قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

7 أيام جثتك في البحر يا حبيبي.. أسرة أخر ضحايا الهجرة غير الشرعية بالبحيرة: نفسنا ندفن ابننا

اسرة الضحية
اسرة الضحية
×

"يا راسم حلم مش محسوب وفين تلقاه.. ما بين موتة وبين غربة في أرض الله.. في عرض البحر بتسافر مع موجة غدارة تعافر.. مشوار وكل اللي يكابر بيروح ويرجع منه غريق".. لم يكن يعلم "عاصم" أن رحلته نحو البحر لتحقيق المستقبل الواعد بعد أن ضاق به الرزق في قريته الصغيرة ستنتهي في مركب الموت والغرق بدلًا من أن تبدأ بمركب الأمل والحلم.

فرغم سنوات عمره الـ 19 لم تكن كافية ليجرب حظه في مسائل النجاح والفشل، قرر استنساخ قصص نجاح تموج بها القرية بالسفر، ليتم الزجّ به بصحبة ثلاثة من جيرانه ضمن حمولة مركب متخمة بـ 50 شابًا يحملان نفس أحلامه البسيطة وسرعان ما تحولت تلك الأحلام إلى كابوس كبير في عرض البحر، وكما رفض جسده العيش في وطنه حيًا رفض الخروج من أعماق البحار ميتًا وظل عالقًا حتى الآن تاركًا نار الفراق والحيرة في قلوب والديه حتى يشاء الله أن يعود إليهما وتنطفئ نيران قلبهما بتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير.

"مليش في الدنيا غيره، كان حلم حياته يسافر خارج مصر، طلب مني مبلغ مالي تكاليف السفر رفضت خوفًا عليه من خطورة الهجرة غير الشرعية، وطلبت منه العيش معنا ولكنه رفض وبحث عن طريقة أخرى للسفر بدون تكاليف، ووجع قلبي عليه" كلمات اختلطت بالدموع بدأ بها "فرحات السيد عوض" ابن قرية الحجناية التابعة لمركز دمنهور بمحافظة البحيرة، والد الشاب "عاصم" ضحية الهجرة غير الشرعية، حديثه لـ"صدى البلد"، مضيفًا: "أنا راضي بقضاء الله وقدره ولكن كل ما أتمناه عودة جثته لدفنه في مقابر العائلة".

وسرد والد الشاب الضحية تفاصيل رحلة الموت التي وصل إليها نجله، قائلًا: "لديّ أربع فتيات وولد، وعاصم كان الإبن الوحيد وأقربهم إلي، وأن أخر مرة رآه فيها كان قبل خروجه من المنزل، حيث سلّم عليّ وعلى والدته وأخبرنا بأنه مسافر إلى مطروح ثم منها إلى دولة ليبيا من خلال الطريق البري".

وأضاف "فرحات"، أنه في اليوم التالي بعد عودته من العمل تفاجأ بجمعٍ لأهالي القرية أمام المنزل، وتلقّى الخبر من نجل عمّه حيث أخبره بأن نجله عاصم توفى أثناء محاولته السفر إلى ليبيا ولم يتم العثور على الجثة ومازالت مفقودة في البحر على حدود السلّوم حتى الآن، مضيفًا: "مصدّقتش نفسي، وفقدت الوعي من شدة الصدمة، وسافرت ومعي زوجتي بكل أمل أن نعود بالجثة ولكن لم يشاء الله حتى الآن".

وتابع بدموع منهمرة على وجنتيه: "وقفت على شاطئ البحر ومعي زوجتي للنداء عليه كي يستجيب النداء ولكن ظل عالقًا في أعماق البحر"، متابعًا "كلّمته وأنا واقف على شاطئ البحر قولتله أنا رفضت أدّيك تكاليف السفر لإني كنت خايف من اللحظة دي ياريتك سمعت كلامي، أكثر من ٧ أيام وحتى الآن لم يتم العثور على جثتك يا حبيبي قلوبنا بتموت كل يوم نفسنا ندفنك ونرتاح".

فيما روت والدة الضحية، تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل فقدها الاتصال بنجلها، قائلة إنه بعد مرور ساعة على أخر مكالمة هاتفية بينها ونجلها قبل ركوب المركب شعرت بألم في قلبها وأن نجلها ليس بخير، وحاولت الاتصال به ولكن انقطع الاتصال، مضيفة: "توضأت وتوجهت إلي الصلاة والدعاء لله أن يحفظه لكن قضاء الله نفذ ".

وأضافت الأم وسط حالة من الحزن الشديد والبكاء: "كان وحيد على أربع بنات وحنيّة الدنيا كلها فيه، ابن موت من يوم ما اتولد، كان حلم حياته السفر خارج مصر، وكان عايش بين إخواته زي الحمامة كله سلام وخير وحنّية"، لافتة إلى أنه منذ تخرّجه من الثانوية وهو يسعى إلى السفر خارج مصر، وقبل وفاته بأسبوع أخبرنا أنه اتفق مع سمسار على طريقة السفر إلى ليبيا وتكاليف السفر يتم تسلّمها بعد الوصول إلى ليبيا وأنه اتفق مع ٣ من أصحابه في القرية للسفر أيضًا، فانهارت من البكاء أمامه وأكدت له بأنها لا تستطيع العيش من دونه وطلبت منه أن يصرف نظره عن فكرة السفر ولكن رفض وأكد لها أنه لا يوجد خوف أو ضرر من طريقة السفر وأنه سيقوم بالسفر من خلال الصحراء وليس البحر".

وتابعت الأم المكلومة، أنه منذ خروجه من المنزل وهي على تواصل دائم معه حتى وصوله محافظة مطروح وبعد ذلك انقطع الاتصال، ثم عاد مرة أخرى وتواصلت معه وأخبرها بأنه على شاطي السلوم في انتظار ركوب المركب، مضيفة: "استغربت وسألته عن سبب تغيير طريقة السفر من بري إلى بحري، فرد بأن البحري المتاح حاليًا وأن الدليل طمأنهم بأنها ساعات وسيكون في ليبيا، وأكد عليّ بأنه سيتواصل معي فور الوصول".

واستطردت: "بعد ساعة من المكالمة قلبي اتقبض واتخنقت وحسّيت إن ابني مش بخير، وحاولت الاتصال به ولكن انقطع الاتصال تمامًا فانهرت من البكاء وتوضأت واتجهت للصلاة والدعاء وبعد انتهاء الصلاة تلقيت خبر الحادث من خلال اتصال من أحد أقاربنا".

واستكملت الأم حديثها: "لم أستطع تحمّل صدمة الخبر وفقدت الوعي، وبعد ما فوقت أخبروني بأن جثته مازالت في البحر ولم يستطيعوا العثور عليه حتى الآن، وسافرت مع والده ووقفت على البحر أنادي عليه لكن مطلعش ليا وسابني قلبي محروق عليه".

وناشدت والدة الشاب الضحية، رئيس الجمهورية، بسرعة التدخل لتكثيف الجهود المبذولة للعثور علي جثة نجلها، قائلة: "راضية بقضاء الله وقدره، لكل كل ما أتمناه الآن العصور على جثة ابنى ودفنها، أنا متأكدة إن الريس السيسي هيحس بوجع قلوبنا ويساعدني كي يتم العثور على الجثة من داخل البحر".

كان غرق مركب هجرة غير شرعية في البحر المتوسط وعلى متنها مجموعة من الشباب المصريين، ما أدى إلى وفاة 7 أشخاص؛ 6 من الصعيد الفيوم وسوهاج، وواحد من البحيرة، والجثامين هم: رفيع سيد أحمد 19 سنة من قرية الشوالة وحسن حمدى حسن 18 سنة، من قرية كوم بدار بمحافظة سوهاج ، وشعبان محمد صادق 60 سنة من قرية مينا الحيط، بمركز أطس وإبراهيم سعيد محمد 16 سنة وهما من محافظة الفيوم، وجمال عمر محمود 23 سنة من المنشآه، وحسن محمود بخيت، من البادية بمحافظة سوهاج، وأحمد عبدالسلام سعد 14 سنة من مركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة.

اقرأ أيضا :- الذهب الأحمر.. الفراولة البحراوي تتصدر الأسواق العالمية.. والمزارعون: نفتقر لدعم الدولة.. فيديو