الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حديث الذكريات




شاهدت على قناة ماسبيرو زمان برنامج شريط الذكريات يقدمه الشاعر والإذاعي الكبير الراحل فاروق شوشة وكانت ضيفة البرنامج د.عائشة عبد الرحمن أو بنت الشاطئ  وحالة انتابتني من الانبهار المصحوب بالدهشة والمرارة.
انبهار من هذا الثراء اللغوي والثقافي للضيف والمضيف فالأداء الإعلامي للراحل العظيم وهو الشاعر والقامة الكبيرة الذي لم يقاطع الضيفة وهو جالس أمامها في حالة استماع واستمتاع وإنصات تام، فهو في حضرة الكبيرة د.عائشة عبد الرحمن إحدى علامات التنوير والمرموقات من سيدات النهضة العلمية والفكرية والأدبية في العالم العربي ورغما عني وجدت نفسي أعقد مقارنة ليست في محلها بالتأكيد ولكن النقيض هو الذي استدعته الذاكرة للحالة الراهنة وهالة من القبح شكلا وموضوعا أين كنا وأين نحن الآن؟ 
الدهشة من هذه اللوحة المتكاملة من عدة إشكاليات أولها وهو مجال عملي الرسالة الإعلامية التي كانت تقدم للمواطن المصري والعربي عبر النوافذ الإعلامية والتي كانت محدودة بالنظر لما آل إليه الحال الآن.
كانت هناك رسالة إعلامية واضحة ترتكز على تشكيل الوجدان المصري والعربي والتأكيد على الهوية الثقافية من خلال القامات التنويرية أحد إفرزات التربة المصرية وتصدير هذه النماذج المشرفة للمجتمع المصري والعربي معا مما أدى إلى هذا النموذج المتكامل والصورة الذهنية الراسخة والساحرة عن حالة الثراء والريادة الإبداعية.
جانب آخر كان مبعثا على الدهشة والإعجاب هو المزاج المصري في ذلك الوقت فهذه الرسالة قابلها حالة استيعاب بين عموم المصريين على اختلاف طبقاتهم المثقفة والبسيطة والمتوسطة لمثل هذه النوعية من البرامج  مهد لها مستوى تعليم جيد وصخب فكري وأدبي وفني كان عنوانا أبرز لمرحلة استثنائية من تاريخ مصر وكانت هناك حالة من الوعي الجمعي المهيأ لتقبل هذه الجرعات الثقافية الإبداعية والحقيقة هذا التنوع  في الرسالة الاعلامية لم يكن منصبا فقط علي الجانب الثقافي أو الأدبي بل كان يسير في جميع الاتجاهات من أجل هدف واحد وهو بناء شخصية الانسان المصري والنهوض بها وتشكيل الوعي وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية وهنا اتساءل اين الرسالة الاعلامية  التنويرية الآن من ماضي عريق. 
زواية اخري وهو شخصية المذيع العملاق فاروق شوشة حضور راقي  ومخارج حروف واضحة وهو غني عن الوصف فهو الشاعر الكبير ولغة وصوت لا تخطئه أذن والحقيقة هكذا كان الحال بين جميع رواد العمل الاعلامي في مصر في ذلك الوقت ولاداعي للمقارنة بين هذه الحالة وما نحن عليه الآن.
اما الضيف فكانت بنت الشاطئ احد القامات الفكرية  المستنيرة التي تركت تراثا علميا ثريا للأجيال وحديث يسير في عدة اتجاهات اتجاه استعرضت فيه قصة كفاحهاوكيف استطاعت الحصول علي الماجستير و الدكتوراة في أربعينيات وخمسينات القرن الماضي وميسرة علمية وفكرية  لم تكن بالشئ الهين في وقت كانت تعاني فيه المراة المصرية من القيود المجتمعية فكانت بنت الشاطئ دعائشة عبد الرحمن النموذج والقدوة التي قدمتها الشاشة الفضية واتجاه اخر يسمو بالعقل والوجدان معا من خلال اعمالها   الاديبة ورحلة عطائها ولغة الحكي. حلقة متكاملة الاركان الابداعية فاين نحن الان من تلك الحالة التي ساهمت في ترسيخ وبناء الهوية وحددت ملامح الشخصية المصرية.
إعادة بناء الانسان المصري فكريا وثقافيا احدي الركائز التي تبنتها القيادة المصرية وطالب بها الرئيس السيسي في اكثر من حديث  ولكننا وان كانت هناك اجتهادات من بعض الإعلاميين إلا أنها تظل في خانة الفردية وليس التوجه العام ولم تستطع الحالة الإبدعية المصرية بكل روافدها أن تترجمها حتي الآن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط