الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عام الفصل


مع غروب خطى العام، تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي  بحكاوي 365 يوما من الفرحة أو الدمعة.. فهذا ينشر "نكات" في ظاهرها بسمة وباطنها ألم لا يحكى.. وتلك ترهن آمالها وأحلامها على سنة جديدة وتتمنى لو تعوضها الأيام الآتية بسعادة غير منتظرة.. وهؤلاء يسردون كشف حساب لكل تفصيلة كبيرة وصغيرة مرت عليهم  معلقين آمالهم على معجزة تخلصهم من تلابيب أوجاعهم..

والغريب أن معظم من سبق ذكرهم غفل أو تغافل أن ما فعله فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة لم يغير من مخططات العالم ومستقبله فحسب بل بدل مصائر الكبار والصغار دون سابق إنذار!  .. 

فمن يتمعن في أحوال الكون خلال 12 شهرا فقط يدرك أن السنوات دوارة، فلا حزن دائم ولا فرح باق!.. 
تعالوا معًا نرصد أحوال البلدان والعباد تحت وطأة جائحة باغتتنا عنوة، فقلبت طاولة العالم، ليصبح 2020 عاما فاصلا في تاريخ البشرية، فلا أعنف أزمات الكرة الأرضية بقيت على حالها، ولا دول كبرى نجت من ويلاته.. 

وأبسط دليل على ما أقول تلك الكارثة الكونية المسماة "بثقب الأوزون" والتي عجز كافة حماة وعلماء البيئة على الخلاص من مخاطرها، ولم يتصور أحدهم أن يكمن الحل في كوفيد19.. حين أجبر العالم على تعليق الطيران، فالتأم ثقب الأوزون في خمسة شهور بالعدد .. وكأن تلك الجائحة ليست إلا احتجاجًا على أخطاء بني البشر في حق الطبيعة!

ولو تابعنا الأزمات المعيشية جراء العزلة المنزلية التي فرضها الوباء اللعين وجدنا زيادات مطردة لحالات العنف المنزلي  وهو ما رصده تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة.. فضلًا عن  فقدان حوالي 147مليون شخص في العالم لوظائفهم وفقًا لدراسة أجرتها جامعة سيدني الاسترالية!

وإذا انتقلنا إلى كبار الدول التي تحولت مدن بعضها لمستشفيات ميدانية بل ومقابر جماعية لضحايا الوباء اللعين، وركزنا في مشاهد الفيديوهات بما تحمله من صدمة كبار مسئوليها في مجابهته بعدما أصاب ما لا يقل عن 77.6مليون شخص ، توفى منهم نحو 1.7 مليون حتى الآن، دون أن يأخذ ذويهم فرصة ليودعوهم بنظرة أخيرة أو حتى قبلة يضعونها على جبينهم..لابد وحتمًا أن نكون على يقين أن استقبال أي منا لعام جديد مع أهله وناسه هو نعمة في حد ذاتها تستوجب شكر المولى ليل نهار والدعاء بدوامها، لأنها ببساطة رزق لا يعوضه مناصب و لا أموال العالم أجمع! .. 

وعرفنا أن مصرنا الحبيبة هي أم الدنيا  في إدارة الأزمة الكورونية  بما وفرته من تجهيزات صحية، ومخزون استراتيجي لكل ما نحتاجه من سلع غذائية، فضلًا عن ما اتخذته الحكومة من حزمة قرارات اقتصادية صبت جميعها في صالح المواطن بل وصرفت مبلغا شهريا كإعانة لأصحاب العمالة المؤقتة الذين فقدوا وظائفهم نتيجة فترة الحظر.. وهو ما فشلت في تحقيقه دول كبرى عدة!..الأمر الذي يجعلنا نفخر بدولتنا ورئيسنا..
 
وبعد كل ما حملته 2020 من دروس يقشعر لها الجبين.. ألم يأت الأوان أن نكف عن رسم تفاصيل وهوامش غد في علم الغيب.. أن نتوقف عن إهدار أعمارنا في قلق ومخاوف مبنية على حسابات اليوم؟! فمن يستوعب جيدًا المحنة الكورونية يضحك كثيرًا على أوقات قضاها في وصلات بكاء على أهداف ربما تدخل في نطاق المحال على حد تحليلات الواقع.. لكن الأكيد أن من أصلح ثقب الأوزون في بضعة أشهر قادر على تحقيق الأحلام بين ليلة وضحاها..

أعتقد أن من لم يتعلم من تلك السنة الكبيسة، ويستوعب جيدًا أن كل شيء قابل للزوال، فلا يستسلم لوضع خذله ولا يغتر بحاضر رفعه.. فلم ولن يتعلم أبدًا ..وكما جاء في قوله تعالى بسورة الحديد بسم الله الرحمن الرحيم "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور" صدق الله العظيم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط