الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجال للتشريع من داخل الجامعات


تلقيت اليوم بسعادة غامرة نبأ ترقية الصديق الدكتور عماد الفقى، عميد كلية الحقوق جامعة السادات السابق، لدرجة "أستاذ"، وهو واحد من أهم الباحثين المتخصصين فى القانون الجنائي ممن ظهروا خلال العقدين الأخيرين، بشهادة أساتذة هذا الفرع المهم، وتقدير كافة المؤسسات التى تعاملت معه واستفادت بخبراته.


"الفقى" الذي زاملته متأخرا، عن بعد، قبل أكثر من عشرين عاما، بجامعة عين شمس، رغم اختلاف تخصص كل منا، وكنت أدرس التاريخ فى كلية الآداب وأمارس "التزويغ" إلى سمنار علم الاجتماع وكذا محاضرات القانون الجنائي بمدرج حقوق سفلي، نال الأستاذية بتقدير جيد جدا عن خمسة أبحاث مهمة اعتبرتها اللجنة العلمية بعد تحكيمها إضافة حقيقية للمكتبة القانونية.


أبحاث الترقية للفقى كانت عن النظم البديلة للحبس قصير المدة.. دراسة مقارنة، الاتجاهات الحديثة في إدارة الدعوى الجنائية – دراسة في النظام الإجرائي الفرنسي، تطبيق المعاهدات الدولية أمام المحاكم الجنائية، مبدأ تقيد المحكمة الجنائية بحدود الدعوى فى ضوء أحكام النقض، ونظرية العقوبة المبررة.. دراسة تحليلية تطبيقية مقارنة، وتم نشرها بعدد من المجلات الدورية العلمية.


للمرة الأولى حدثت القراء عن "الفقى" حينما كتبت عن أول رسالة دكتوراه عن جريمة التعذيب فى مصر وحمل بحثه فيها عنوان "المسؤولية الجنائية عن تعذيب المتهم"، وقد استقى منها كل الحقوقيين الذين تحدثوا عن هذه الجريمة وترجع أغلب إسناداتهم فى إدانة مرتكبيها إلى كتابات "الفقى".


ولأنه "فقى" بلغة الباحثين الأحرار أرباب مهنة البحث عن "الثغرات" وسد ثقوب العوار التشريعي فى قوانين لا يرقى كثير منها لبناء منظومة عادلة من العلاقات والقضاء فيها بين الناس، كانت أوراقه البحثية محل تقدير فى الأوساط الحقوقية ومطمعا لمفلسين استغرقوا زمنا فى تصديعنا بتصريحاتهم وبياناتهم حول عقوبات شتى، أبرزها عقوبة الإعدام، عقوبة الشهادة الزور، واغتصاب الحيازة وغيرها.


حينما ظهر "الفقى" قبل 15 سنة، كانت إقصاءات كلماته لأهل "الهري" فى القانون الجنائي على فضائيات الشو وصفحات الإثارة، وفى هدوء كانت خطوة حصوله على درجة أستاذ مساعد خارج الوسط الأكاديمي، إلى أن حظى طلاب جامعة السادات به بعدما اشتغل بالتدريس هناك، تاركا "سكاشن حلوان" ومنصات المؤتمرات التى أبهر رجال القانون والقضاء بحججه فيها، وهو من قضى من عمره سنوات فى البحث والاستقصاء والمقارنات، وتعلم على يديه كثيرون ممن عملوا بالوسط الشرطي والقانوني والقضائي وغيرهم.


نموذج "الفقى" ولا أزيد؛ ربما لا يظهر أمامك تحت قبة برلمان لتستفيد منه منظومة تشريعية فى إخراج قوانين عادلة دون ثغرات، وقد لا تراه فى سلطة تنفيذية تحتاج دواوين العدالة فيها إلى إضافات واسعة لرؤي وجهود وإسهامات أمثاله، ولو أن رؤية اختيار وزراء للعدل تتسع حدقتها لشملتهم وضمت العديد من أساتذة الجامعات بجانب رجال القضاء، وضمتهم موائد الحوار عند صياغة مشروعات القوانين كى لا يثار جدل حولها أو تلاحقها الطعون القضائية.


فى ظني سيكون "الفقى" ورفاقه من المنشغلين بالبحث العلمي الحقيقي فى تخصصهم سندا للمشرع ومؤسسات الدولة فلا يمكن تجاهل إسهاماتهم البحثية دون اعتراف بخسارة، وقد شهدت مصر فى وجود أهل التخصص والخبرة الميدانية إنجازات حقيقية، كمرحلة "المهندس" حسب الله الكفراوي فى الإسكان، و"الفنان" فاروق حسني فى الثقافة وداهية السياسة الراحل أسامة الباز مستشار الرئيس، وقبلهم "المهندس" عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق رحمه الله.


ترجمة جهود "الفقى" البحثية فى خدمة مهنة المحاماة مهمة أيضا، تكون بإصدار موسوعات ينتفع بها المحامون الشبان، وتبسيط مؤلفات يستفيد بها المهتمون بالثقافة القانونية من القراء، وعلى الجهات المختصة بنشر وطباعة هذه الإصدارات وترويجها بين جمهور الثقافة، إنتقاء الأعمال البحثية من المكتبات الجامعية دون إنتظار أو تباطؤ، وسيكون أثرها على ثقافة حقوق الإنسان نفسها أكثر نفعا، لنبني مواطنا يعرف حقوقه وواجباته.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط