لا تغلقي أمام نفسك جميع الأبواب التي تجعل منك امرأة مستقلة بجانب كونك أما وزوجة .. هذا ما آمنت به عبير محمود، خريجة كلية الآداب بجامعة القاهرة بعد أن اختارت أن تتخلى عن عدد من الوظائف الحكومية والخاصة لتفعل ما يناسبها كزوجة وأم ويجعلها سعيدة في ذات الوقت.
تبدع عبير، صاحبة الـ 25 عامًا، في تشكيل منتجات من الصلصال الحراري أبرزها للناديين الأكبر بمصر الأهلي و الزمالك على أشياء يستعملها الناس بشكل يومي في حياتهم كالمجات والميداليات والاكسسوارات باعتبار أن كرة القدم تشكل جانبًا مهمًا في حياة كل أسرة مصرية.
تحكي عبير لـ " صدى البلد" قصتها قائلةً: " أول ما تخرجت تزوجت واشتغلت بتخصصي علم اجتماع في أكثر من مدرسة وروضة أطفال حكومية وخاصة، لكن لم أشعر بسعادة في عملي، فكنت أتركه".
حب عبير للرسم كان الدافع الأول لها لتبحث عن مشروع خاص بها يدر لها مالًا لنفسها، و يشغل وقتها في شيء تحبه، إلى أن قادتها صدفة إلى تعلم الصلصال الحراري، حيث كانت في يدها قطعة من الصلصال العادي فشكلتها بطريقة جميلة مما لفت انتباهها.
تعلمت عبير الصلصال الحراري وطورت نفسها فيه من خلال فيديوهات على منصة التواصل الاجتماعي" يوتيوب" خاصة من أجانب روس، فبدأت من خلاله تقن هذه الحرفة، ومع الإنتاج والعمل المستمر أبدعت في انتاجها أكثر " كل مرة أتقن الموضوع اكتر والفينش يظبط معايا لما اشتغل أكتر".
الأمومة لم تمنع "عبير" من بداية مشروعها الصغير، حيث كان يبلغ طفلها الأول زين منذ بداية عملها في عام 2018، خمس شهور فقط، لكن كان زوجها، الذي يعمل مدرس في معهد ابتدائي بالأزهر الشريف، يدعمها لتبدأ مشروعها بكل حماس.
غلاء الخامات وبعد المسافة من مدينتها للمكان الذي تتسوق منه الأدوات التي تستعمها في تصنيع المنتجات .. كانتا الصعوبتين التي تواجه عبير، لكن أصرت على استكمال ما بدأت إيمانًا منها بأن الإنجازات الصغيرة لا تتحق إلا بالاستمراية والتعب.
استخدمت "عبير" في البدايات أدوات بسيطة من منزلها في تشكيل رسومات الصلصال الحراري كقطاعات في المطبخ، وخلة أسنان، و دبابيس إبرة، وفرش أسنان، ومقص، وكاتر، إلى أن تطورت من نفسها وبدخل من مشروعها الصغير استخدمت بعد ذلك أدوات سيليكون ونحت.
المجات هي أكثر شيء تشكل عليه بالصلصال الحراري، كما أنها تقتني الألوان المبهجة، وقد يصل العمل في المج الواحد معها إلى 4 ساعات، في ظروف عمل غير مستقرة، فقد تشهد ضغط عمل في شهور، وتخفيف ضغط في شهور أخرى، وتوفر للمشتري التواصل معها شخصيًا أو من خلال مندوب في محافظتي القاهرة والجيزة، وشركة شحن لباقي المحافظات.
منتجات الأم العشرينية تتنوع بين المجات و المعالق و الميداليات و السلاسل و الإكسسوارات بدأتها بموهبة في وسط عائلتها التي شجعتها على التوسع والتخطيط لأن يكون مشروعًا لها، إلى أن أصبحت شهرة منتجاتها متواجدة على مستوى مدينتها البدرشين بمحافظة الجيزة.
دعايا بالمجان تلقتها " عبير" من والدتها وأخواتها وزوجها حيث دعموها جميعًا على استكمال ما تفعله من ابداع بالصلصال الحراري رغم بساطته "عائلتي وقفت معايا كتير وزوجي كمان يوم إجازته بيسوق لمنتجاتي، ودائمًا بيديني طاقة إيجابي، وحابب يشوفي ناجحة، وكذلك عائلتي بالظبط".
ترجع الابنة والزوجة الفضل فيما تفعله إلى والدها حيث أنه علمها وأخواتها أن العمل عبادة، ولابد لكل إنسان أن يشغل وقته دائمًا في شئ مفيد يسعده ويجعل له كيانا مستقلًا ودخلًا خاصًا.
" لو بتآمن بنفسك وهدفك في الحياة وأحلامك لازم تعافر لحد ما توصل" .. بهذه الجملة اختارت "عبير" أن تختم كلامها، مؤكدةً: " كنت حاسه إني هنجح في شيء، بس مكنتش عارفه إيه هو بالبظبط، لحد ما أكتشفت الصلصال الحراري، اللي بطور نفسي فيه كل يوم وحابه أعمل اسم وبراند، وأدخل درسات حرة بكلية فنون جميلة، لأضيف كل يوم أفكار جديدة على شغلي".