقوموا به مهما فعلت، يكفي المنابر الإعلامية التي راهنت على وعي المواطن، إلى أن ثبت بالاستهتار والتسيب خسارة الرهان.

ويبقى السؤال: ما الذي دفعني لأتناول القلم وأكتب الآن لا سيما بعد أن مرت الموجة الأولى وصرنا الآن في ذروة الموجة الثانية؟!.

لا شىء سوى أنني كنت أتصفح حسابي على مواقع التواصل الاجتماعي، وبحكم العادة كنتُ أتابع الحساب  بشكل سريع، حيث لا يستغرق المنشور سوى ثوان معدودة لدرجة أنني إذا أطلعت عليه ثانية لا أتذكر أنني رأيته سابقا، إلى أن ظهرت لي صورة "ممرضة الحسنية" اعتدلت في جلستي وأعدت الصورة بأصابع مرتعشة، كنت أنتظر لكي أثبت لنفسي أن عيني قد خانتني وأنها مجرد خيالات، وفي غضون لحظات تأكد لي ما خشيت تصديقه، فقد رأيت فتاة تلتصق بالحائط، ترتعد بشدة، تضم رجليها إلى صدرها لتواري وجهها عن هول المشهد الماثل أمامها، يتمالكها الشعور بقلة الحيلة رغم أنها ليس بوسعها شيئا لفعله، وليس لها أي ذنب في كل ما يدور حولها من أحداث.

أغمضت عيني ورحت أتذكر تكدس الناس أمام المولات تارة، وحفلات رأس السنة تارة أخرى، أتفحص وجوه المارة التي تزحزح الكمامات عن أنوفهم، منزلقة على أفواههم وملتفة حول عنقهم، وبين وجه تلك الفتاة الذي يعتليه الحزن، ويسكن ملامحه الفجع ممزوج بالانكسار.

إلى الذين لا يزالون يتشككون بوجود هذا الفيروس، ومازالوا غير مصدقين بأننا محاطون بهذا الوباء الذى يتخطف كل يوم أرواحًا أكثر من سابقيه. فلتكن صورة تلك الفتاة المسكينة دافعا لتوقف عن المظاهر المزرية التي نشاهدها يوميًا، لا داعي لأن نلتزم بعدما نفقد شخصًا عزيزًا، لسنا بحاجة لانتظار الخطر يدق أبوابنا، يكفي حال المستشفيات الذي يرثى له، وصرخات الناس التي تستغيث بوسائل الإعلام يوميا. فلعل تلك الصورة التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي تفيق المهملون من غيبوبتهم، تدفعهم بالمكوث في المنزل، وتحثهم على التباعد الاجتماعي، ملتزمين بذلك كل الإجراءات الاحترازية.

ولا يبقى لى إلا سؤالًا واحدًا ينهش عقلي كل ساعة، لماذا نفتقر إلى الوعي الذي من شأنه أن يجعلنا نحافظ على سلامتنا من تلقاء أنفسنا، ولا نلتزم به إلا في حالة فرض قوانين وإصدار عقوبات؟!.