الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بور سعيد بلد الأبطال


64 عاما على ملحمة صمود المصريين وأهالي بورسعيد في مقاومة العدوان الثلاثي والذي قدم فيه أبطال المدينة الباسلة قصص البطولات والتضحيات فى سبيل الدفاع عن أرض الوطن وعزته وكرامته.


بعد مؤامرة تشابكت فيها المصالح والاطماع الاستعمارية،  فكان الزعيم جمال عبدالناصر يطمح بعد أن تمكن من طرد الاحتلال الإنجليزي من مصر بموجب اتفاقية الجلاء في بناء دولة مصرية قوية وبالفعل تقدمت مصر بطلب للبنك الدولي للحصول على تمويل لبناء السد العالى الذى كانت تعقد عليه امالا كبيرة لتحقيق طفره اقتصادية تنموية بعد رفض الولايات المتحدة الامريكية تمويل المشروع رغم اهميته وقوبل طلب مصر للمؤسسة الدولية بالرفض مجددا في محاولة للضغط عليها ومعاقبتها علي مساندتها حركات التحرر وتوجهها  للتسليح من الاتحاد السوفيتي المنافس اللدود لأمريكا والغرب في اطار الحرب الباردة وذلك بعد رفض بريطانيا والولايات المتحدة الطلب المصري لشراء اسلحة بما يصب لصالح ترسانة الاسلحة الاسرائيلية وقوتها العدائية بالمنطقة.

 
وكان لابد من المواجهة امام هذا التحدي فأعلن الزعيم جمال عبد الناصر في ميدان المنشية وسط حشد جماهيري كبير تأميم قناة السويس لتمويل السد العالي وفرض سيطرة الدولة المصرية وسيادتها علي اهم شريان تجاري عالمي. 


وجاء قرار التأميم بمثابة ضربة سياسية واقتصادية فقد كانت القناة بالنسبة لبريطانيا أقصر الطرق نحو الهند ومستعمراتها فى شرق أفريقيا وجنوب آسيا علاوة علي امتلاكها40%من أسهم الشركة ومرور حوالى70%من سفنها  فى هذا الممر الملاحى الهام وبالنسبة لفرنسا كان لها مصالح إدارية واقتصادية حيث تخضع لادارة فرنسية ويمتلك حوالي ربع مليون فرنسى أسهما فى الشركة اضافة لسفنها فى القناة.


وتوحدت الاهداف فبريطانيا وفرنسا تجرعتا المرارة جراء سياسات ناصر الذي هدد النفوذ البريطاني بعد البدء في تنفيذ اتفاقية الجلاء عن مصر وتحالفه مع السوفيت  ودعمه الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي ومؤازرته الحركات التحررية في افريقيا ودول العالم الثالث ضد كافة اشكال الاستعمار مما كان له دور كبير في تأجيج غضب الدول الاستعمارية وتغيير خريطة منطقة الشرق الاوسط الاستعمارية بالاضافة لاسرائيل التي اثار حفيظتها دعم مصر للقضية الفلسطينية وتوقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي  لتزويدها بالأسلحة ورأت فيه تهديدا لتفوقها العسكري. 


وتلاقت مقاصد الدول الاستعمارية واتفقوا على مهاجمة مصر وتم وضع خطة لاستخدام القوة العسكرية أُطلق عليها سيفرز وبدأ تنفيذ المؤامرة بمهاجمة القوات الإسرائيلية الحدود المصرية في 29 أكتوبر 1956 واتجاهها الي قناة السويس فأنذرت بريطانيا وفرنسا كلا من مصر وإسرائيل وطالبتهما بالانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس والقبول بقوات بريطانية فرنسية  لحماية الملاحة في القناة.


رفضت مصر الإنذار وهاجمت القوات الإنجليزية والفرنسية منطقة القناة اضافة الي اسرائيل  وبدأت الملحمة الشعبية لاهالي ببورسعيد تحت إشراف الرئيس جمال عبد الناصر والذي كلف كلا من زكريا محيي الدين وكمال الدين حسين وصلاح سالم بالقيادة المباشرة.


مقاومة شعبية شارك فيها متطوعون من كافة شرائح المجتمع اطباء، مهندسين، طلبة مدارس وجامعات، رجال دين، عمال وفلاحين وسيدات بجانب ضباط وجنود الجيش والشرطة وكانت الروح الوطنية حاضرة بقوة تشكل نسيجا بديعا.


ومعركة ضارية بطولية بكل مقاييس الزمان والمكان رغم الفوارق الكبيرة فى موازين القوة العسكرية سقط فيها الشهداء وتوقف امام بطولاتهم الملحمية التاريخ واستبسال حرك العالم ضد العدوان وضغط عربي ودولي وتحديدا من الاتحاد السوفيتي الذي وجه انذارا الي بريطانيا وفرنسا واسرائيل واستهجنت امريكا العدوان نتيجة هذا الضغط مما ادي لوقف اطلاق النار بعد ان وافقت مصر على قرار الأمم المتحدة بوجود قوة طوارئ دولية على الحدود الفاصلة بين مصر واسرائيل وفي 23 ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد وفرضت سيطرتها الكاملة على قناة السويس.محققة نصرا سياسيا ضخما لإدارتها الأزمة سياسيا ودبلوماسيا وشعبيا ببراعة أظهر فيه جمال عبد الناصر ثباتا قويا وامتلك قدرة كبيرة من الذكاء والحكمة وانتصار غير معادلات القوة في العالم ومنطقة الشرق الاوسط وانتهت الهيمنة البريطانية والفرنسية.


بورسعيد كانت نقطة القوة وكلمة السر بجميع الحروب التى خاضتها مصر فى العصر الحديث وتصدر اهلها المشهد فى مقاومة العدوان الثلاثى وتأكيد مصرية قناة السويس.  ملحمة كبيرة كانت حتي وقت ليس بالبعيد عيدا لمصر والمصريين حتي طمست في عهد سابق  وتحولت الي عيد قومي للمحافظة الي ان تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم ليضع بورسعيد علي رأس اولويات المشروعات التنموية بعد ان ظلت مهملة وباهتمام كبير يتم ترجمته بافتتاحات لعدد من المشروعات الاقتصادية الكبيرة بها  وأتمني  ان يتم التركيز علي هذه الذكري الغالية بقصص الكفاح والصمود لاهالي المدينة الباسلة  في كتب التاريخ للمراحل التعليمية المختلفة حتي لا ينسي الجيل الجديد فصلا هاما من فصول كفاح المصريين.. تحية لكل ابناء بور سعيد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط