في الوقت الذي انشغلت فيه معظم وسائل الإعلام المصرية وخاصة برامج التوك الشو والإعلاميين المصريين، متحمسين للانتخابات الأمريكية، والكل يُحلل ويُنظِّر ويترقب للنتيجة، لم نسمع أي من هذه الوسائل أو من السادة الإعلاميين، يتحدث عن الطبيب المصري الذي فاز بجائزة صندوق نيوتن، عن اكتشافه العلمي للحد من انتشار مرض سرطان الكبد، أو عن مشروعه العلمي اكتشاف "الجين" المسبب لسرطان الكبد، والتي تقدر ب200 ألف جنيه إسترليني.. هل عرَّفنا أحد من يكون ماركو زكي ولماذا علينا أن نفتخر به!!
ماركو يوسف زكي التحق بكلية الصيدلة في عام 2004 وحصل على درجة البكالوريوس عام 2009، وبعد ذلك بدأ مشواره للحصول على درجة الماجستير في الكيمياء الحيوية، حيث تلقَّى تدريبًا مُكَثَّفًا في كلية الطب جامعة بون بألمانيا، وفي عام 2014، حصل على درجة الماجستير من جامعة المنيا، وبعدها انضم لمجموعة باحثين في جامعة نيوكاسل، بانجلترا عام 2015 .
وركَّز ماركو اهتمامه بمجال بيولوجيا سرطان الكبد، وبالفعل استطاع أن يُطَّور مشروعه حول البيئة الميكروبية للكبد، محرِّك سرطان الخلايا الكبدية، وتم تطوير هذا المشروع بواسطة جامعة نيو كاسيل في بريطانيا، وجامعة المنيا في مصر.. مشروع ماركو يهدف إلى اكتشاف وسائل مبتكرة لوقف انتشار سرطان الكبد والذي يتسبب في وفاة 788000 شخص سنويًا وفقًا لموقع منظمة الصحة العالمية.
هدف ماركو دائمًا، كان دعم المشروعات البحثية بين الجامعات المصرية والجامعات الإنجليزية المختلفة، مضيفًا أنه يساعد في مواجهة التحديات الصعبة التي تواجه المجالات المختلفة في مصر.
وعن مشروعه العلمي، يقول الدكتور ماركو زكي: "الوقاية لا تتعلق فقط بمنع المرض من الحدوث، بل تتعلق أيضًا بإنشاء بيئة بحثية أقوى يمكنها أن تدعم بشكل فعال جهودنا للتغلب على المرض، وهو ما نريد تحقيقه في مصر".. كما يقول ماركو إنه سعيد أن العمل الشاق الذي قام به طيلة هذه الأعوام، قد أثمر هذا النجاح.
وتأتي أهمية مشروع ماركو العلمي، من أنه سيكون السبب في إنقاذ حياة ملايين الأشخاص حول العالم، وقد قرر ماركو التبرع بنصف مبلغ الجائزة، والذي يبلغ 100 ألف جنيه إسترليني، لتطوير معمل كلية الصيدلة بجامعة المنيا وإنفاق النصف الثاني من الجائزة لاستكمال أبحاثه العلمية.
صندوق نيوتن، هو أحد البرامج التابعة للمركز الثقافي البريطاني، لتمويل المبادرات والمشروعات العلمية والمجتمعية في الدول النامية.. وتمنح جائزة نيوتن إلى الأشخاص الذين حصلوا على منح دراسية، أو تمويلات لمشروعات علمية من الصندوق، وقد تم اختيار ماركو زكي، وثلاثة أشخاص آخرين للحصول على الجائزة من بين 144 متقدم من مختلف دول العالم.
إن أول ما فكر فيه ماركو، هو كيف يفيد المكان الذي تربى فيه، فقام بتخصيص نصف الجائزة التي حصل عليها، لإنشاء معمل لدراسة الكيمياء الحيوية في كلية الصيدلة ليكون حُلمًا لأي شاب يريد استكمال أهدافه في هذا المجال.. هؤلاء هم أبناءنا أبناء مصر المحروسة.
من قلبي: قد يكون ماركو وأمثاله هم النواة الجميلة لصلاح عقول أفسدتها حقب وديكتاتوريات من قبل لم تهتم بصلاح المجتمع لا من الناحية العلمية أو العملية، لدرجة وصل معها التعليم إلى ما نعاني منه حاليًا، ما أدى إلى غياب البحث العلمي القيِّم وعدم لعب الدور المنوط به، فأصبحنا نرى علماؤنا طيور مهاجرة، يُحققون نجاحاتهم في الخارج، لأنه لا يوجد من يساعدهم في الداخل.. ومع ذلك، تعكف الدولة الآن على صلاح ما أفسده السالفون.
من كل قلبي: الرئيس يضع ملفي التعليم والبحث العلمي في أولويات خططه الحالية والقادمة وأعانه الله على كل الملفات الشائكة والمهترئة التي استلم بها هذا الوطن الغالي ويعمل جاهدًا ليضعه في مصافِ دول العالم.. لماذا لا يلتفت الإعلام إلى هذه الكوادر والقضايا والنجاحات الداخلية لمواطنينا وبلادنا ويسلط الضوء عليها، بدلًا من الاهتمام بشنطة الفنانة فلانة والراقصة عِلانة والموبايل الذهب للفنان الهابط علان وكل توافه الأمور.. ارحمونا يرحمكم من في السماء، فهذا الدور المتقاعس الذي تلعبونه، سيحاسبكم عليه رب العالمين، لأن عليكم رسالة وواجب تجاه وطنكم، رسالة مع الأسف، قد فشلتم في توصيلها.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.