الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من هو أول وزير للتعليم في مصر؟.. صدى البلد ينشر حكايته

علي مبارك
علي مبارك

يعد علي مبارك أول وزير للتعليم في مصر، وجمع بين عدة اهتمامات كالعلم والفنون، وهندسة المدن، وأنظمة الري والمواصلات، والعمل الوزاري والدور الشعبي، بالإضافة إلى الاطلاع الواسع على التراث، وعلوم العرب القديمة، وفنون الغرب الحديثة.

علي مبارك من أبناء محافظة الدقهلية وتعلم مبادئ القراءة والكتابة ودفعه ذكائه للالتحاق بمدرسة الجهادية، وسافر إلى بعثة لفرنسا وبعد عودته تدرج في المناصب حتى أصبح أول وزيرًا للتربية والتعليم (المعارف) في ذلك الوقت، يلقي "صدى البلد" في السطور القادمة الضوء على قصة هذه قصة هذه الشخصية وكيفية نشأتها.

ولد "علي مبارك" عام 1823م في قرية برنبال التابعة لمركز منية النصر حاليا بمحافظة الدقهلية ونشأ في أسرة كريمة، فعندما ولد علي مبارك فرح أهل القرية كلها بمولده مجاملة لأبيه ولأمه التي لم تلد من قبله سوى الإناث.
 ‏
 تعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودفعه ذكاؤه الحاد وطموحه الشديد في التعلم إلى الخروج من بلدته ليلتحق بمدرسة الجهادية بالقصر العيني سنة 1835 وهو في الثانية عشرة من عمره، وكانت المدرسة حينها تتميز بالانطباع العسكري الصارم والنظام في كل شيء، وبعد عام ألغيت مدرسة الجهادية من القصر العيني واختصت مدرسة الطب بهذا المكان.

اقرأ أيضا:


‏انتقل حينها علي مبارك مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، وكان نظام التعليم بها أحسن حالًا وأكثر تقدمًا من مدرسة القصر العيني ، فحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد أبي خضر والذي كان دائما كاشر الوجه قاسي الطبع بجوار عصا غليظة تهوى على جسد الأولاد لاتفه الأسباب ففزع (علي) من طريقة الشيخ وبعد خمس سنوات التحق مع مجموعة من المتفوقين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق سنة 1839م، ‏وكان ناظرها مهندس فرنسي يسمى "يوسف لامبيز بك" ومكث علي مبارك في المدرسة خمس سنوات درس فيها الجبر والهندسة والكيمياء والمعادن والجيولوجيا، والميكانيكا، والفلك، والأراضي وغيرها، حتى تخرج منها 1844م.

بعد ذلك تم اختياره ضمن مجموعة من الطلاب للسفر إلى فرنسا في بعثة دراسية سنة 1849م، وضمت هذه البعثة أربعة من أمراء بيت محمد علي، اثنين من أبنائه، واثنين من أحفاده، أحدهما كان الخديوي اسماعيل، لذلك عرفت هذه البعثة باسم بعثة الأنجال، استطاع مبارك باجتهاده ومثابرته أن يتعلم الفرنسية حتى أتقنها، وبعد أن قضى ثلاث سنوات في المدفعية والهندسة الحربية، التحق بعدهما بالجيش الفرنسي في فرنسا للتدريب ولم تطل مدة التحاقه، حيث صدرت الأوامر من عباس الأول الذي تولى الحكم بعودة علي مبارك.

بعد عودته إلى مصر عمل بالتدريس، ثم التحق بحاشية عباس الأول مع اثنين من زملائه في البعثة، وأشرف معهما على امتحان المهندسين، وصيانة القناطر الخيرية، ثم تولى إدارة ديوان المدارس وأعاد ترتيبها وعين المدرسين واختار الكتب، واشترك مع عدد من الأساتذة في تأليف بعض الكتب المدرسية، وأنشأ لطبعها مطبعتين وباشر بنفسه رعاية شئون الطلاب من مأكل وملبس ومسكن، وأسهم بالتدريس في بعض المواد، واهتم بتعليم اللغة الفرنسية حتى أجادها الخريجون.

وبعد تولى الخديوي إسماعيل الحكم في 18 يناير 1863 استدعاه وألحقه بحاشيته، وعهد إليه قيادة مشروعه المعماري العمراني، بإعادة تنظيم القاهرة على نمط حديث، كما أسند إليه نظارة القناطر الخيرية، فنجح في ذلك وتدفقت المياه إلى فرع النيل الشرقي لتحيي أرضه وزراعاته، فكافأه الخديوي ومنحه 300 فدان، ثم اختاره الخديوي ليمثل مصر في النزاع الذي اشتعل بين الحكومة المصرية وشركة قناة السويس فنجح في فض النزاع، وتم تكريمه من العاهلين المصري والفرنسي.

ثم كلف بنظارة المدارس، مع بقائه ناظرا على القناطر الخيرية وفي أثناء ذلك أصدر لائحة لإصلاح التعليم عُرفت بلائحة رجب سنة 1868 م ثم ضم إليه الخديوي ديوان الأشغال العمومية، وإدارة السكك الحديدية ونظارة عموم الأوقاف والإشراف على الاحتفال بافتتاح قناة السويس، ومع ظهور الوزارات كمؤسسات هامة في حكم البلاد سنة 1878 تولى علي مبارك ثلاث وزارات اثنتين منها بالأصالة، هما الأوقاف والمعارف، والثالثة هي الأشغال العمومية.

وشغل منصب وزير المعارف في الفترة من 9 يونيو 1888 إلى 12 مايو 1891، وكانت نظارة المعارف في وزارة رياض باشا آخر مناصب علي مبارك فلما استقالت سنة (1891) لزم بيته، ثم سافر إلى بلده لإدارة أملاكه، حتى مرض فرجع إلى القاهرة للعلاج، فاشتد عليه المرض حتى وافته المنية في 14 نوفمبر 1893.

له العديد من المؤلفات والأعمال من أهمها ترجمته لكتاب "تاريخ العرب" من الفرنسية إلى العربية بحكم إتقانه اللغة الفرنسية، ويعد هذا الكتاب من المصادر الهامة في التاريخ.

ومن بين الأدوار المهمة التي قام بها علي مبارك، والتي مازال أثرها قائمًا حتى اليوم، هي إنشاء دار الكتب التي أشرف على تأسيسها، وكان أول من وضع لها نظامًا دقيقًا في ما يتصل بعملية المطالعة والمراجعة والنسخ، وتمكن من حيازة نوادر المخطوطات، والمطبوعات، والوثائق، التي كانت متفرقة بين الزوايا والمساجد والبيوت، بالإضافة إلى الكتب المطبوعة التي تزامن وقت طباعتها مع إنشاء مطبعة بولاق، العام 1822، بعد أن ظلت الطباعة العربية تحتكرها مطبعة الآستانة.

في شوارع العاصمة لا تجد تمثالًا واحدًا لـ علي مبارك، حتى يخلد دوره الذي ساهم فيه بالكثير تجاه المدينة التاريخية، ويعد صاحب النهضة العمرانية الحديثة بها، وذلك حين أسند إليه، الخديوي إسماعيل، قيادة مشروعه المعماري العمراني، وإعادة تنظيم القاهرة على نمط حديث، فشق الشوارع الواسعة، والميادين، وأسس المباني والعمائر العثمانية الجديدة، وأمد القاهرة بالمياه وأضاء شوارعها بالغاز والمصابيح.