في الفنون المبدع لا يضع ثقفا، ولا يلزم نفسه بحدود، يتصور بخياله أبعادًا للوحاته و رسوماته يبدأ في تصميمها وتنفيذها على الفور، وبالنسبة لخريج كلية الحقوق، أحمد فتحي، الوضع يتميز بعدم تقليديته في أمرين الأول: تفضيله الموهبة على العمل في مجال الدراسة رغم التفوق فيها، ثانيًا: اختياره لنوع من فنون الرسم ليس منتشرًا بكثرة ألا وهو الرسم على الملابس.
يحكي " أحمد" لـ"صدى البلد" قصته قائلًا: " اسمي أحمد فتحي محمود عبد النبي، من مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، اتخرجت من كلية الحقوق عام ٢٠١٨ بتقدير عام جيد جدًا، ورغم إني بحب كليتي جدًا، وبحب المواد اللي درستها، لكن فضلت مجال الرسم عن العمل في مجال المحاماة".
دخل أحمد فتحي كلية الحقوق بسبب التنسيق والمجموع، وبدافع إثبات النفس أحب الدراسة، وتفوق فيها ليتوج مجهوده في النهاية بتكريم في حفل أوائل دفعته، موضحًا سبب عدم عمله في المحاماة، واتجاه للرسم أنها مهنة عظيمة جدًا هتأخد كل وقته وبالتالي لن يقدر على المحافظة على ممارسته لموهبته في الرسم بشكل متواصل، وهذا ما لا يستطيع فعله، فقد تعود على الرسم طوال حياته الماضية.
والد أحمد ووالدته هما من اكتشفوا موهبته وكانا أكثر الداعمين له على ممارسة موهبة الرسم منذ أن بدأت أقدامه تقف على الأرض في مرحلة رياض الأطفال، حيث كان يجيد التلوين وقتها بسن يفوق سنه الصغير بشكل حترافي، من خلال اختيار جيد للألوان، وحفظ لاسمائها، وتمييز لدرجاتها.
"طلع بيأكل عيش أهو" .. بهذه العبارة يرد الشاب العشريني على كل من انتقده و قال له في يومًا ما إن الرسم لن يدر له أي مال أو يجعله معتمدًا على نفسه بشكل كامل، منبهًا أنه دائمًا ما يأخذ رأي أهله وأصدقائه في مجمل روسماته "بشوف إن ربنا كرمني بالناس اللي حوليا وبيشجعوني دايمًا وهما كتير و أكيد في ناس اتريقت عليا".
يوضح ابن مدينة المنصورة أنه طوال فترة حياته السابقة كان يحافظ على ممارسة موهبته، التي لم يكن يظهرها للناس ابدًا، موضحًا أن الرسم كان مخرجه الوحيد في فترة الجامعة من الحزن والاكتئاب اللذان قد يتخللا الدراسة، فبدأ فيها وطور نفسه من غير كورسات نهائيًا، وكان عند مشاهدته كل مرة لشخص يرسم نوع معين من الفنون يحاول رسمه، إلى أن لُفت انتباه بالصدفة إلى الرسم على الجواكت من خلال صورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بدأ خريج كلية الحقوق يفكر في نوعية الألوان التي سيستخدمها وتخلل ذلك محاولات كثيرة فاشلة حتى توصل لسر يجعل الألوان كما هي على الملابس مع مرور الوقت ولا تتركها ابدًا بالغسيل المتكرر لسنوات، مشيرًا إلى أن أول جاكت له وهو البومة أكثر ما نال شهرة على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك وانستجرام، ليلقي تشجيعًا كبيرًا من متابعيه، ويبدأ رسمه في التطور للأفضل.
وعن الفرق بين الرسم والطباعة يقول: " الطباعة بتتقشر مع الغسيل المستمر عكس الرسم، كما أنه في الطباعة تستطيع تطبيق تصميم معين أكثر من مرة، مما يفقد القطعة قيمتها خاصة أن شغل الهاند ميد له قيمته عند الناس".
وتابع: " في شغلي بصمم و أنفذ على قطعة واحدةفقط علشان كل قطعة تحتفظ بقيمتها ويبقي ليها شخصيتها الخاصة، إضافة إلى أن تفاصيل الرسمة بتبقي واضحة عن الطباعة، ولها ملمس مختلف وألوان زاهية مبتروحش مع الوقت علي عكس الطباعة تماماً".
يفرح أحمد كثيرًا بتعليقات الناس الإيجابية على رسوماته خاصة إذا أتت من فنان دارس للفنون و يتعرف على رسوماته قبل ما يقرأ اسمه عليه، مبينًا أنه أحيانا ما يجد تجاهلًا، لكن هذا طبيعي، فلولا اختلاف الآراء لبرت السلع، وأن هدفه من الرسم ممارسة ما يحب ويهوى خاصة أن الفن هو هدفه الأساسي.
"كل جاكت وراه قصة وروح خاصة به تشجعني على تصميمه وتنفيذه" .. هكذا يعمل صاحب الـ 25 عامًا ويختار رسوماته بناء على وجود هدف أو معني وليس مجرد اختيار عشوائي، مشيرًا إلى أن رسومات كثيرة من تنفيذه تكون من تصميميه الخاص وأحيانا تكون عبارة عن أفكار مجمعة في لوحة واحدة.
" مريض بالتفاصيل" .. هكذا يبرر أحمد الوقت الطويل الذي يستغرقه في رسمة على جاكت أو ملابس أخري فمدته عمله قد تصل إلى 14 ساعة لا يتحرك فيها من مكانه كما يصف مركزًا على أقل التفاصيل، لافتًا إلى أن الأسعار التي يبيع بها رخيصة جدًا مقارنة بفرق أسعار الخمات ومحدوديتها.
تواجه الفنان صعوبة وحيدة في الوقت، حيث ينتمي أن يكون في اليوم عدد ساعات أكثر من الـ 24 ساعة، مبينًا أنه دائمًا ما ينسي نفسه أمام رسوماته، وأنه بعد انتهائه من أي رسمة يفضل قاعد قدامها بالساعات ينظر إليها معجباُ بعمله أو مراجعًا لأقل التفاصيل.
يتمني الشاب العشريني في المستقبل أن يمتلك براند لرسوماته علي الجواكت، وأن يكون إنسان ناجحا، ويصل لشيء مختلف لم يصل له أحدا من قبل، كما يرغب في أن يكون شخص مؤثر في مجال الفنون بشكل عام.