الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الزعامة السياسية للرئيس السادات والهوية المصرية


العظماء ينصفهم الوقت والتاريخ.


بعد مرور ٤١ عامًا بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل جاء عام ٢٠٢٠ لينصف الرؤية التاريخية والشجاعة والحكمة السياسية للزعيم الراحل الرئيس محمد أنور السادات بعد أن وقعت معظم الدول العربية اتفاقيات تطبيع كامل مع دولة إسرائيل بعد قرارات حاسمة من المقاطعة لمصر في ١٩٧٩ عقب توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل لاسترداد أراضينا المحتلة.




نحتفل هذا الشهر بمرور ١٠٢ عامًا علي ميلاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات والذي وُلد في ٢٥ من ديسمبر ١٩١٨.


نحتفل بميلاد أحد أهم الشخصيات السياسية المصرية والعالمية والتي لم تضع فقط ملامح خطوط الحياة السياسية لمصر ولمنطقة الشرق الأوسط في القرنين العشرين والحادي العشرين بل أرست ملامح نوعًا فريدًا من القيادة السياسية الفذة التي لم يشهدها ولم يعهدها العالم بأسره تلك هي القيادة التي أرست إرث شجاعة الفرسان ومستشرفي المستقبل وشجاعة الإقدام على التضحية في سبيل أن تحيا الأوطان في الحرب والسلم.


إنها قيادة وزعامة الرئيس الراحل أنور السادات.




وُلد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية عام ١٩١٨ وتخرج من الأكاديمية العسكرية عام ١٩٣٨.


تقلد عدة مناصب كبرى في الدولة المصرية منذ عام ١٩٥٢ قبل أن يشغل منصب رئيس الجمهورية في ١٩٧٠، مثل منصب وزير دولة في عام ١٩٥٤ وكما إنه عُين رئيسًا لمجلس الأمة واختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نائبًا له حتى وفاته يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.




كان الرئيس السادات قد بدأ رحلته النضالية في الدفاع عن كرامة الوطن وحريته في مرحلة مبكرة من عمره عندما بدأ ملحمة كفاحه ضد الاستعمار الإنجليزي في أربعينيات القرن الماضي وتم سجنه عدة مرات بسبب مقاومته للاستعمار حتي قامت الثورة وبدأت تتشكل مسيرة حياته السياسية في بناء الوطن بعد التخلص من الاستعمار إلى أن تولى رئاسة مصر فعليًا في ١٧ أكتوبر ١٩٧٠ وحتى يوم استشهاده في ٦ أكتوبر ١٩٨١.




في عام ١٩٧٢ قام الرئيس السادات بإعادة تنظيم الجيش المصري ووضع حد لتدخل الاتحاد السوفيتي وقام بالاستغناء عن ١٧٠٠٠ خبير روسي شكلوا عبئًا على الجيش، وكان قرار نضالي آخر لتحرير مصر من أي هيمنة لدولة أجنبية بعد أن اشترط الاتحاد السوفيتي في ذلك
الوقت على تزويد مصر بالأسلحة ولكنه اشترط عدم استخدامها إلا بإذن منه.


وجاء رد الرئيس السادات قاطعًا ”آسف لا أقبل فرض قرار على مصر إلا بقراري وقرار الشعب المصري“.

 

وكان قد بدأ الرئيس السادات يُقدم بالفعل على قرار مصيري أخر عندما أخذ قرار الحرب ضد
إسرائيل والتي بدأت في ٦ أكتوبر ١٩٧٣. ثم جاءت قرارات مصيرية أخرى للرئيس بعد حرب السادس من أكتوبر في الداخل لترسم معالم جديدة لنهضة مصر وانفتاحها على الحياة بإجراء العديد من التغيرات على نظام مصر الاقتصادي.




وفي ١٩ نوفمبر ١٩٧٧ قام الرئيس السادات بزيارته التاريخية للقدس للتفاوض على استراد الأرض والدفع بعجلة السلام بين مصر وإسرائيل وهو قرار أربك التوازنات السياسية كلها في منطقة الشرق الأوسط وسبب نوعًا من الصدمة خاصة لكثير من الدول العربية. وانتهت المفاوضات بعد سنتين بتوقيع معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية في عام ١٩٧٩ والتي أعادت إسرائيل على أثرها الأراضي التي احتلتها إلى مصر.


ومن تبعات قرار السلام كان حصول الرئيس السادات عام ١٩٧٨ على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن، بعد وضع إطار لتوقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة.




ومن التبعات الأخرى إنه عقب توقيع الاتفاقية في ١٩٧٩، تم تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية ونقل مقر جامعة الدول العربية إلى تونس وقامت جميع الدول العربية بمقاطعة مصر لقرارها باستثناء سلطنة عمُان والسودان والمغرب. ثم جاء الثمن الأكبر لقرار السلام واسترداد مصر لأراضيها في ٦ أكتوبر ١٩٨١ استُشهد الرئيس السادات خلال العرض العسكري للاحتفال بذكرى حرب ٦ اكتوبر على يد عناصر متطرفة تابعة لمنظمة الجهاد الإسلامي التي كانت تعارض اتفاقية السلام مع إسرائيل.




نحتفل في يوم ٢٥ ديسمبر من كل عام بميلاد نوع فريد من الزعامة المصرية وبهوية الزعامة المصرية المعاصرة التي لم تُخلق قرارتها كي تحوز على اعجاب الجماهير ولكنها شخصية خُلقت لتُجسد الضمير الإنساني بكل معانيه متمثلًا في إقامة العدل وإحلال السلام والمساواة والحفاظ على الحياة واتخاذ كل الأسباب لإعمار الأرض.




وافتخر بنفسي كمصرية إنني أحمل ميراث زعيم سلام الشجعان لأننا كأحد الأجيال التي وُلدت بعد أخر حرب ولم نشهد أي نوع من الحروب في تاريخ مصر المعاصر، فنحن بحق جيل السلام أو أجيال السلام.

 

حملنا معاني الميراث في الحفاظ على الوطن وشجاعة قرارات الزعماء ومساندتها والوقوف في وجه العالم ندافع عن رؤية تستشرف المستقبل دون خجل مرفوعي الرأس.




فنحن أيضًا شعب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ العظيمة والتي جاءت كتأكيدًا جديدًا على هوية  الزعامة السياسية المصرية والهوية المصرية التي لا تهتز أمام قرارتها الشجاعة. سبع سنوات بعد ٣٠ يونيو ونحن نقف في وجه كل من حاول يحاصرنا بسبب قرارنا الشجاع بالوقوف في وجه التطرف والإرهاب والدفاع عن هوية وطننا الغالي مصر وذلك بحصارنا بوقف صفقات شراء سلاح ودعم الجيش أو يقرارات وقف رحلات الطيران إلينا للإضرار بالسياحة أو بتهديدنا بحصارنا بالعمليات الإرهاب شمالًا وجنوبًا وغربًا لإرهابنا وكثير من الكروت التي يتم الزج بها لتعطيلنا ولكننا وقفنا داعمين لقرارنا ولقيادتنا ولجيشنا ولإصلاحتنا الاقتصادية ولكل ما يحقق انطلاقنا وبشجاعة غير متخاذلين.




تاريخ وميراث الزعيم الراحل أنور السادات علمنا أن العبرة ليست بمن يصفق لنا ليرضى عنا أحد وإننا لا ننتظر أن تُعجب بنا دولٌ أو جهات أو أفراد. فقد قاطعتنا دولًا في الماضي لأكثر من ٨ سنوات غضبًا من قرار السلام الشجاع بعد حرب هي وسام شرف على جبين وطننا لتُقدم نفس الدول على نفس القرار بعد ٤١ سنة. بعد أن تعلمنا الكثير من الدروس، أصبح ميراثنا وهويتنا فخر شديد بتاريخنا وبزعمائنا وبدعمنا لهم.


ميراثنا أصبح قرارات شجاعة سياسية في منعطفات تاريخية. فلولا قرار الرئيس السادات الجرئ بإبرام اتفاقية السلام الفيصلية لما استردت مصر أراضيها المحتلة ككثير من الدول. ولولا قرار الجيش للرضوخ لإرادة الشعب في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لأنزلقت البلاد إلى نقطة اللارجوع ككثير من الدول حولنا التي تهاوت في منعطفات الفوضى الانقسامات. ميراثنا
وهويتنا يستشرفان المستقبل ويرسمان الطريق ويحددان المسار. اتفاقية السلام في ١٩٧٩ هي التي فتحت المجال اليوم لمعظم الدول العربية لإقامة علاقات مع إسرائيل ورسم تكتلات سياسية جديدة. فتحت مصر الباب على مصراعيه تحت رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمحاربة الإرهاب بعد ٣٠ يونيو وكانت مصر الرائدة في الإشارة إلى خطر توجهات الجماعات الإرهابية الجديدة في المنطقة.


وكانت إشارة البدء هي أكبر ضربة تاريخية تم توجيهها للإرهاب تلك الضربة التي ووجهها شعب مصر في ٣٠ يونيو ٢٠١٣. ولم نوجه ضربتنا ليُعجب بنا أحدًا فميراثنا هو الضمير الإنساني وهويتنا هي أن نضرب بعرض الحائط أية موائمات إن وصل الأمر للحفاظ على ووطننا الغالي مصر وأراضيه. تعلمنا ألا ننتظر أن يصفق لنا أحد كما لم ينتظر الرئيس السادات التصفيق من كثير من الدول.


ميراثنا شجاع يرسم الطريق.




رُد الاعتبار للرئيس السادات بعد أكثر من أربعين سنة على قراره الحكيم لاسترداد أرضينا بسلام الشجعان. إلا أن ثورة ٣٠ يونيو جاءت بميراث ودروس تاريخية جديدة فبجانب فخرنا بتاريخينا السياسي وصُناعه وشجاعتهم جاء الدرس الجديد وهو ألا ننتظر رد الاعتبار أو نبذل مجهودًا في الرد ففي الماضي كانت المواقف والمواجهات والجهات واضحة في الدعم أو العداء أما الآن فالوضع تغير. أصبحت قوى الشر أشبه بالمواد اللزجة المتغلغلة في كل  الاتجاهات ترتدي جميع أشكال الأقنعة لمحاربتنا ومقاومة قرار إرادتنا ولا يستطيع أحد الإمساك بها وهو جزء من المطلوب وهو الانهاك ومضيعة الوقت في الامساك بخيوط الجهات المقاومة لقرار إرادتنا في ٣٠ يونيو.


الدرس الجديد الذي يجب أن نضيفه إلى ميراثنا السياسي هي ألا ننهنك أنفسنا في الرد، فالرد
الوحيد الموجع والمؤلم هو إننا ماضون بعزم وعابرون لمستقبلنا الذي استشرفناه في قرارنا وألا نرى هذه المواد اللزجة التي تسيل من حين لأخر عندما نفتح كل باب للتنمية وللتقدم وللتعمير وللإعمار ولبناء الإنسان المصري الذي يحمل في خريطته الجينية ميراث الزعيم الراجل أنور السادات الذي قرأ المستقبل بوطنيته وإخلاصه لمصرنا الغالية والتي هي بطبيعة الحال يضعف تأثيرها بصعودنا وإنطلاقنا نحو المستقبل وسيختفي ركدها ورائنا كلما تقدمنا.




سيظل التاريخ يذكرنا دائمًا إنه في تاريخنا يأتي رجالًا في حياة في مصرنا ليحولوا مسارات .. ويخلقوا منعطفات تاريخية ..

 

جاء الزعيم الراحل محمد أنور السادات بمنعطف ومسار  السلام التاريخي فكانت مسيرة حياته نورًا أضاء دروبًا من العتمة لملايين المصريين بشجاعة
سلام الفرسان.


أطلق أسمى معاني الإنسانية من قلب قسوة ظلام الحرب وتداعياتها.


ومازلنا ننعم بميراث من الحكمة والسلام والحب للإنسانية حتى يومنا الذي تركه لنا بطل الحرب والسلام الرئيس محمد أنور السادات والذي نستكمله ونعززه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل فخر وكرامة وعزة. 


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط