الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قضّمة من أفريقيا.. خارطة النفوذ


 لسنوات طويلة ظلت أفريقيا القارة السمراء "كم مهمل" بالنسبة للدول العربية والشرق الأوسطية. التي كانت تعتبر الاستثمار في أفريقيا أو إقامة علاقات معها مغامرة غير مأمونة العواقب. بحكم تفشي الجهل والأمية والأوبئة والحروب الأهلية التي سادت العديد من دولها مثل رواندا وبورندي والسودان والصومال وغيرهم.
 لكن خلال العقدين الماضيين تغير كل شىء تقريبًا. وأصبحت أفريقيا هى الميدان الحقيقي للصراع العالمي. بعدما أصبحت توصف عالميا بأنها "قارة الكنوز" وهى مستقبل غذاء وطاقة وتكنولوجيا العالم. فهى تمتلك موارد طبيعية هائلة وأراضي صالحة للزراعة بعشرات الملايين من الأفدنة ومصادر مياه وأبار نفط ومناجم ذهب ويورانيوم وأيدي عاملة.
"قارة بكر" كما يقول الكتاب. ورغم الاستعمار والنهب لمواردها على مدى عقود إلا أن أفريقيا لا تزال بخيراتها.
 وبقراءة سريعة لخارطة النفوذ داخل أفريقيا. يمكننا القول انها تحولت إلى ساحة وحوش هائلة، تتصارع فيها الإرادات بين قوى عظمى وإقليمية رأت أن ترك أفريقيا هكذا دون وجود ودون تأثير فقدان لوجود مهم وحيوي في القرن الجديد.
وغير خفي عن أحد النفوذ الصيني المتنامي داخل قارة أفريقيا والذي أصبح مهددا بشكل كبير للنفوذ الأمريكي المتوارث في القارة. ويأتي تنظيم الصين لمنتدى التعاون الصيني الأفرقي، ليكشف تحرك صيني واسع داخل القارة الأفريقية. فالتنين الأصفر لم يترك بلدا أفريقيا إلا ودخلها ويتردد وفق بعض الاحصاءات، أن هناك ما لايقل عن 2500-3000 شركة صينية تعمل في ربوع أفريقيا. كما انها موجودة في العديد من مشاريع السدود والأنهار والتنمية الاقتصادية والتكنولوحية. ولم تتردد مراكز بحثية عالمية من أن تكتب مرارا وتكررا للرئيس ترامب طوال فترة ولايته تحذره من تنامي النفوذ الصيني في أفريقيا بما يسحب البساط من تحت أقدام واشنطن.
النفوذ الفرنسي في القارة الافريقية، نفوذ استعماري موجود منذ أكثر من 150 سنة. وباريس كانت ولا تزال المستعمر الوحيد الذي لم يترك مستعمراته السابقة.  وكشفت تسريبات نشرت لوزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو على هامش الصدام الفرنسي الايطالي في ليبيا، الكثير عندما قال إن بعض القوى وبالخصوص باريس لا تزال تتصرف بعقلية استعمارية وتريد بقاء الوضع كما هو عليه في بعض دول غرب أفريقيا لكي تحافظ على بقاء "الفرنك الفرنسي" قويا والذي لا يزال عملة رسمية للعديد من الدول الأفريقية.
وغير خافٍ على أحد أن مؤامرة فبراير 2011 على ليبيا والتدخل بقوة عبر الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي، جاء بعدما تنامي إلى علم باريس عبر تقارير استخباراتية أن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، يهدد الوجود الفرنسي في القارة وهو ما كشفته تسريبات هيلاري كلينتون. وبالخصوص بعد سعي القذافي قبل وفاته لاعتماد الدينار الذهبي الأفريقي ولذلك كان القرار في باريس وواشنطن وعبر وصاية المفكر الصهيوني برنارد ليفي بإسقاط حكم القذافي بقوة وإجهاض أحلامه في أفريقيا وبالذات بعدما قاد الاتحاد الأفريقي. وأصبح هناك نفوذا ليبيا وتواجدا في الكثير من الدول الافريقية بالمساعدات والمدارس والمساجد وغيرها.
وربما الصراع على النفوذ والهيمنة، هو ما يكشف للبعض وجها مخفيا عن سر الصدام الفرنسي التركي في ليبيا وخارجها. فأنقرة تهدد الوجود الفرنسي في غرب أفريقيا وهناك تنامي للنفوذ التركي في المغرب العربي وهناك تنامي للنفوذ التركي في دول غرب أفريقيا 
ومنذ وصول أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2002، تغيرت نظرة أنقرة نحو القارة الإفريقية، وازداد إهتمامها بالتواجد في ساحاتها السمراء المزدحمة بالدول الأوروبية، وبالتواجد الأمريكي والإسرائيلي، وأقحمت نفسها في كل الأزمات والمشاكل الدولية لاستعادة "العثمانية القديمة" وتم تم رصد زيادة تواجد البعثات الدبلوماسية التركية في أكثر من ثلثي دول القارة الأفيريقية وزيادة التبادل التجاري لنحو 30 مليار دولار وزيادة الصادرات التركية لنحو 17 مليار دولار.
أما لنفوذ الإسرائيلي في أفريقيا فحدث ولا حرج. فاسرائيل متواجدة منذ ستينات القرن الماضي وهناك علاقات وثيقة واستراتيجية تجمعها بالعديد من دول القارة. وانطلاقا من تميز الصناعات الدفاعية والتكنولوجية الإسرائيلية من وجهة نظر الدول الافريقية، فإن هذا يخلق مجالات تعاون عدة مع الدول الأفريقية.
وطبعا لا يمكن تجاهل النفوذ الروسي في القارة أو واشنطن التي تسعى بقوة لاستعادة هيبتها المفقودة في أفريقيا ونفوذها السابق أمام قوى مستجدة.
الخلاصة أفريقيا التي كانت كما مهملا تحولت إلى كعكعة ضخمة تتصارع علها الوحوش العالمية، وعلينا كدول عربية أن ننتبه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط