بمجرد أن تطأ قدمك إليها يغمرك الشغف اللامحدود لتتطلع إلى كل بقعة على أرضها ويأخذك الحنين لعناق طبيعتها الساحرة كالطائر بلا موعد وبلا مقصد مع أنفاس عميقة تنتشي بسحابة دافئة تحتضنك وتحتضنها، ذلك الشعور النوستالجي الدفين بالمخيلة المشبع بذكريات حالمة و موغلا فى سفر بلا طرق وبلا خرائط ولا عناوين حيث الملاذ الآمن بعيدًا عن الضجيج وعن ما خلفه الفيروس اللعين كورونا إنها "صور العفية" بسلطنة عمان تلك الأرض الطيبة التى جذبت محبيها من مشارق الأرض ومغاربها.
ولاية صور العفية بسلطنة عمان تعد من أجمل المناطق الجاذبة للسياحة، كما تعتبر ولاية صور أهم ولاية في المنطقة الشرقية بسلطنة عمان، وهي عاصمتها الإقليمية، وتقع على بعد 150 كلم جنوب شرقي العاصمة مسقط. واشتهرت صور قديمًا ولا تزال بصناعة السفن البحرية والصيد والنقل البحري، ولها تاريخ بحري طويل. ويطل عليها البحر من جهة الشرق، وأجمل مناطقها منطقة العيجه التي تعتبر منارتها من أقدم المنارات البحرية في السلطنة لإرشاد السفن للرسو.
وتعتبر ولاية صور أحد المراكز الإقليمية بمحافظة جنوب الشرقية، وهي أهم ولايات محافظة جنوب الشرقية وتقع في الجزء الشمالي، وتحدها من الشمال ولاية قريات ومن الجنوب ولاية جعلان بني بوعلي ومن الغرب ولاية وادي بني خالد وولاية الكامل والوافي ومن الشرق بحر العرب.
وتتبع صور نيابتي طيوي ورأس الحد، وينقسم أهلها إلى 3 أقسام: حضر، وهم أصحاب التجارة، وبادية وهم أصحاب الماشية، ومزارعون وصيادون، ولقد لعبت صور دورا رياديا وتاريخيا في حركة التجارة والملاحة وتمتعت بعلاقات قديمة ومتينة مع البحر وتمتلك تاريخا عريقا في التجارة البحرية، حيث أبحرت السفن التجارية من ساحل (مخا) وقلهات الى أكبر الأسواق العالمية مثل الهند والصين وشرقا أفريقيا والسواحل الإيرانية واشتهرت بالعديد من الصناعات كبناء السفن حيث كانت أنشط مراكز بناء السفن في الجزيرة العربية في القرن الماضي إضافة الى تميزها بالصناعات الخشبية المختلفة وصناعة النسيج والحلوى والخناجر ومصاغ المرأة الصورية من الذهب والفضة والصناعات الجلدية والسعفية وتزخر صور ونيابتها وقراها بكم هائل من الفنون الشعبية العريقة والمتنوعة مثل فنون الرزحة والميدان والتشحشح والفنون البحرية.
وواكبت ولاية صور النهضة المباركة التي أرسى دعائمها السلطان الراحل قابوس طيب الله ثراه، من خلال نهضة سياحية تمثلت في إنشاء المرافق الخدمية والسياحية كالفنادق والاستراحات، إضافة الى الحدائق الطبيعية وحدائق البلدية والمتنزهات والشواطئ الجميلة من نيابة طيوي حتى جعلان بني بوعلي.
وتأسر القلوب ولاية صور قلوب زوارها لأن بها قلهات ذات الشواطئ الرملية البيضاء الساطعة التي تعتبر عامل جذب سياحي لمحبي السياحة البحرية والتخييم للسياح من داخل عمان وخارجها، ولمحبي المغامرة والتخييم والسياحة الجبلية فإن لقلهات جبال شاهقة ترتفع عن سطح البحر 2300 متر وتصل فيها درجة الحرارة مع فصل الشتاء عشرة تحت الصفر.
لذلك هي مكان مثالي لمحبي الهدوء والاسترخاء وبعيدا عن صخب المدن وتلوث عوادم المركبات والمصانع، وهناك متعة التخييم على جبال قلهات التي تعتبر من اجمل المعالم السياحية بالسلطنة من حيث سحر الطبيعة وجمال الزهور البرية وهدوء المنطقة ونقاء جوها العليل وحيواناتها البرية التي تسرح بين جنباتها، قديما قال عنها ماركو بولو لما زارها في القرن الثالث عشر الميلادي ان الجبال التي خلف قلهات هي حصن طبيعي لها، ومن الأشياء التي تأسر القلوب نجد وادي شاب في نيابة طيوي حيث يعتبر لوحة فنية طبيعية، وبالقرب من وادي الشاب وادي طيوي الذي يقصده السياح محبي المغامرات والمشي الجبلي من وادي طيوي مرورا بالجبال مشيا على الأقدام حتى ولاية وادي بني خالد في محافظة شمال الشرقية خلال ستة عشر ساعة.