الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد مبروك يكتب: منظومة القِيَم

صدى البلد

تابعنا منذ أيام مباراة نهائي كأس افريقيا للأندية أبطال الدوري بين فريقين مصريين للمرة الأولى، حيث استطاع كل من الأهلي والزمالك الوصول لتلك المباراة بعدما تجاوزا كل الأندية المتنافسة من أبطال الدوري في القارة السمراء.


ورغم أهمية المباراة كونها أول نهائي قاري يتصادف أن يكون المتنافسان اللذان يمثلان أحد أهم ما يسمى بلغة الكرة "ديربي" الكرة المصرية، بل والمنطقة العربية هما طرفيّ اللقاء، إلا أنها بالنهاية تظل مباراة في كرة القدم التي هي بالأساس نوع من الرياضة التي من المفروض أنها ترقى بالذوق وتقارب بين المتنافسين من الأندية والدول والشعوب المختلفة.
 

لكننا - للأسف – لم نجد ذلك ولم نستطع الاستمتاع بما قدمه اللاعبون من مهارات وتنافس في الملعب في ظل وجود شحن وتعصب يزداد مع مرور الوقت ويتزعمه للأسف بعض المثقفين من الطرفين على منصاتهم الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك عن البرامج (الرياضية) على بعض القنوات المتلونة بلون كل فريق وعلى قنوات أخرى يقدمها بعض اللاعبين السابقين الذين تجاوزوا الدور الإعلامي والرياضي إلى تزعم جبهات تنشر التعصب والكراهية بين الجانبين .


لقد تنامت هذه الظاهرة المقيتة من التعصب الأعمى وغير المبرر مع مطلع الألفية الثالثة حين تم السماح بتكوين ما يسمى بالروابط الرياضية لجماهير الأندية فيما أُطلق عليها (أولتراس) دون تدخل من الجهات الأمنية لإيقاف تنامي هذا التعصب وهذه الكراهية مما أسفر عن كارثة استاد بورسعيد الشهيرة والتي راح ضحيتها عشرات الشباب في ظل الظروف التي عاشتها مصر بعد ثورة يناير 2011.


ومع التطور الملحوظ الذي تشهده مصر على كافة الأصعدة، أصبح لزامًا الاهتمام بدراسة ظاهرة التعصب المتنامية وروح الكراهية التي تتخذ من كرة القدم بيئة صالحة للنمو والتكاثر في المجتمع، خصوصًا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد بشكل أكبر في نمو هذه الظاهرة وتحولها إلى كتل لهب حارقة – لاسيما - وأنه من الملاحظ أن التعصب والكراهية على هذه الوسائل لم يعد يقتصر على بعض المهووسين بكرة القدم من قليلي الخبرة أو متواضعي الثقافة فقط، بل امتد لفئات كثيرة شملت بعض المتعلمين والمثقفين بل وبعض قادة الرأي على هذه الوسائل، وهو ما يبعث على الدهشة والاستغراب.


إذا كان هناك بعض اللاعبين من ذوي الموهبة في كرة القدم مع ضعف المستوى التعليمي والثقافي الذي لا يؤهلهم للتعامل مع الجماهير أو الإعلام، وجب على إدارات الأندية تدريبهم على ذلك ومعاقبتهم بحزم على أي تصرف من شأنه استفزاز الجماهير أو التعامل بسلوك غير رياضي، سواء في الملعب أو على منصات التواصل الاجتماعي وإذا كانت بعض إدارات الأندية انساقت إلى ما هو أكثر من ذلك في الآونة الأخيرة، فهناك اتحاد يدير المنظومة ويحافظ على استقرارها، في حين أن تجاوز بعض الجماهير الذين يدفعهم الجهل والتعصب الأعمى للتنمر بلاعبي الفرق المنافسة لن يوقفه إلا القانون مع تبرؤ النادي الذي يشجعونه من تلك الأفعال المشينة ونبذها مع تطبيق القانون على كل من يتجاوز.


وهنا يجدر بنا أن نهمس في أذن كل المثقفين وقادة الرأي أن ينتبهوا إلى هذه الموجة من التعصب والكراهية التي تنتشر بدعوى تشجيع أحد الفرق الرياضية وما يصاحبها من ظواهر تنمر وعداء يمتد ويكبر من وقت إلى آخر وألا ينخرطوا مع هؤلاء في تلك المعارك الخاسرة وأن يقفوا لهذه الممارسات جنبًا إلى جنب مع الدولة لإعلاء منظومة القيم وسيادة القانون مع دعم نشر السلام الاجتماعي وروح التسامح بين المواطنين، ولتبقى الرياضة في ميادينها وتنتهي المنافسات مع انتهاء المباريات ويبقى الحب والاخاء بين المتنافسين، ولتعلو كلمة مصر فوق كل تلك المهاترات، مصر التي حازت على لقب بطل دوري أبطال أفريقيا ووصيفه على أرضها، مصر التي تنعم بصفاء سمائها بالحب وسلامة شعبها الواعي الذي يدرك أن التنافس الرياضي يظل مجرد تنافس ينتهي بانتهاء المباراة... عاشت مصر.