الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يعني صوتي بعشرة صاغ يا نصة !!


جدل مثير للضحك استنزفت فيه ساعة كاملة من وقتى مع جاري المتألق فى عصور الانتخابات الثلاثة، الوطنى والإخوان والآن، حول مبرر ارتضاء مواطن بيع صوته لمرشح ما قرر الوصول لمقعد البرلمان عبر المال.


جاري الذي يقترب من الخمسين واندمج بين كل الموافقين على الورقة الرابحة فى كل العصور، لخص إرادته فى عبارة واحدة، "أنا مع مصلحتى يا صديقي".


على ناصية أحد شوارع دائرتي بالزيتون وقف يمازحني بينما أنا سارح بـ"خيالي" فى مشاهد لا تزول من ذاكرتى؛ لطوابير بشر من عينة أخرى لا تحمل أو تحتمل أفكارنا، لا يظهر على كثير منهم صراحة أية مظاهر للاحتياج، ولا يطمئن قلبي لملامح أشقياء بينهم.


قلت له: كم يبلغ "ثمن" صوت المرء عندك ليبيعه لمرشحك يا عزيزي؟ فبادرني بالرد: 100 جنيه يا عم الصحفي الهمام، وبدلا من أن تعلق على نشاطنا مع قرار محتاجين فيما يخصهم؛ قل لى ماذا فعل إعلامكم ليغيروا سلوكهم.


بحسبة سريعة على آلة الهاتف وجدت أن نائبا ارتضى صوتا بالمال وناخبا اتفق معه على نفس الهدف، يعنى قضاء نائب المستقبل من هذه العينة 1825 يوما تحت القبة؛ حال نجاحه؛ مقابل أقل من عشرة قروش يوميا لصاحب كل صوت، قبل صاحبه بيع نفسه وإهانة كرامته والتفريط فى مستقبله.


قلت له مداعبا "ببريزة يا صاحبي الصوت وأنت متأكد إن دى عينة المخلصين للبلد سواء كان ناخبا أو مرشحا، شكلك فاهم يا نصة".


لم يتوقف كثيرا أمام كلماتى وقال "يا برنس أنت ضامن لقمتك لكن اللى بتتكلم عنهم دول بيقفوا عندى فى الفرن يوميا، ومش كتير زيهم حاسين بهم يا أستاذ".


لم ولن أستطيع إقناع "نصة" بأن الطبقة الوسطى تآكلت تماما وربما تدفع الآن ثمن ما تفعله شريحة من طبقة ظل الدفاع عن حقوقها رسالة أبناء الأفندية المتعلمين، وأن الفجوة بينهما يستفيد منها انتهازيون فى مراحل انتقالية أو تأسيسية قد تطول لظروف وتقلبات ما.


لم أفهم فى لحظات عشتها بالأمس كيف كان تعليما غير مجد وراء سيطرة هذه الأفكار التى تستبعد حق الناخب فى انتقاء مرشح يعي دوره الرقابي والتشريعي دون النظر إلى وضعه المادي، أو حق المرشح المحترم فى ناخب لا يبتزه ولا يرهن مستقبله السياسي وإسهامه فى صنع مستقبل وطنه بعشرة صاغ كما يستحلها عقل "نصة".


ثم عدت لمحاولة إقناع نفسي بأنها معركة الوعى المستمرة فى عالم السلطة والنفوذ والمال، يرتضى أي منا أن يكون طرفا فيها، فيظهر بيننا محارب للجهل ومستغل له؛ ومتاجر بالفقر ومستقر فيه.


هذه المعركة ستظل جانبا غير مرئي لمراقبي الآلية الديمقراطية؛ الانتخابات؛ والتى يلخصها البعض؛ وبينهم حقوقيون وإعلاميون؛ فى صورة مشهد "التصويت" الانتخابي، بعيدا عما يدور فى شوارع وساحات لها زعاماتها بين الناس.


إذا سألتنى عن برلمان يراقب ويشرع؛ سل نفسك أولا عما فعلت بصوتك فى العملية الانتخابية وأنت بطل مشهدها الأول، أنت من يحسم الجدل حول أداء نائبك ومبرر وجوده متحدثا عنك حضرة الناخب المحترم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط