لماذا لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب.. اتفق الفقهاء على أنه لا يجوزاقتناء وتربية الكلابإلا لحاجة، أولًا: كالصيد، ثانيًا: الحراسة، ثالثًا: أو للماشية، رابعًا: أو للزرع، خامسًا: ومساعدة الضرير، وغير ذلك من وجوه الانتفاع التي لم ينه الشارع عنها، ويجوز تربية الكلب الصغير الذي يتوقع تعليمه الصيد؛ أو لاتخاذه لهذه المنافع المذكورة، ولا ينبغي اتخاذه لغير ما ذكر من منافع.
وقالت دار الإفتاء، إنه جاء في السنة النبوية الشريفة ترتيب نقص الأجر علىاقتناء الكلابواتخاذها ما لم يكن ذلك لغرضٍ من أغراض الانتفاع التي أباحها الشرع؛ كالصيد والماشية والزرع؛ فقال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «مَنِ اتَّخَذَ كَلبًا إلَّا كَلبَ ماشِيةٍ أو صَيدٍ أو زَرعٍ انتَقَصَ مِن أَجرِه كُلَّ يَومٍ قِيراطٌ» متفق عليه مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفِي رواية أخرى: «قِيراطانِ».
وأضافت الإفتاء أنه قاسَ الفقهاء على هذه الأغراضِ غيرَها مِن وجوه الانتفاع الصحيحة؛ كحفظ البيوت وحراسة الدُّرُوب وغيرهما مِمَّا يُمكن أن يُنتَفَع بالكلاب فيه، على اختلافٍ بينهم في توسيع ذلك؛ نظرًا للعِلَّة المفهومة مِن الحديث وهي الحاجة، أو تضييقه؛ وقوفًا عند مَورد النص.
ونقلت الإفتاء قول الحافظ ابن عبد البر المالكي في "التمهيد": «وكذلك ما كان مثل ذلك، كما يُقتَنى للصيد والماشية وما أشبه ذلك، وإنما كُرِهَ مِن ذلك اقتناؤُها لغير منفعة وحاجة وَكِيدة؛ فيكون حينئذٍ فيه ترويع الناس وامتناع دخول الملائكة في البيتِ والموضعِ الذي فيه الكلب، فمِن ها هنا -والله أعلم- كُرِهَ اتخاذُها، وأما اتخاذها للمنافع فما أظن شيئًا مِن ذلك مكروهًا؛ لأن الناس يستعملون اتخاذها للمنافع ودفع المضرة قرنًا بعد قرنٍ في كل مصرٍ وباديةٍ فيما بلغنا والله أعلم، وبالأمصار علماء ينكرون المنكر ويأمرون بالمعروف ويسمع السلطان منهم، فما بلغنا عنهم تغييرُ ذلك إلا عند أذًى يَحدُث مِن عَقر الكلبِ ونحوه».
فقد ورد في ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان -واللفظ للبخاري- من حديث أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه: «لا تَدخُلُ المَلائِكةُ بَيتًا فيه كَلبٌ ولا صُورةُ --أي: تماثيل تعبد من دون الله-»، غير أن العلماء متفقون على أن هذا الحديث ليس على ظاهر عمومه، وأنه يُستثنَى مِن ذلك الحَفَظَةُ ومَلَكُ الموت وغيرُهم مِمَّن لا يُفارِقُون ابنَ آدم، ثم اختلفوا: هل هذا خاصٌّ بالكلاب التي لا يُؤذَن في اقتنائها، أم أنه عامٌّ في كل الكلاب: على قولين، أرجحهما الأول؛ بقرينة الإذن، على أن مِن العلماء مَن يخصص ذلك بملائكة الوحي، فيكون ذلك خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأشارت إلى أن العلماء أن سبب نقصان الأجر هو امتناع الملائكة مِن دخول البيت بسببالكلب، لأن رائحته كريهة، والملائكة تكره الرائحة الخبيثة، وقيل: لِمَا يلحق المارِّين مِن الأذى مِن ترويع الكلب لهم، وقيل: عقوبةً لاتخاذ ما نُهِيَ عن اتخاذه وعصيانه في ذلك، وقيل: لِما يُبتَلى به مِن ولوغه في غفلة صاحبه ولا يغسله بالماء.
وأوضحت: أما بالنسبة لنجاسة المكان الذي يوجد فيه الكلب: فجمهور الفقهاء يرون نجاسة الكلب مستدلين بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» متفق عليه، ويرى الإمام مالك طهارته؛ لأن كل حيٍّ طاهرٌ عنده، وأَوَّلَ هذا الحديثَ بأنه على سبيل التعبد من غير علة، وعلى قول الإمام مالك يكون مكان الكلب طاهرًا.
وأفادت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكمتربية الكلاب بغرض الحراسة؟»بأنه لا مانع من اقتناء الكلاب التي يحتاجها المكلف في حياته وعمله، بشرط ألَّا يروع الآمنين أو يزعج الجيران، منوهة إلى أن اقتناء الكلب المحتاج إليه لا يمنع مِن دخول الملائكة على قول كثيرٍ من أهل العلم، موضحة: أما عن نجاسة الكلب ومكانه فيمكن الأخذ في ذلك بمذهب المالكية في القول بطهارة الكلب، ويُنصَح بوضعه في حديقة الدار إن وجدت، وإلَّا فليجعل الإنسان لنفسه في بيته مُصلًّى لا يدخله الكلب.