حالة من من السعادة الكبيرة التي أصابت الليبراليين والوسطيين في أوروبا بعد فوز جو بايدن بالسباق إلى البيت الأبيض، وحالة أخرى من الضيق والحنق أصابت القوميين الشعبويين في القارة، بما في ذلك مجموعة من القادة في أوروبا الوسطى، حيث إن نتيجة الانتخابات أثارت فزع وانزعاج بعضهم، وفق ما ذكرت صحيفة نيودلهي تايمز الهندية.
مع خروج ترامب من البيت الأبيض، سيُحرمون من حليف قوي في واشنطن، ويتوقع بعض الوسطيين أن يكون لرحيله تأثير غير مباشر في إعاقة وصول زعماء في قارة أوروبا، والذين يعتنقون السياسة الشعبوية على نحوٍ خاص.
غرد دونالد تاسك، الرئيس السابق للمجلس الأوروبي ورئيس حزب الشعب الأوروبي، وهو أكبر حزب سياسي عابر للحدود في أوروبا:"يمكن أن تكون هزيمة ترامب بداية لنهاية انتصار الشعبوية اليمينية المتطرفة في أوروبا أيضًا"، مايعني إنتصارًا للديمقراطيون وللمحافظين المعتدلين.
بينما هنأ معظم القادة الأوروبيين جو بايدن يوم السبت بإنتصاره بعد إن أذاعت شبكات التلفزيون الأمريكية ذلك بناءً على الأرقام المؤقتة للولايات التي أكدت إلى حدٍ بعيد فوز بايدن، امتنع القادة الشعبويون في أوروبا عن تهنئة بايدن، أو كانوا أبطأ من نظرائهم في أوروبا الغربية في القيام بذلك.
كان من بين هؤلاء يانيز جانسا، رئيس وزراء سلوفينيا، حيث ولدت السيدة الأولى ميلانيا ترامب، مرددًا اعتراضات دونالد ترامب، الذي شكك في فوز بايدن، واشتكى جانسا من أن وسائل الإعلام أصدرت حكم الفوز قبل أوانه، وغرد جانسا عبر تويتر "تم تقديم شكاوى حول ماحدث"، وأشار الزعيم السلوفيني إلى أن "المحاكم لم تبدأ بعد في اتخاذ قرارها".
كما رفض رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي أيد مثل نظيره السلوفيني ترامب في الفترة التي سبقت التصويت ، تهنئة بايدن يوم السبت الماضي، اليوم الذي أعلن فيه فوز بايدن.
وقال موقع إخباري مؤيد للحكومة يملكه حلفاء أوربان السياسيون أن أمريكا في قبضة الفوضى وانتقد الموقع الإخباري "وسائل الإعلام الكبرى" الأمريكي لإعلان فوز بايدن قاطعة الطريق على ترامب.
لكن أوربان هدأ من غضبه قبل أمس الاثنين وقدم تهنئته لبايدن، ليس عبر مكالمة هاتفية ولكن عبر رسالةـ قال فيها "اسمحوا لي أن أهنئكم على الحملة الرئاسية الناجحة.
وكتب أوربان في الخطاب الذي نقلته وكالة الأنباء الحكومية إم تي آي "أتمنى لك الصحة والعافية والنجاح المستمر في أداء واجباتك البالغة المسئولية".
أوربان ، الذي يخوض انتخابات عام 2022 ، تم نبذه إلى حد كبير من قبل إدارة أوباما، بسبب تجاوزاته ضد التوازنات الديمقراطية في البلاد.
في عام 2018 ، شعرت حكومة أوربان بالإهانة عندما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن منحة بقيمة 700 ألف دولار للمساعدة في رعاية وسائل الإعلام المستقلة في المجر.
بالنسبة للحكومات الشعبوية في أوروبا الوسطى، تتزامن خسارة ترامب مع اقتراب مواجهة قانونية مع بروكسل، حيث اتفق برلمان الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا على آلية لصرف أموال الكتلة التي قد تتطلب من دول مثل المجر وبولندا التمسك بالقواعد الديمقراطية أو خسارة الأموال.
اتهم الوزراء المجريون الأسبوع الماضي الاتحاد الأوروبي بالفشل في التركيز على المشاكل الملحة، بما في ذلك تصاعد معاداة السامية والإرهاب.
قالت وزيرة العدل المجرية، جوديت فارجا: "يتم استخدام الضغط الأيديولوجي تحت ستار سيادة القانون ضد بلدان معينة فقط لأننا نقول لا للهجرة ، ولا للتعددية الثقافية ، ولأن لدينا وجهة نظر مختلفة حول دور الأسرة في المجتمع".
يقول محللون إن رحيل ترامب يرفع الغطاء عن الزعماء الشعبويين في مواجهاتهم مع بروكسل ودول أوروبا الغربية الأكثر ليبرالية في الكتلة الأوروبية.
يعتقد الشعبويون أيضًا أن تحالفهم الوثيق مع واشنطن منحهم دفعة من الناحية الانتخابية، مما يجعلهم يبدون في مكانهم وما يجري في العالم ، ولذا فهم يخشون من أنهم قد يظهرون الآن وكأنهم يسيرون عكس التيار بدعاويهم اليمينية.
وينسب أعضاء حزب القانون والعدالة البولندي إلى ترامب الفضل في مساعدة الرئيس البولندي أندريه دودا في إعادة انتخابه في يونيو.
ويقولون إن اجتماع البيت الأبيض عشية الاقتراع ، وكذلك قرار ترامب بنقل بعض القوات الأمريكية المتمركزة في ألمانيا إلى بولندا ، عزز حملة دودا.
بالنسبة إلى الشعبويين الذين خرجوا من السلطة ولكنهم يأملون في الفوز بالانتخابات المقبلة ، بما في ذلك ماتيو سالفيني من حزب ليجا الإيطالي ، ومارين لوبان من التجمع الوطني الفرنسي ، وتينو تشروبالا من حزب البديل الألماني، يعني فوز بايدن لهم، أنهم قد يجدون أنفسهم يطلقون شعارات ليس لها صدى مسموع.
و يتوقع خصومهم بالفعل أن عام 2021 سيشهد تراجعًا في ألمانيا لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا وزيادة لفرص حزب الخضر، وأنه في العام التالي قد يضمن إيمانويل ماكرون إعادة انتخابه بفرنسا.