في إطار الحنين إلى الماضي واسترجاع ذكريات الزمن الجميل، ومقارنة أيام البساطة والبدائية في كل شيء بأيام التقدم والتطور والتكنولوجيا.. يحكي موقع صدى البلد في السطور التالية حكاية تغير أجواء مذاكرة طلاب المدارس في مصر من أيام الطبلية ولمبة الجاز إلى زمن التابلت والمنصات الإلكترونية والتعلم عن بعد.
بالتحاور مع الأجداد والمعارف من كبار السن الذين عاشوا زمن الأبيض والأسود كما يطلق عليه الآن، يُحكى أن طلاب المدارس قديما قبل زمن الإنترنت والسوشيال ميديا، كانوا يذاكرون دروسهم على أضواء "لمبة الجاز" داخل بيوت يملأها دفء الأسرة المجتمعة في غرفة واحدة، يجلس فيها الأبناء على "الطبلية" في وجود الأب والأم لاستذكار دروس اليوم من خلال الكراسة والقلم الرصاص فقط، لحل الواجب المنزلي في هدوء تام بعيدا عن ضوضاء الحديث عن الدروس الخصوصية والمجموعات المدرسية.
ثم تطور الوضع تدريجيا وصارت المذاكرة تتم على مكتب خشبي مخصص للطفل في بيوت الأسر المتيسرة الحال، بحيث يجلس الطالب فاتحا كتابه المدرسي المطبوع بشكل بدائي نوعا ما، بجانب كراسته لحل الواجب على أضواء لمبة كهربائية على مكتب خشبي أكثر فخامة مقارنة بعهد الطبلية السابق.
ومع مرور السنين.. زاد التطور مع تغير الظروف والأحوال الاجتماعية والاقتصادية، وأصبحت المذاكرة تتم بما يسمى الكتب الخارجية، حيث يشتري الأهالي الميسورين الحال لأبنائهم كتبا أنتجتها دور نشر معروفة، تقدم الدروس على ورق فاخر وملون ومنظم مقارنة بنسخ الكتب المدرسية العادية التي كانت قديما تطبع بشكل تقليدي وبدائي معظمها كان أبيض وأسود ومغلف بجلدة ضعيفة تذوب مع كثرة الاستخدام، ليصبح الكتاب المدرسي مع قرب الامتحانات في نسخة مهلهلة تمنح الطالب طاقة سلبية تنفره من الاقتراب منه وبالتالي تنفره من المذاكرة.
وبعد ذلك ظهرت بقوة الدروس الخصوصية، التي يوفر معلموها للطلاب مذكرات ورقية ملونة ومطبوعة بشكل يجذبهم ويجعلهم أكثر إقبالا على المذاكرة، وذلك بمقابل مادي يضطر أولياء الأمور لتحمله على أمل أن يحصل الأبناء على كل الأسئلة المتوقعة في الامتحان ليضمن الأبناء الدرجات النهائية.
ثم ظهرت البرامج التعليمية التي بدأت تقدم في التليفزيون، ليجلس الطلاب ملتفين حول شاشة التليفزيون في موعد ثابت عادة ما يكون فقط ليلة الامتحان، ليشاهدوا مدرس يلقنهم أسئلة المراجعة النهائية، وعادة ما تكون هذه البرامج التعليمية موجهة فقط لطلاب الثانوية العامة.
ومع مرور الزمن وزيادة التطور التكنولوجي، بدأت وزارة التربية والتعليم توفر نسخا إلكترونية من الكتب المدرسية على الموقع الرسمي لها على الإنترنت، وبذلك أصبح بعض الطلاب يتمكنون من تصفح الكتاب على جهاز الحاسب الآلي الخاص به.
ثم تطور الأمر وأصبحت الوزارة تقدم على موقعها نماذج امتحانية على الإنترنت لتدريب طلاب الثانوية العامة على شكل الامتحان مع بدء تطبيق نظام البوكليت.
ثم زاد التطور أكثر عندما تم توزيع التابلت على طلاب المرحلة الثانوية العامة، ليكون بديلا عن الكتب الورقية، حيث بدأ الطلاب في استخدام التابلت في المذاكرة وفي الامتحان بعد أن صارت الامتحانات إلكترونية بعدما كانت ورقية ليبدأ بذلك عصر ورقة الأسئلة وورقة الإجابة في الانقراض.
وأخيرا وصل التقدم والتطور إلى أن أصبحت المذاكرة حاليا تتم عبر المنصات الإلكترونية بعد تفعيل منظومة التعلم عن بعد، حيث اضطرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بعد حلول أزمة فيروس كورونا المستجد منذ العام الماضي بعد إغلاق المدارس، إلى استحداث عددا من المنصات الإلكترونية لمساعدة الطلاب على المذاكرة، ومن هذه المنصات: منصة إدمودو الخاصة بالتواصل عن بعد والفصول الافتراضية، ومنصة بنك المعرفة المصري، ومنصة ذاكر الإلكترونية ، ومنصة حصص مصر وغيرها من المنصات لتتحول المذاكرة من "المذاكرة على لمبة الجاز والطبلية إلى المذاكرة على التابلت والمنصات الإلكترونية".