حكم تقدم النيَّة عن تكبيرة الإحرام
لا يجوزُ تقدُّمُ النيَّةِ عنتكبيرةِ الإحرامِ بزمنٍ طويلٍ، والدَّليلُ من الإجماع:نقَل ابنُ رُشدٍ الجَدُّ: الإجماعَ على أنَّه لا يجوزُ تقدُّمُ النيَّةِ الكثيرُ على تكبيرةِ الإحرامِ.
ويجوز تقديمُ النيَّةِ عن التَّكبيرِ تقديمًا يسيرًا، ولا يُشترطُ مقارنةُ النيَّةِ للتَّكبيرِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والحنابلةِ،وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الصَّلاةَ عبادةٌ، فجاء تقديمُ نيتِها عليها كتقديمِ النيَّة في الصومِ على طُلوع الفَجرِ، وتقديمُ النيَّةِ على الفعلِ لا يُخرِجُه عن كونِه مَنْوِيًّا، ولا يُخرجُ الفاعلَ عن كونِه مخلِصًا، كسائرِ الأفعالِ في أثناءِ العبادةِ.
ثانيًا: أنَّه لم يُنقَلِ اشتراطُ المقارنةِ المؤدِّيةِ إلى الوسوسةِ المذمومةِ شرعًا وطبعًا؛ فدلَّ ذلك على أنَّهم تسامحوا في التَّقديمِ اليسيرِ.
ثالثًا: أنَّ التَّكبيرَ جزءٌ مِن أجزاءِ الصَّلاةِ، فجاز أن تكونَ النيَّةُ مستصحَبةً فيه حُكمًا، وإن لم تكُنْ مذكورةً، كسائرِ أجزاءِ الصَّلاةِ.
رابعًا: أنَّ إيجابَ مقارنةِ النيَّةِ للتَّكبيرِ يعسُرُ ويشُقُّ على كثيرٍ مِن النَّاسِ، ويفتَحُ بابَ الوَسواسِ المخرِجِ لهم عن الصَّلاةِ إلى العبَثِ واللَّغوِ مِن القولِ.
خامسًا: أنَّ المقصودَ بالنيَّةِ تمييزُ عملٍ عن عملٍ، وهذا يحصُلُ بالنيَّةِ المقترِنةِ والمتقدِّمةِ.
سادسًا: أنَّ المعروفَ من صلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه أنَّهم كانوا يُكبِّرون بيُسرٍ وسهولةٍ مِن غير تعمُّقٍ وتكلُّفٍ وتعسيرٍ وتصعيبٍ، ولو كانت المقارنةُ واجبةً لاحتاجوا إلى ذلك.
حكم تأخُّرِ النيَّةِ عن تكبيرةِ الإحرامِ
لا يجوزُ تأخُّرُ النيَّةِ عن تكبيرةِ الإحرامِ باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشافعيَّةِ، والحنابلةِ، لأنَّ ذلك يَقتضي عُزوبَ النيَّةِ عن أوَّلِ الصَّلاةِ، وخُلوَّ أوَّلِ الصَّلاةِ عن النيَّةِ الواجبةِ، فلا يقَعُ أوَّلُها عِبادةً؛ لعدمِ النيَّةِ
الإتيانُ بتكبيرةِ الإحرامِ قائمًا
يُشترطُ في صحَّةِ تكبيرةِ الإحرامِ في صلاةِ الفرضِ أن يأتيَ بها قائمًا، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشافعيَّةِ، والحنابلةِ، والدَّليلُ من السنَّةِ:عن أبي حُميدٍ السَّاعديِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: «كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام إلى الصَّلاةِ اعتَدَل قائمًا، ورفَعَ يديه، ثم قال: اللهُ أكبَرُ».
اقرأ أيضًا:
تكبيرةِ الإحرامِ بلفظِ «اللهُ أكبَرُ»
لا تنعقِدُ الصَّلاةُ إلَّا بتكبيرةِ الإحرامِ بلفظِ: «اللهُ أكبَرُ»، وهذا مذهبُ المالكيَّةِ، والحنابلةِ، وهو قولُ الشافعيِّ القديمُ، وبه قال أكثَرُ الفقهاء، والدليل مِن السنَّة ما روي عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مِفتاحُ الصَّلاةِ: الطُّهورُ، وتحريمُها: التَّكبيرُ، وتحليلُها: التَّسليمُ».