أثارت فتوى العلامة الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، جدلًا بين البعض بسبب عدم معرفتهم بالآراء الفقهية المختلفة، حيث قال إن الكلب طاهر حسب المذهب المالكي، الذي تفتى به دار الإفتاء المصرية ولعاب الكلب لا يفسد الوضوء ولا حرج فى تربية الكلب للحراسة، بالرغم أن أغلب العلماء يعتبرون الكلب نجسًا، والحقيقة أن مفتي الجمهورية لم يخترع رأيًا فقهيًا جديدًا بل هو من الآراء الفقهية المعتبرة عند المذهب المالكي.
وقال «علام» خلال لقائه ببرنامج «نظرة» الذى يقدمه الإعلامى حمدى رزق، على فضائية «صدى البلد»،إن قتل الكلب غير جائز إلا إذا كان عقورًا، وتتم عملية القتل عن طريق المصحات البيطرية، وبيع وشراء الكلاب جائز إذا كان هناك مبرر شرعى.
وأوضح أن طهارة ونجاسة الكلب مسألة مختلف فيها بين العلماء، والجمهور يعتقد بنجاسة الكلب، أن في مذهب المالكية فإن الكلب طاهر وكل شيء فيه طاهر، وينطلقون من قاعدة أن كل حيوان حي طاهر، وقد يأتي نهى من الشرع الشريف بخصوص حيوان معين لا تأكل منه مثل الخنزير والدواب ذات الحافر.
وأفاد بأن الشرع عندما يتحدث عن عدم أكل حيوان ما فهو ليس يعنى نجاسته ولكنه أمر تعبدى، لافتًا إلى أنه لا حرج من التعايش مع الكلب والتعبد، فإذا توضأت وجاء لعاب من الكلب على بدنك أو ثوبك وأردت الصلاة فلا حرج، فلا حاجة لإعادة الوضوء أو غسل الملابس، لأن لعباه وشعره ووبره وكل ما فيه طاهر طالما هو حي.
اختلف الفقهاء فينجاسة الكلبفرأى الشافعية والحنابلة أن أي جزء في الكلب نجس، بينما ذكر المذهب الحنفي أن الكلب طاهر ما عدا لعابه وبوله وعرقه وسائر رطوباته، فهذه الأشياء نجسة، وأمانجاسة الكلب عند المالكيةفالكلبعند المالكية كله طاهر، هو وسائر رطوباته -عرقه- ولا ينجس أحدًا.
إن كان مسّه بدون رطوبة فإنه لا ينجّس اليد على المذهب المالكي، وإن كان مسّه برطوبة فإن هذا يوجب تنجس اليد على رأي كثير من أهل العلم، ويجب غسل اليد بعده سبع مرّات إحداها بالتراب.
أما الأواني فإنه إذا ولغ الكلب في الإناء -أي شرب منه- يجب غسل الإناء سبع مرّات إحداها، كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرّات إحداها بالتراب»، والأفضل أن يكون التراب في الغسلة الأولى.
تطهير الإناء والملابس والجسد من نجاسة الكلب:
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب غسل الإناء سبعًا إحداهن بالتراب إذا ولغ الكلب فيه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» أخرجه مسلم في صحيحه، والمستحب أن يجعل التراب في الغسلة الأولى؛ لموافقته لفظ الخبر؛ أو ليأتي الماء عليه بعده فينظفه، ومتى غسل به أجزأه؛ لأنه روي في حديث: «إحداهن بالتراب»، وفي رواية أخرى: «أولاهن» وفي رواية ثالثة: «في الثامنة»، ومحل التراب من الغسلات غير مقصود.
وعند الحنفية الغسل الواجب ثلاث مرات بغير تراب، وذهب المالكية إلى أنه يندب غسل الإناء سبعًا، ولا تتريب مع الغسل، وعليه فمن تيسر له العمل بمذهب الشافعية والحنابلة بغسله سبعًا إحداهن بالتراب فذلك أولى؛ للخروج من الخلاف، وإلا فيجوز غسله ثلاث مرات بغير تتريب، كما ذهب إليه الحنفية.
كيفية غسل الإناء بالتراب بسبب نجاسة الكلب
له عدة طرق: 1- أن يغسل بالماء ثم نذر التراب عليه، 2- أن نذر التراب عليه ثم نتبعه الماء، 3- أن نخلط التراب بالماء ثم نغسل به الإناء.
الدليل على أن الكلب نجس
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إذا شَرِب الكلبُ في إناءِ أحَدِكم؛ فلْيَغسِلْه سَبعًا»، وفي حديث ثانٍ روي عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «طُهورُ إناءِ أحَدِكم إذا وَلَغ فيه الكَلبُ: أنْ يَغسِلَه سَبْعَ مرَّاتٍ، أُولاهُنَّ بالتُّرابِ»، وفي رواية: «إذا ولَغَ الكَلبُ في إناءِ أحَدِكم، فلْيُرِقْه، ثم لْيَغسلْه سَبعَ مِرارٍ»
وجه الدَّلالةِ مِن هذينِ الحَديثينِ:
أنَّ الأمرَ بالغَسلِ، واعتبارَ العَددِ، واعتبارَ غَسلِ التُّرابِ معه، ثم الأمرَ بإراقةِ ما وَلَغَ فيه؛ كلُّ ذلك يدلُّ على نجاسةِ الكَلبِ نجاسةً مغلَّظةً.
قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن آراء الفقهاء الأربعة مُختلفة فى حكم نجاسة الكلب ونقضه للوضوء، منوها بأن الإمام أبى حنيفة يرى أن ظاهر الكلب ليس نجسًا ولكن النجس فقط هو لعابه وبالتالى فالوضوء ينتقض بوصول اللعاب للجسد.
نجاسة الكلاب عند المالكيةوأضاف «الجندى» في فتوى له، أنالمالكيةرأوا أن الوضوء لا ينتقض من الكلب، لأن الكلب كله طاهر، وهو مخلوق من مخلوقات الله، والأصل أنها كلها طاهرة طالما فيها حياة، أما غير الطاهر فيه هو ما خرج من عصارته من الداخل والكامنة فى البول أو البراز أو القيئ.
وأوضح أن الشافعية يقولون إن الكلب كله نجس لعابه وشعره وبوله، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ». رواه مسلم،ومع ذلك يجب أن يرحم لانه من مخلوقات الله ولا يجوز قتله، وأن لمس الكلب لا ينقض الوضوء عند الشافعية مفرقا بين نقض الوضوء وإزالة النجاسة، فلمس الكلب ولعابه للجسد يتم إزالة النجاسة فقط ولا ينقض الوضوء، أما الحنابلة يقولون إن الكلب كله نجس وبلمسه ينتقض الوضوء.
حكم اقتناء الكلب
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز اقتناء الكلب إلا لحاجة، كالصيد والحراسة، أو للماشية، أو للزرع، ومساعدة الضرير وغير ذلك من وجوه الانتفاع التي لم ينه الشارع عنها، ويجوز تربية الكلب الصغير الذي يتوقع تعليمه الصيد؛ أو لاتخاذه لهذه المنافع المذكورة، ولا ينبغي اتخاذه لغير ما ذكر من منافع.
ذهب الشافعية والحنابلة والمالكية إلى عدم جواز بيع الكلب؛ لما ورد من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب، وثبت ذلك صحيحًا في حديث مسلم، وذهب الحنفية إلى جواز بيع الكلب مطلقًا؛ لأنه مال منتفع به حقيقة، وذهب ابن نافع وابن كنانة وسحنون من المالكية إلى جواز بيع الكلب المأذون في اتخاذه، مثل كلب الماشية والصيد.
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 142): [وَيَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ بِلا خِلافٍ. وَأَمَّا بَيْعُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ سِوَى الْخِنْزِيرِ -كَالْكَلْبِ , وَالْفَهْدِ , وَالأَسَدِ وَالنَّمِرِ , وَالذِّئْبِ , وَالْهِرِّ , وَنَحْوِهَا- فَجَائِزٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا]، وقال ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (17/ 288): [وفي قوله في الحديث: «من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية» دليل على أنه يجوز اقتناء كلب الصيد وكلب الماشية، والاقتناء لا يكون إلا بالاشتراء، ففيه دليل على جواز بيع كلب الماشية والصيد، وهو قول ابن نافع وابن كنانة وسحنون وأكثر أهل العلم، والصحيح في النظر؛ لأنه إذا جاز الانتفاع به، وجب أن يجوز بيعه، وإن لم يحل أكله، كالحمار الأهلي الذي لا يجوز أكله، ويجوز بيعه لمّا جاز الانتفاع به، وهو دليل هذا الحديث على ما ذكرناه، خلاف ما قاله ابن القاسم، ورواه عن مالك، من أنه لا يجوز بيع كلب ماشية ولا صيد، كما لا يجوز بيع ما سواها من الكلاب؛ لنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن ثمن الكلب عمومًا].