أسعدني تكريم منى زكي في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي بمنحها الجائزة التكريمية "فاتن حمامة للتميز " وأرى أنها كانت تستحق ذلك التكريم قبل عدة سنوات! عندما بدء تكريم أبناء جيلها.
شكلت منى زكي جزء أصيل من "جيل هنيدي" والذي تصدر المشهد السينمائي المصري منذ مطلع الألفية الحالية، حيث شاركت في البطولة الأولى لأبناء هذا الجيل الفيلم الحدث " صعيدي في الجامعة الأمريكية" محمد هنيدي، منى زكي، غادة عادل،أحمد السقا، هاني رمزي، طارق لطفي، فتحي عبدالوهاب.
وانطلقت بعدها لتقدم البطولات المشتركة مع أبناء جيلها لتشكل أجمل الثنائيات المحببة لدى الجمهور مع أحمد السقا وكريم عبدالعزيز ، ملامحها البريئة جعلت منها النموذج المفضل للفتاة المصرية وأيقونة للجاذبية بالنسبة لهن، عيونها المعبرة أدخلتها قلوب الجميع.
بعد عدة سنوات من الفيلم الحدث شاركت منى في عمل سينمائي هام لهذا الجيل وبطولة جماعية مختلفة هذه المرة وكانت سببا في توجيه الصناعة لنوعية أخرى بعيدا عن الكوميديا المسيطرة وفيلم "سهر الليالي" والذي أحدث حالة نجاح مختلفة وأيضا إيرادات كبيرة مفاجئة وقتها ولكن ظلت منى تبحث عن شيئا ما في السينما ولكن الإنتاج كان "شحيحا" في تحقيق أحلامها ورغم نجاحها في فيلم نسائي كوميدي مع الموهوبة الكبيرة عبلة كامل "خالتي فرنسا" لم نشاهد الكثير من تلك الفرص لهن!
بالتأكيد لم يكن الطريق ممهدا للبطولات المطلقة وكانت المشكلة الكبرى أن أغلب أدوار البطلات "سنيدة" للبطل ولكنها كانت تحاول ان تبذل مجهودا قدر الإمكان حتى تقدم شيئا يترك أثرا لدى الجماهير وهو ربما سبب ان أعمالها قليلة نوعا ما نحو 25 فيلما، ولكن تستطيع أن تتذكر شخصياتها بسهولة أمام النجوم وممكن القول إنها اول من تقاسمت البطولة بشكل صريح مع نجوم الشباك والفيلم الناجح " تيمور وشفيقه".
نجحت منى ورفيقاتها في كسر سيطرة النجوم وأصبح لهن جماهيرية منافسة رغم عدم تصدرهن البطولة إلا نادرا، بفضل الموهبة والحضور الكبير ومثل نجمات جيلها وجدت ضالتها في تحقيق الذات والبطولة المطلقة في الدراما التليفزيونية والبداية كانت مع مسلسل "السندريلا" ولكنه لم يتم إنجازه بشكل جيد! رغم انه كان حدثا فنيا ومحطة فنية هامة لها، وهو ما جعلها تبتعد عن الدراما عدة سنوات قبل أن تعود لتقدم مسلسلا آخر هو "آسيا" وقدمت فيه أداء لافت ولكن ممكن القول انها وصلت لأفضل حالاتها الفنية والنجاح الجماهيري الذي كانت تريده مع مسلسل "أفراح القبة" للمخرج محمد ياسين، كانت مبهرة وحاضرة بقوة مع شخصية "تحية عبده" وكانت الأفضل في ذلك العام من وجهة نظر الجمهور والنقاد، هي عندما تتاح لها الفرصة تفاجئنا دائما مثلما حدث مع فيلم من 30 سنة وشخصية الشاعرة التي تتوهم انها موهوبة كبيرة وقدمتها بشكل كوميدي رائع.
المتابع لمنى زكي يجد داخلها طاقة فنية كبيرة قدمت الكوميديا باقتدار مثلما قدمت الدراما والرومانسية هي تستطيع أن تتقمص شخصياتها بجدارة لو أحببتها.
رغم أن الحظ منح البطولة والنجاح سريعا إلى منى وأبناء جيلها إلا أنهم تعرضوا لنقد شديد وأيضا حالة "اللخبطة " الفكرية في المجتمع أثناء فترة صعودهم أثرت على بعض أبناء هذا الجيل في اختياراتهم وكان ناتج عن تلك الحالة موجة السينما النظيفة ووجدوا أنفسهم وسط حالة فنية أقل إبداعا واستقرارا من الأجيال السابقة خاصة على المستوى الفني "الإخراج، التأليف، الانتاج"، ثم ما حدث في أعقاب عام 2011 وتأثر السينما إنتاجيا لعدة سنوات ليقل الإنتاج بشكل كبير وتعود أفلام المقاولات بشكل كبير، قبل أن يسترد أبناء جيلها من النجوم صدارة الشباك والمشهد بأفلام هامة فنيا وجماهيريا، وبالطبع كانت عودتهم في صالح السينما المصرية.
في فترة مرضها "الصعبة" ابتعدت مجبرة وهي من الفترات التي تكون أصعب اختبار في الحياة يحتاج الإنسان أن يكون في حالة من الهدوء والتأمل ورغم القلق الذي سيطر عليها في تلك الفترة إلا أنها ظلت متماسكة ولم تتخلى عن أحلامها، حتى عبرت الأزمة الصحية الصعبة والذي أراد القدر أن يشاركها نفس توقيت الظروف الصحية زوجها أحمد حلمي وأذكر انها قالت لي ان المخرج يسري نصرالله من أكثر الشخصيات الذين دعموها معنويا خلال تلك الفترة الصعبه.
أشعر انها الآن لديها حماس كبير ورغم ان فيلمها الأخير لم يكن على قدر طموحها في العودة بعد غياب إلا أنها تتحدث عن مشروعات جديدة كثيرة وبدت لي سعيدة بعودة التعاون مع يسري نصرالله في حلقة من مسلسل نمرة اتنين ومسلسل آخر مع تامر محسن "تقاطع طرق" ومشروع سينمائي فيلم "القاهرة مكة" مع هاني خليفة قالت لي انه عمل مؤجل منذ خمس سنوات يبحثون عن إنتاج حتى وجدوه أخيرا، وتنتظر عرض فيلم مع رفيق مشوارها أحمد السقا، بالتأكيد عودة منى القوية والمكثفة مفيدة لجميع نجمات جيلها بأن لسه الأحلام كثيرة ولم تنتهي.