الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأزمة الاقتصادية للزواج


تابعت هذا الأسبوع حديثا شيقا عبر الفيسبوك حول نيش السفرة ومكوناته التى تبقى فيه , يتوارثها جيل عن جيل دون ان تستخدم , ولفت انتباهى رد خبيرة اقتصادية عن الموارد الاقتصادية المعطلة والمتمثلة فى قيمة هذه المشتريات التى لا تستخدم , فهى بالفعل مجرد ديكور اجتماعى لا أكثر , ولكنه ديكور على حساب اقتصاديات الاسر المصرية الغنية والفقيرة على حد سواء , مما دعانى لفتح الحديث مرة أخرى حول تكاليف الزواج المبالغ فيها والموارد الاقتصادية المهدرة .


فالزواج الذى يمثل مرحلة انتقالية من حياة يكون الفرد فيها مسئولا عن نفسه فقط الى مرحلة يكون فيها كل فرد مسئولا عن نفسه وعن غيره , ويليها مرحلة أخرى تابعة لها يكون كلا الزوجين مسئولين عن الابناء وعن الكيان الاقتصادى للاسرة , وكان من الطبيعى ان تتسم هذه المرحلة بالحرص أكثر من ذى قبل على الموارد الاقتصادية الا انها تبدأ بفرض الزوج والزوجة على أنفسهم وبالتبعية على أسرهم  الكثير من الاعباء المادية دون حاجة لذلك.
مما يحول مشروع الزواج الى مشروع لاستهلاك مدخرات كلا الاسرتين.


والعائد الاقتصادى لذلك لا يزيد عن صفر , فكل الاشياء المبالغ في عددها وقيمتها والتى تحتاج الى سنوات طوال لاستهلاكها هى تعطيل لموارد مالية كان من الممكن ان تغير حياة الزوجين مستقبلًا , ناهيك عن كونها استهلاكا لمدخرات أو ديون تُنهك كاهل الاباء والامهات لسنوات , حتى بات تجهيز الشباب للزواج من أسباب معاناة كل الاسر الغنية والفقيرة على حد سواء , وعن نفسى قيمة طقم الصينى الذى اشتريناه عند زواجنا كانت قيمته المادية تساوى مائة جرام ذهب وقتها , ثمنه اليوم بعد بقائه سنوات طويلة فى متحف النيش لدينا لا يتعدى قيمة أربعة جرامات ذهب .


لذا أتمنى ان يتم إعادة تقييم مشتريات الزفاف والحياة الزوجية بصفة عامة , فلا يوجد زوجان فى أى دولة أوربية غنية يشترى فيها الزوجان حجرة نوم لأطفال فى علم الغيب , ناهيك عن تعطيل قيمة الحجرة لمدة عامين على الاقل حتى يحتاج اليها اول طفل ان رزقهما الله بأطفال سريعًا , فعلى سبيل المثال من اشترى حجرة أطفال بعشرة الاف جنيه قيمتها عندما يلجأ اليها ستكون تناقصت للنصف وصارت قديمة , بالاضافة الى تعطيل مبلغ عشرة الاف جنيه لمدة عامين دون جدوى , لو وضعهم وديعة فى أى بنك دون أى استثمار أكثر ربحية فسوف يشترى حجرة أطفال جديدة عندما يحتاج اليها وبتكلفة أقل .


أضف الى ذلك قائمة المائة كوب شاى والمائة صينية والمائة طبق والمائة طقم سرير والمائة ملعقة وغيرها من مئات الاشياء التى تُبلى قبل ان يستخدماها , ويتم إهدار الاموال فيها لمجرد التباهى والتفاخر الفارغ بين الناس، وبالطبع الثلاث حجرات المفروشة بكل شيء والمطبخ بغسالة الاطباق وغسالة الاطفال الذين لم يولدوا بعد، وغيرها من عجائب الزيجات فى مصر وبعض الدول العربية التى تنافسنا فى التفاخر والتباهى على حساب النفس والوطن.


ومن هنا وجب علينا ان نراجع أنفسنا فى ترشيد تكاليف الزواج , والانفاق بعقلانية وتحضر , فإذا كان هناك من يعتقد ان البذخ فى الانفاق مرتبط بالحسب والنسب فلا توجد امرأة أفضل من سيدتنا السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها حسبًا ونسبًا , والتى تزوجت سيدنا الامام علي كرم الله وجهه وكانت شبكة الزواج خاتما من حديد، والوليمة كانت "شاه" تمت إقامة حفل عليها لكبار الصحابة رضى الله عنهم , وفرش المنزل كان أبسط من أبسط فرش فقير فى يومنا هذا .


ولذا على رجال الدين ورجال علم الاجتماع والثقافة ان يتبنوا موضوع تيسير متطلبات الزواج،  وان كان منا من لن يقتدِ بسيدنا علي والسيدة فاطمة فليقتدوا بأى زواج فى أى دولة أوربية , فمتطلبات الزواج عندهم خاتم زفاف واحد وليس علبة مصوغات ذهبية توزن بالكيلو جرام , ومنزل الزوجية لديهم منزل صغير يكاد يتسع لهما فى معظم الحالات عبارة عن حجرة واحدة مرتبط بها حمام ومطبخ , ولا يوجد نيش سفرة عبارة عن متحف للصينى والفضيات والاكواب الباهظة الثمن .


هذا إذا أردنا ان نيسر على أنفسنا ونرحم أنفسنا من استهلاك مدخراتنا ان كان بقى منها شيء،  أو نرحم أنفسنا من الاستدانة لكى نزوج أبناءنا وبناتنا دون أى داع لذلك , فكم من غارم وكم من غارمة بسبب زواج الابناء والبنات. عفانا الله من الديون وأعبائها . 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط