قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

ماذا يعني اغتيال عالم نووي إيراني؟

×

كانت الطريقة التي اغتالت بها إسرائيل العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة طريقة مبتكرة تناسب مرور 20 عاما من القرن ال21، فإسرائيل لم تنزل برجالهاوعناصرها إلى طهران لملاحقة الرجل وإطلاق الرصاص عليه، كما هو معروف في كافة جرائم الاغتيال ولكنها رصدت وفق –التفاصيل- التي نشرت عبر مختلف وسائل الإعلام العالمية طريقة مسار الرجل وتتبعت تحركاته عبر الأقمار الصناعية، ثم في نقطة ما، وعندما سبقته سيارات الحماية التي كانت مرافقة له عدة كيلومترات، لاستشكاف الطريق كما هو متبع تقليديا، إذا بمسدس عملاق مثبت على سيارة على جانبي الطريق يقوم بإطلاق الرصاص على العالم النووي محسن فخري زاده ويرديه قتيلا ولا يصيب أي أحدغيره، ثم بعدها يقوم الفريق بتفجير السيارة المثبت عليها المسدس.

ربما لو لم تحدث هذه الطريقة في الواقع، لتصور الكثيرون أننا نحكي عن مشهد خيالي في أحد أفلام جيمس بوند، لكنه حدث بالفعل ونشرت تفاصيله مختلف وسائل الإعلام العالمية ووكالات الأنباء الإيرانية، وقال عنه شمخاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني،إنها طريقة مختلفة ومبتكرة وهو ما أنجحها.

والحقيقية أن أبعاد اغتيال فخري زاده، والملقب أبو البرنامج النووي العسكري الإيراني، أكثر من مجرد عملية هائلة تنسب لإسرائيل ولكنها تكشف عن اختراق أمني عميق داخل طهران.

وقبل نحو عامين، كانت إسرائيل قد سرقت أطنانًا من أرشيف البرنامج النووي الإيراني ووثائقه واستعرضها نتيناهو رئيس وزراء إسرائيل أمام العالم، ثم إنها وخلال الشهور القليلة الماضية، جرى تفجير ونسف العديد من المنشآت النووية الإيرانية بطريقة مذهلة، ومنها نسف موقع "نطنز" النووي الإيراني. وهذا كله يؤكد على الآتي:

إن هناك رفضا عالميا متمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية لحيازة قنبلة نووية إيرانية، فالعالم كله يرى أن إمساك نظام متطرف مثل نظام الملالي الحاكم في طهران، منذ أكثر من 40 سنة بـ"قنبلة نووية" سيكون فيه خطر كبير و أداةردع وإرهابلدول الخليج العربي.

ثم إن القنبلة النووية وبتفاهم غير معلن، أصبحت مقصورة في الشرق الأوسط على إسرائيل فقط، منذ أكثرمن ثلاثة عقود. وتعتبرها تل أبيب ميزة نوعية مقارنة بجيرانها العرب والإقليميين ولا يمكن أن تُعطى هذه الميزة بسهولة لإيران.

أمام الأهم من ذلك، فهى الدوافع التي تكمن وراء سعي إيران، لحيازة قنبلة نووية ورغم كل العراقيل أمامها منذ سنوات طويلة ربما تفوق ال15 عامًا فهى تصر عليها؟!

للأسف هى دوافع شريرة، لأن إيران تتبنى نظرية المد الثوري لثورتها الطائفية، ولذلك تواصل السير على جانبين الأول التمدد جغرافيا، عبر ما يسمى بالهلال الشيعي ويمتد من إيران ويمر بالعراق وسوريا.

والثاني هو العمل بأقصى قوة لحيازة قنبلة نووية وهو ما يرفضه العالم تماما لعدم الثقة في نظام الملالي.

وبالعودة لحادث الاغتيال، ورغم التوجيهات الأمنية التي أصدرتها إسرائيل اليوم، لعلمائها النوويين الذين عملوا من قبل في مفاعل ديمونة، بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر، إلا أني أكاد أجزم أن إيران لن تقدم على الانتقام لمقتل فخري زاده لأنها تتطلع إلى تعاون وثيق مع بايدن وترى أن بالإمكان أن تعود واشنطن من جديد للاتفاق النووي، وأن ترفع العقوبات المدمرة عليها لذلك فمن السهل على إيران أن تتغاضى تماما عن الانتقام لدماء فخري زاده، كما أغمضت عينها عن الانتقام لجنرالها الأكبر قاسم سليماني الذي اغتيل يناير 2020 الماضي.