ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة بشأن دور الإعلام العربي في الوقت الراهن، في ضوء الأوضاع الإقليمية والعالمية المُحيطة، وذلك خلال فعاليات منتدى الإعلام العربي 2020، في دورته التاسعة عشر التي تقام افتراضيًا، توجه في مستهلها بالتحية للمشاركين في المنتدى السنوي، الذي يُعقد تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.
أشار رئيس الوزراء إلى أنه تم تحقيق معدل نمو إيجابي رغم تحديات الجائحة، حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي 3.6%، وذلك خلال العام المالي 2019 /2020، على الرغم من تباطؤ العديد من الأنشطة بفعل تأثير الأزمة، مثل: السياحة، والصناعة، وتجارة الجملة والتجزئة.
وأضاف أن تقديرات المؤسسات الدولية عكست صلابة الاقتصاد المصري، حيث توقع البنك الدولي تعافى نمو الاقتصاد المصري إلى مستويات ما قبل أزمة جائحة فيروس "كورونا" وتحقيقه معدلًا يصل إلى 5.8% خلال العام المالي 2020 / 2021 ، كما اشاد الصندوق بما تحقق في خفض معدلات الدين للناتج المحلي من ١٠٨٪ في العام المالي ٢٠١٦ / ٢٠١٧، إلى ٨٨٪ بنهاية يونيه ٢٠٢٠، وتحقيق فائض أولى ١,٨٪ في العام المالي الماضي، بينما تضاعفت في الدول الناشئة الأخرى وغيرها معدلات الدين والعجز، وجاء نموها بالسالب، وأوضح أن البنك الأوروبي لإعادة الاعمار
أشار إلى أن الاقتصاد المصري يُعد الوحيد بين اقتصادات دول عمليات البنك الذي يتفادى الانكماش الاقتصادي عام 2020 مدعوماُ بالإنشاءات الحكومية الكبرى وبنمو قطاع الاتصالات.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أنه في إطارِ سعيِ مصرَ لمواكبةِ التطورِ التكنولوجيِّ الهائلِ ضمنَ رؤيةِ مصرَ 2030 ، فقد حقَّقَتْ مِصرُ تقدمًا كبيرًا في هذا الصددِ، فقدْ نجَحَتْ في التقدمِ 34 مركزًا عالميًّا في مؤشرِ جاهزيةِ الحكومةِ للذكاءِ الاصطناعيِّ 2020 فصارَتْ في المرتبةِ 56 مِنْ بينِ 172 دولةً كمَا أحرزَتْ مصرُ تقدمًا في مؤشرِ جاهزيةِ الشبكاتِ، والذي يُقدِّمُ إطارًا شاملًا لتقييمِ التأثيرِ متعدِّدِ الأوجهِ لتكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالاتِ على الأفرادِ والدولِ، وذلكَ مُقارنةً بالعامِ الماضِي بالإضافةِ إلى تقدمِهَا بمقدارِ عشْرةِ مراكزَ في مؤشرِ المعرفةِ العالميِّ 2020 ، مقارنةً بالعامِ الماضِي، لافتًا إلى أنه يتم العمل على استغلالُ هذهِ الميزاتِ، ببذلِ مزيدٍ مِن الجُهدِ بخطواتٍ مُتسارعةِ للوصولِ بمصرَ إلى مصافِّ الدولِ المتقدمةِ.
وأشار مدبولي إلى أنه لَمَّا كانَ للإعلامِ دورُهُ الكبيرُ في التوعيةِ والتثقيفِ ، فعلَى القائمينَ عليهِ وضعُ برامجَ تجذِبُ الشبابَ لتوضيحِ قيمةِ الوطنِ، ومعنَى الوطنيةِ والمواطنةِ الحَقَّةِ، وترسيخِ فكرةِ التسلُّحِ بالعلمِ والمعرفةِ الملائمةِ للحاضرِ والمستقبلِ، واحتوائِهِمْ وإدماجِهِمْ في الحياةِ السياسيةِ، تفاديًا لانجرافِهمِ وراءَ الجماعاتِ الإرهابيةِ بأفكارِهَا المتطرفةِ، وتعليمِهِمْ معنَى الإيجابيةِ في الحياةِ، لِأَنَّهُمْ أملُ الأوطانِ في غدٍ مشرقٍ، وعلَيْهِمْ يكونُ الاعتمادُ الفعليُّ في عمليةِ بناءِ الأوطانِ وتنميتِهَا.
وأكد رئيس الوزراء أنه علَى إعلامنا العربيِّ بوجه عام مهمة كبرى هي القيامُ بدورٍّ توعويٍّ لتأكيدِ أهميةِ الحفاظِ على الأوطانِ، فالإنسانُ بِلَا وطنٍ لا قيمةَ لَهُ يضيعُ بضياعِ وطنِهِ ماضِيْهِ، وحاضرُهُ، ومستقبلُهُ، وعلَى الإعلامِ العربيِّ كذلِكَ أنْ يقومَ بدورٍ مُهمٍّ في رَأْبِ الصَدْعِ بينَ الحكوماتِ وشعوبِهَا، وأنْ تُسندَ هذهِ الرسالةُ إلى إعلاميينَ عربٍ على قدرٍ عالٍ مِن الثقافةِ والوعِي والوطنيةِ مُهتَمينَ بالشأنِ العربيِّ، ومدركينِ خطورةَ الموقفِ الذِي نعيشُهُ، مشددًا على أن الإعلامُ حائطُ صدٍّ منيعٍ في وجهِ كلِّ التياراتِ الهدَّامةِ سواءً في الداخلِ أوْ في الخارجِ، إذا مَا أجاد القيام بمهامه، وإذا أردْنَا إعلامًا عربيًّا حقيقيًّا يَمُدُّ جسورَ التواصلِ بينَ الشعوبِ العربيةِ مِن الخليجِ إلى المُحيطِ فعلَيْنَا تفعيلُ ميثاقِ الشرفِ الإعلاميِّ ومتابعةُ كلِّ مَا يحدُثُ مِنْ تطورٍ تِقَنِىٍّ في وسائلِ الإعلامِ العالميةِ، وتوظيفُهُ لصالحِ المواطنِ العربيِّ مِنْ خلالِ تقديمِ مُحتوًى يتفقُ معَ قِيَمِنَا وتقاليدِنَا، وأعرافِنَا، وتاريخِنَا المشتركِ، وحاضرِنَا المعاصِرِ، ومستقبلِنَا الذي نتطلَّعُ إليهِ جميعًا، فالإعلامُ أداةُ وَصلٍ لا فَصْلٍ.
وفي ختام كلمته أكد رئيس الوزراء أننا إذا كُنَّا نعانِي حاليًّا منْ جائحةِ كورونَا، فنحنُ نعانِي كذلكَ ومنذُ فترةٍ ليستْ بالقصيرةِ، منْ جائحةِ المعلوماتِ المضلِّلَةِ، ونظرياتِ المؤامرةِ على الشُّعوبِ، وخطابِ الكراهيةِ المتنامِي، الذِي يَتِمُّ نشرُهُ منْ خِلالِ بعض وسائلِ الإعلامِ سواء عن قصدٍ أو جهل، وكذا وسائلَ التواصلِ الاجتماعيِّ، مؤكدًا لهذا أنَّ المسؤوليةَ تقعُ على عاتقِنَا جميعًا أفرادًا وحكوماتٍ، في مكافحةِ مثلِ هذهِ الجائحةِ المعلوماتيةِ المضللة، بتعزيز نشر الحقائق، والعملِ علَى الارتقاءِ بالمنظومةِ الإعلاميةِ بوجه عام، داعيًا الله عز وجل أن يحفظ مصر والدول العربية من كل سوء، وأن يوفق هذا المنتدى، لما فيه صالح الأوطان.