ينتشر على ألسنة العامة من الناس أن الكلاب تعوي عند رؤية ملك الموت، وأن الحيوانات ترى الملائكة، ويتساءَل المثقفون عن حقيقة الأمر، وبالبحث في السنة النبوية، يوجد حديثثابت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سمعتُم صِياحَ الدِّيكةِ فسَلُوا الله تعالى من فَضْلِه؛ فإنَّها رأت مَلَكًا، وإذا سمعتُم نهيقَ الحِمارِ فتعَوَّذوا بالله من الشَّيطانِ؛ فإنَّها رأت شيطانًا».
ثبت في السنة الصحيحة أن الحمار يرى الشيطان، فيكون سببًا من أسباب نهيقه، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ» رواه أبو داود.
والثابت أيضًا «أن فرس أُسيد بن حُضير أحسَّت بالملائكة التي نزلت تستمع إلى القرآن، فاضطربت وكادت تُؤذي الولد النائم»، كما رواه البخاري ومسلم. وروى النسائي والحاكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سمعتم نُباح الكلاب ونَهيق الحمير في الليل فتعوَّذوا بالله من الشيطان الرجيم، فإنها ترى ما لا ترَون، وأقلّوا الخروج إذا هدأت الرِّجْل، فإن الله يبث في الليل من خلقه ما شاء»، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم.
يُؤخذ من هذا أن الحيوانات ترى من مخلوقات الله المغيبة عنا ما لا يراه الإنسان، لكن الربط بين حيوان بعينه وما يراه إن كان مَلَكًا أو شيطانًا يُقْتصر فيه على ما أخبرنا به النبي -صلى الله عليه وسلم- بطريق صحيح، ولم أعثُر على حديث يُعْتَمد عليه في الاعتقاد بأن الكلب يرى مَلَكَ الموت، كما هو شائع بين العامة.
هل الديك يرى الملائكة والحَمِيرِيشاهد الشياطين؟
شرع لنا عند صياح الديك أن نسأل الله من فضله، كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذَا سَمِعْتُمْ نُهَاقَ الحَمِيرِ فَتَعَوَّذُوا بالله مِنَ الشَّيْطانِ، فإنَّهَا رأتْ شَيْطانًا، وَإذا سَمِعْتُمْ صِياحَ الدّيَكَةِ فاسْأَلُوا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فإنَّها رأتْ مَلَكًا».
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أمرنا بتحري أوقات استجابة الدعاء، مشيرًا إلى أن هناك ثمانية أوقات فيها يستجيب الله سبحانه وتعالى الدعاء، أولها عقب الصلوات المكتوبة، وثانيها عند ثلث الليل الآخر.
وأوضح «الأزهر» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بما أخرجه الترمذي، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ»، وثالثًا الدعاء بين الأذان والإقامة، فقَالَ صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ» أخرجه الترمذي، ورابعًا عند نزول المطر.
وأضاف: أن الوقت الخامس يكون في ساعة الإجابة يوم الجمعة، والسادس في السجود، والسابع عند سماع صياح الديك، والثامن عند شرب ماء زمزم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ، لِمَا شُرِبَ لَهُ» أخرجه ابن ماجه.
شرح الحديث:
قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا سمِعتُم صِيَاحَ الدِّيَكَةِ»، الدِّيَكةُ: جمعُ دِيكٍ، وهو ذكَر الدَّجاج، وللدِّيكِ خَصيصةٌ ليستْ لغيرِه من معرفةِ الوقت اللَّيليِّ؛ فإنَّه يُقسِّطُ أصواتَه فيها تَقسيطًا لا يكادُ يتفاوَتُ، ويُوالي صياحَه قبلَ الفَجرِ وبَعْدَه لا يكادُ يُخطئ، سواءٌ أطالَ اللَّيلُ أم قصُر.
وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «فاسألوا اللهَ مِن فضلِه»، أي: فادْعُوا أو اطلُبوا، أو قولوا: اللهمَّ إنَّا نسألُك من فَضلِك؛ «فإنَّها رأتْ ملَكًا»، أي: فإنَّ الملائكةَ حاضرةٌ حينئذٍ، فيَدْعو رَجاءَ تأمينِ الملائكةِ على دُعائِه واستغفارِهم له وشهادتِهم له بالإخلاصِ؛ «وإذا سمِعتُم نَهِيقَ الحِمار»، أي: صوتَه المُنكَرَ، «فتعوَّذوا بالله من الشَّيطانِ»، أي: قولوا: أعوذُ بالله مِن الشَّيطانِ الرَّجيم، «فإنَّه رأى شيطانًا»، أي: يكونُ الشَّيطانُ حاضرًا عند ذلك، فيتعوَّذ باللهِ خوفًا من شرِّه.