الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حتى لا يتحول النائب لنايبة


من المؤكد أن بعضنا لا يرضى رضاءً تامًا على نتائج انتخابات البرلمان، والتي انتهت المرحلة الثانية منها بنجاح لمن وفقه الله واجتهد، ولمن استخدم أساليب أخرى في الحصول على الصوت الانتخابي بطرق قد لا ترقى للوسائل الديمقراطية ولا تناسب التعامل بصدق مع بعض العقليات والمستويات المتوسطة، فمن المفترض أن الانتخابات تفرز دوما عناصر تثير الجدل، بعضها لا يجب أن تطأ قدماه باب المجلس التشريعي الذي يعتبر  التواجد فيه رسالة ضمير صادق وحي تلتصق بصاحبها إذا كان يستحق، يدافع بها عن من وثقوا به وأعطوه أصواتهم، والبعض الآخر الذي تفرزه الانتخابات يحمل عقلية ناضجة ووعي كامل بقضايا الوطن، وما يجب أن تكون للعمل في نهضة الأمة ورعاية مصالحها، بينما يتباكى البعض على من لم يوفقوا  ويتصدروا نتائج الفائزين بمقعد البرلمان، ربما لكونهم لم يتمتعوا بدهاء سير العملية الانتخابية وكواليسها، أو لا يملكون المال اللازم لفنون الدعاية، أو لم يسعفهم الوقت في التواصل مع أبناء الدائرة التي زادت قماشتها على جسد بعض المرشحين، أفرزت  النتائج عناصر علينا أن نتحملها شئنا أم لم نشاء طوال مدة الخمس سنوات التي هي عمر المجلس، وعلينا أن نتعامل مع النائب البرلماني بصفته التشريعية التي هي من المفترض أنها وظيفته الأصلية، فوظيفة النائب البرلماني كما حددها الدستور هي مراقبة عمل المجلس التنفيذي، وهو ما يعرف بالحكومة  وسن وتشريع القوانين التي من شأنها وضع الضوابط للدولة والفرد،وتقديم الخدمات الرسمية لدائرته. 

 

ونص الدستور على أن لعضو البرلمان الحق في ممارسة الدور الرقابي على أعمال الحكومة التي تعرف دستوريا بالسلطة التنفيذية، ومن منطلق حق النائب دستوريا عليه المراقبة بضمير صادق دون استغلال وانتفاع لشخصه، وأن يتصدى لما تقوم به الحكومة إذا كانت قراراتها ضد مصالح المواطن، وعليه أن يوجه إلى أعضاء الحكومة أسئلة وعليهم الإجابة في أمور تخص مصالح الوطن والمواطن، وإذا لم يقتنع النائب برد الحكومة عليه . يمكن أن يحول السؤال إلى استجواب.

 

وفي إطار الرقابة والمحاسبة التي كفلها الدستور للنائب البرلماني فإنه يجوز للعضو  توجيه الاتهام الجنائي إلى الوزراء وإحالتهم إلى المحاكمة إذا تبين وقوع جرائم تمس الوطن والمواطن، أيضا من حق العضو مناقشة الاتفاقيات الدولية، وقد حددت المادة 101 من الدستور أن لمجلس النواب سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة  والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، إذا هو الدور الرئيسي لعضو البرلمان والذي يجب أن ننتقي من بين المتقدمين للترشح  هو أصلح لتلك المهمة ليستفيد الوطن وتستفيد دائرته الصغيرة، وهو ما يجعل النائب له شخصيته القوية في مواجهة السلطة التنفيذية التي يراقب أعمالها، ولكن هناك بعض النواب الذين تركوا مهامهم الرئيسية وتفرغوا لإرضاء المسئول التنفيذي والرضوخ لأوامره خشية تعطيل تأشيراته، بعض النواب نكسوا رؤوسهم وارتضوا أن يتلاعب بهم مقابل الصوت الانتخابي، وتفرغ بعضهم للحصول على استثناءات لتوظيف أو لخدمات أو لتأشيرة دخول مدرسة صغار سن أو حتى رياض أطفال، وفي مقابل موافقة المسئول التنفيذي لعضو البرلمان على طلباته عليه أن يرتدي جلباب المسئول التنفيذي، وأن يعيش فيه فلا يراقب ولا يسأل ولا يتابع ولا يسأل، بعض النواب يتمسح في الوزراء كخادم مطيع وتابع أمين، فهو يخشى من غضب المسئول التنفيذي فلا يحصل على تأشيرات معاليه لأبناء دائرته، والبعض الآخر يتعامل من منطلق احترام الحقوق  والواجبات ويؤدي واجبه التشريعي على أكمل وجه في المراقبة والتصدي لبعض القرارات التي يراها تقيد حقوق المواطن وتزيد من اعبائه وهو بذلك يعتمد على رصيده وتاريخه وعلمه وخبراته ولا يهتم ببقائه كنائب أو لا، في الوقت الذي تبرز أمامه فقط مهام دوره الوطني في خدمة بلده، وأحيانا نلتمس العذر للنائب المطيع للمسئول فهو إن لم يفعل ويتغاضى عن مهامه سوف يفقد رضاء المسئول عليه وبذلك تتعطل تأشيراته لأبناء الدائرة الذين يربطون ما بين إنجازه لمصالحهم الخاصة ومساندته في الانتخابات، وهناك أيضا فئه مستغلة من بعض الناخبين وهم ما يعرف عنهم أنهم طبالوا الزفة، فهم مع من يدفع أكثر، وهم مع من يقدم لهم خدمات وتسهيلات خاصة بهم، ولديهم القدرة على تشويه صورة النائب لدى بعض الناخبين، وفي المقابل يتقي المرشح شرهم بالتقرب إليهم وتقديم بعض المطامع لهم أملا في كسب ودهم والذي يذهب لمن يدفع أكثر.

 

النائب البرلماني هو قيمة وقامة عليه أن يتخلى عن المصالح الشخصية له وللبعض لكي يستطيع ترسيخ المبدأ الدستوري لكونه مراقب ومتابع ومحاسب للمسئول التنفيذي، النائب هو مشرع للقوانين التي تنفذها الحكومة، النائب هو الذي يحارب المحسوبيات والواسطة والاستثناءات للبعض، النائب هو ضمير حي وصادق للأمة فلا يجب أن يرتدي جلباب التخاذل حتى لا يتحول من نائب إلى نايبة، والنايبة هي الكارثة الكبرى التي تحل بالوطن و المواطن .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط