قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

سامية جمال تروي ذكرياتها مع الفقر.. حين استبدلت صديقها الفأر بصوت من الشباك

من مجلة الكواكب لعام 1954
من مجلة الكواكب لعام 1954
×

في ليلة باردة أوت سامية جمال إلى فراشها، في ركن مهمل من غرفتها الصغيرة الفقيرة، ومر بها صديقها الفأر، خلال عودته إلى الجحر، وقف أمامها قليلا ثم استكمل خطواته، لتفاجأ بعدها باستبدال صداقته بصداقة أخرى، كانت المرة الأولى التي تسمع فيها الموسيقى.

«تسلل إلى أذني صوت غريب على سمعي، هزني من أعماقي، أشاع البهجة في كل روحي وجسدي» كان هذا وقصف سامية جمال، التي يحل اليوم ذكرى رحيلها، للموسيقى حين سمعتها للمرة الأولى، من خلال مقال كتبته في مجلة الكواكب عام 1954، وفي هذا اليوم سمعت الموسيقى.

تسلل هذا الصوت من نافذة الجيران، وشعرت حينها أنها تحترق كاحتراق الفراشة حول المصباح الدافئ، لم تكن تعلم ما هي الموسيقى من قبل، وعلمت حينها أن الجيران كانوا قد اشتروا جهاز رادي، والتفوا حوله يسمعونه، فيما سامية الطفلة الفقيرة البائسة تجلس بعيدا في الركن المهمل.

شعرت حينها بسعادة غير معهودة حتى أنها كانت تغالب النوم حتى تستمتع إلى الانغام المتسللة عبر نافذة غرفتها، وكانت الموسيقى هي صديقتها الجديدة بدلا من الفأر، وكان لهذا الرادي قصة طريفة، حيث اقتناه رب الأسرة بعد فترة من ادخار المال، وكان هذا الرجل موظفا بسيطا يخرج إلى عله صباحا ولا يعود قبل المساء.

وكان قد منع زوجته وأولاده من أ يمس أيا منهم الراديو قبل عودته في المساء، وأنه هو الوحيد الذي سيقوم بتشغيله، لأن الكهرباء أمرا خطيرا عليهم، وأطاعوه بالفعل، كان على سامية الانتظار كل يوم في الساعة الثامنة مساءا للاستماع إلى الراديو بعدما يحضر الأب.

وتقول الفراشة في مقالها القديم: "كانت لهفتي لعودته أكثر من لهفة زوجته وأولاده، إنه يعود إليهم بالرزق والطعام أما أنا المحرومة من كل شئ كانت الموسيقى عندي أجمل من الطعام والشراب، بل وأجمل من الحياة، وكأن الله ساقه لشراء الراديو لإمتاعي أن بصوته".

وكانت تسهر سامية يوميا بجوار الشباك في خوف من زوجة أبيها وتضبطها وتنهال عليها بالضرب، فعلى حد وصفها كانت تتفنن وتبتكر أساليبا لضربها بمناسبة وبدون مناسبة، وفي ليلة دقت الساعة الثامنة وجلست سامية بجوار الشباك كعادتها في انتظار تشغيل الراديو، ساعة تلو الأخر بدون جديد.

خرجت سامية للسؤال على الجيران في اليوم التالي، وعرفت أنهم اخذوا الراديو وذهبوا إلى عطلة صيفية لمدة شهرين في مدينة الإسكندرية، واختفى حلم الموسيقى خلف سحابة صيف.