قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الأكوان كلها أظهرت حبها لـ النبي المصطفى-صلى الله عليه وسلم-؛ في منشئه وفي وجوده؛ يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ» إنه يعلمه ويشاهده ويسمعه وهو يسلم عليه؛ تثبيتًا لفؤاده الشريف، وإكرامًا لمقامه عند ربه، وتدريجًا له-صلى الله عليه وسلم-للاتصال بعالم الغيب.
وأضاف «جمعة» عبر صفحته بـ«فيسبوك»، أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أمسك حصى فسبح الحصى في يديه وأصله في الصحيح، ولكن زاد أبو نعيم في الدلائل، والبيهقي في الدلائل أيضًا -أن الحصى لما سبح بين يديه وسمعه أصحابه ناوله إلى أبي بكر، فسبح الحصى في يديه إكراما للحبيب-صلى الله عليه وسلم-، وأرجعه إلى النبي فناوله إلى عمر، فسبح الحصى بين يدي النبي-صلى الله عليه وسلم-في يد عمر وأرجعه إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-، فناوله إلى عثمان فسبح الحصى في يد عثمان بين يدي النبي-صلى الله عليه وسلم-، ثم توزع الحصى على الصحابة فلم يسبح ، والنبي-صلى الله عليه وسلم-كان واقفا على أحُدُ وهو يقول لنا: Jأحُدُ جبل يحبنا ونحبه».
وتابع: وقد استجاب هذا الجبل الأشم في خضوع وطاعة لأمر حبيبه وسيده النبي-صلى الله عليه وسلم-عندما ركله برجله الشريفة-صلى الله عليه وسلم-لما اهتز أُحد به هو وأصحابه، فقد صح عن أنس رضي الله عنه: «أن النبي-صلى الله عليه وسلم-صعد أُحدًا وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله وقال: اثبت أُحد، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان» [متفق عليه]. فاستجاب أُحد على الفور محبًا مطيعًا لسيده وحبيبه المصطفى-صلى الله عليه وسلم-.
اقرأ أيضًا:
وواصل: وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب فجاء رومي فقال: ألا نصنع لك شيئا، تقعد وكأنك قائم؟ فصنع له منبرا له درجتان، ويقعد على الثالثة -والمنبر الذي في المدينة الآن مكان ذلك المنبر الشريف- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان يخطب إلى جذع فلما صنع المنبر فتحوّل إليه حن الجذع، فأتاه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فاحتضنه فسكن وقال: «لو لم أحتضنه لحّن إلى يوم القيامة» حزنا على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فأمر به رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فدفن؛ يعني الجذع.
وأردف:حن الجذع حنينًا سمعه من في المسجد، والنبي-صلى الله عليه وسلم-وصفه ربه بأنه «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» للجن والإنس والجماد والحيوان، والنبي-صلى الله عليه وسلم-هو الذي قال: «إنما إنا رحمة مهداة»، والنبي-صلى الله عليه وسلم-هو الذي قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» فنزل النبي-صلى الله عليه وسلم-بقدره الجليل، واحتضن هذا الجذع حتى سكن وهو يقول -والصحابة تسمع-: «أفعل إن شاء الله، أفعل إن شاء الله»، وقال: «والله لو لم أحتضنه لبقى في حنينه إلى يوم القيامة» ودفن النبي-صلى الله عليه وسلم-الجذع وسأله الناس: تفعل ماذا يا رسول الله ؟ قال: «سألني أن يكون رفيقي في الجنة فقلت: أفعل إن شاء الله» أي أنه يدعو ربه - سبحانه وتعالى -، يدعو ملك الملوك أن يصاحبه هذا الجذع في الجنة.
واختتم: «وكان الحسن البصري- رحمه الله- إذا حدث بحديث الجذع يقول: يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-شوقًا إلى لقائه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه».