الحكايات والأسرار في حياة المشاهير والأدباء والمثقفين، كثيرة وغالبًا ما يكون لها انعكاس مباشر أو غير مباشر على إبداعاتهم ومنتجهم الثقافي والإبداعي.
"صدى البلد" يسلّط الضوء من
خلال باب "حكايات من زمن فات"، على المواقف والكواليس التي أثرت على
مسيرة وإبداع هؤلاء العظماء.
من بين هؤلاء الفنان الكبير صلاح ذو الفقار ، الذى تحل اليوم ، الثلاثاء الموافق 22 ديسمبر، ذكرى وفاته التي توافق 22 / 12 /1993، ونستعرض فى هذا
التقرير تهريبه للرئيس الراحل محمد انور السادات من السجن ومشاركته فى الكفاح ضد
الإنجليز فى المعركة التى كانت سببا فى اختيار 25 يناير عيدا للشرطة المصرية .
ولد صلاح ذو الفقار في 18 ديسمبر عام
1926، في المحلة الكبرى لأب ضابط شرطة برتبة عميد، وكان الأخ الخامس لأربعة أشقاء
"محمود-عز الدين- كمال- ممدوح".
رسمت الأقدار طريقًا مغايرا لما كان
يصبوا إليه ذو الفقار، حيث كان يحلم بدخول كلية الطب في القاهرة، لكن للأسف درجاته
كانت أقل بثلاث درجات من المطلوب للالتحاق بها، فالتحق بكلية طب الإسكندرية، وبعد
بدء الدراسة بشهرين فقط مرض والده وتوفي على أثر المرض، وكان صلاح شديد الارتباط
بوالده، وطال مكوثه في القاهرة أثناء المرض وبعد الوفاة، ارتفعت نسبة غيابه عن
الكلية وتم فصله .
لم يكن أمامه سوى التقدم إلى كلية
"الشرطة" بأوراقه، واجتاز الاختبارات، وتخرج "ذو الفقار"، عام
1946، من كلية الشرطة ضمن دفعة الوزراء "أحمد رشدي - النبوي إسماعيل - زكي
بدر"، وعمل في سجن طرة، كما تم تعيينه مدرسًا في كلية الشرطة.
يعتبر صلاح ذو الفقار أحد أبطال معركة
25 يناير 1952 التي ظهر فيها بسالة وشجاعة رجال البوليس ضد البريطانيين . في ذلك
اليوم تم حصار قسم الشرطة الصغير المجاور لمبني محافظة الاسماعيلية من قبل قوات
الجنرال " أكسهام " وكان عددهم سبعة ألاف جندي أنجليزي مزودين بالاسلحة
والدبابات ومدافع الميدان.
بينما كان عدد الجنود المصريين لا يزيد
عن 800 جندي في الثكنات و80 جندي داخل مبني القسم والمحافظة لايتعدي تسليحهم
البنادق القديمة ، صمد رجال الشرطة في تلك المعركة وقاوموا ببسالة حتي أستشهد منهم
خمسون جندي وظل ثلاثون أخرون مصابون يقاومون القصف حتي نفذت ذخيرتهم ..
وبعد انهيار جدران القسم والمحافظة طلب
الجنرال" أكسهام " من الجنود والضباط الخروج من القسم رافعي الايدي
مستسلمين ألا أنهم رفضوا وقرروا المقاومة لآخر قطرة دماء وصنعوا بشجاعتهم ملحمة
فداء ووطنية في حب مصر وكان صلاح ذو الفقار الضابط الصغير أحد الضباط الصامدون
بتلك الموقعة الشهيرة عام 1952.
وقع الاختيار علي ملازم أول صلاح ذو
الفقار لحراسة المتهم محمد أنور السادات الذى كان مشتبها فى اشتراكه فى حادث
اغتيال أمين عثمان رئيس جمعية الصداقة البريطانية، الذي حكي له أنه كان ضابطًا في
القوات المسلحة وتم فصله من الخدمة بسبب اشتراكه في اغتيال أمين عثمان وبعض عملاء
الإنجليز.
ولمس ذلك الحديث وطنية صلاح ذو الفقار وحرك مشاعره فقام بتهريب "السادات" عدة مرات الأولي في سجن مصر العمومي، والثانية في قاعة محكمة باب الخلق للجنايات، وبالرغم من فشل الخطة في المرتين لم ييأس "ذو الفقار" وقام بتهريبه للمرة الثالثة من داخل مستشفى مبرة محمد علي الخيرية، مما أدي إلي محاكمته عسكريًا، ولكنه استطاع الخروج من تلك الأزمة التي لحقت به بسبب موقفه الشهم مع أحد الضباط الشرفاء، وذلك بعد تدخل وزير الحربية والداخلية حيدر باشا الذي طلبه ضمن مجموعة من الرياضيين للالتحاق بفريق الملاكمة بنادي الزمالك.