الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإنسان.. والنسيان!


من الصفات الخاصة بالبشر صفة النسيان، وهو عدم القدرة على استرجاع المعلومة عند الحاجة إليها، وكل إنسان معرض للنسيان ولكن بمستويات مختلفة، وان تخطى مستوى معين فقد يتطور ليصبح مرضًا يصعب علاجه.

ومن رحمة الله أن الإنسان ينسى لكي يستطيع التعايش مع الكثير من الأزمات والمواقف الصعبة التي يمر بها في الحياة، من فقدان عزيز، أو اساءة تعرض اليها، أو موقف سييء مر به .

وينفي الله تعالى عن ذاته صفة النسيان: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) مريم 64، ويستغل الشيطان النسيان ليجعل الإنسان مستمرًا في غفلته الى أن يجد نفسه عند لحظة الاحتضار والموت.

وأول إنسان نسى هو آدم فأوقعه الشيطان في المعصية: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) طه 115، والأنبياء تعرضوا للنسيان، مثل النبي يوسف عليه السلام: (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) يوسف 42.

والنبي موسى عليه السلام قال للعبد الصالح: (لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا) الكهف 73، وقال تعالى للنبي محمد عليه الصلاة والسلام: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ) الأعلى 6. 

والمؤمنون يدعون الله أن لا يؤاخذهم إذا نسوا: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة 286، ولذلك قال تعالى محذرًا: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) الحشر 19.

والمشرك عند المحنة يدعو الله: (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ) الأنعام 41، وبعد أن ينقذه الله ينسى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ..) الزمر 8. 

والنسيان يقع فيه حتى من يصلي، ولذلك وصف تعالى المؤمنون بالخشوع في الصلاة: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) المؤمنون 1-2، فالشيطان يركز على المصلي لينسيه الخشوع في الصلاة، وقليلًا ما يوجد شخص يظل منتبهًا خاشعا في صلاته.

ولذلك يسارع المؤمن إذا أنساه الشيطان ربه، فيستعيذ بالله من الشيطان: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأعراف 200. 

الشيطان كائن مثابر يواصل عمله في اضلال الناس بلا يأس ولا ملل، والإنسان الذي يريد أن ينجو من اضلال الشيطان له يجب أن يظل ذاكرًا لله، حتى لا يقع في الضلال من خلال النسيان المتدرج، وصولًا لسيطرة الشيطان عليه بالشهوات، حتى يدمن القلب الذنوب فيكون محجوبًا عن رحمة الله: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ. كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ) المطففين 14-15.

والحل في الاستعانة بالله من الشيطان: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فصلت 36، فالمؤمن ليس له قرين من الشيطان، انما الكافر هو من يقترن به شيطان يضله ويجعله يحسب نفسه على الحق: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل 99-100.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط