قنبلة من العيار الثقيل تفجرت في الأيام الماضية وأحدثت ضجة كبرى حينما أعلن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) في 7 أكتوبر الجاري أنه أجاز رفع السرية عن رسائل البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة الخارجية السابقة (هيلاري كلينتون) واصفًا ما ورد فيها بالجريمة في تاريخ أمريكا.. مئات الرسائل المسربة كشفت كيف استغلت الولايات المتحدة في عهد (أوباما) الإخوان المسلمين واستخدمتهم كاستثمار احتلالي وكحصان طروادة لاختراق العالم العربي حيث اتخذ (أوباما) قرارا بالتخلي عن سياسة أمريكا (سياسة الحليف القوي) واستبدالها بسياسة التابع.. وكشفت الرسائل أيضًا دور قطر وتركيا في الخراب العربي وهاتان الدولتان بالطبع يتمنيان عدم فوز ترامب ولكن في اعتقادي فإن (بايدن) أيضًا لن يفيدهم في شيء حيث أن له موقفا عدائيا من تركيا لا أعلم إن كان سيغيره في حالة فوزه أم لا.
وقد التزمت قناة الجزيرة الإرهابية الصمت تمامًا ولم تأت على ذكر التسريبات من قريب أو بعيد لأن هذا الموضوع ليس مجرد إتهام وإنما هذه المرة هي وثائق أمريكية لا أحد يستطيع إنكارها حتى أن الكاتب (محمد العطيفى) في إحدى المداخلات على قناة الجزيرة مباشر وكانت تناقش الوضع المصري الداخلي الذي لا شأن لهم به أصلًا هاجمهم قائلًا: (كفى دجلًا على العالم العربي وكنا نتمنى أن تحدثنا الجزيرة عن تسريبات كلينتون...)
وفي الواقع هذه التسريبات هي غيض من فيض كما يقولون ووليمة من الفضائح تكشف كل ما أحيك من مؤامرات للمنطقة حيث كان للولايات المتحدة دور أساسي في الاتصال بالإخوان المسلمين ومساعدتهم في الإستيلاء على السلطة في مصر فقد كشفت الرسائل عن لقاءات مكثفة لمسئولين في الخارجية الأمريكية مع أعضاء في تنظيم الإخوان فمثلًا كانت هناك رسالة من مساعد هيلاري (جيفري فيلتمان) أخبرها في أنه عقد لقاء موسع مع أعضاء تنظيم الإخوانوأن مساعد وزيرة الخارجية (بيل بيرنز) التقى مع عناصر إخوانية من تونس والمغرب ومصر.
كما تقول إحدى الرسائل نصًا "السيدة الوزيرة التقيت بهم أمس ويلتقى (بيل بيرنز) اليوم مع طيف واسع من الإسلاميين من تونس والمغرب ومصر وسيلتقى (بوب هورماتس) و (بيل تايلور) مع أعضاء التنظيم في مصر!!"
وبهذا الدعم والإعداد الأمريكي اغتصب (محمد مرسي) مقعد الرئاسة في مصر بعد شهر من هذه الإتصالات المكثفة.. وقطر بالطبع كانت وراء كل الأحداث وكان لها وكلاء في مصر وتونس وكل بلد عربي تعرض لمؤامرة الثورات العربية.. لعبت قطر نفس الدور وما زالت تعمل على زعزعة الاستقرار وهي بشهادات كثيرة تتبع نفس إستراتيجية إيران في هدم الجيش الوطني وإنشاء ميليشيات موالية لها.
والأموال القطرية المشبوهة لم تتوقف فقط على دعم الكيانات الإرهابية بالسلاح والمال بل تطرقت إلى إنشاء جمعيات ومنتديات تحت شعارات وهمية للسيطرة على الشباب العربي ودعم ما سُمى زورًا وبهتانًا بالربيع العربي..
الإيميلات توثق الأحداث والمواقف وتوضح كيف تم التخطيط للقضاء على الدولة الحديثة واستبدالها بأنظمة تسيطر عليها جماعات وتنظيمات الإخوان المسلمين ودور قناة الجزيرة في تمكين الإسلاميين من الصعود للسلطة بالدعم الإعلامي وإستبدال أنظمة مستقرة حلفاء لأمريكا إلى تجريب عناصر جديدة خالصة الولاء لأمريكا وقد قالتها هيلاري كلينتون نصًا:- (قلت لهؤلاء الأنظمة عندما كنت وزيرة للخارجية تغيروا أو موتوا).. إن إدارة أوباما كانت مقتنعة أن الإخوان المسلمين هم القوة الوحيدة القادرة على الإمساك بزمام الأمور وهي الجد الأكبر لكل الجماعات الإسلامية وكيف فتحت الدوحة خزائنها لتمويل تلك المؤامرة وكانت النتائج مأساة الفوضى في ليبيا والحرب الأهلية في اليمن وذهاب الأزمة السورية في طريق اللاعودة ويدفع الثمن الشعب السوري..
ولذا تم التوصل للاتفاق النووي مع إيران في العام 2015 وإطلاق يدها في المنطقة لزيادة العبث والفوضى الخلاقة وفي الحالة المصرية لا ننسى تغريدة (سعد الدين إبراهيم) الذي ساهم في التخلص من الرئيس الأسبق (مبارك).. سعد الدين إبراهيم الذي يتباهى في كل حواراته بأنه وقت أحداث 25 يناير كانت زوجته الأمريكية تقف في ميدان التحرير بينما يجلس هو إلى جوار أوباما كأحد مستشاريه ولكنه ينفي دوره الكبير الموثق في تمكين الإسلاميين من السلطة ويقول أن كل ما جرى أن الإخوان قالوا له حدث الأمريكان عنا وفعل ذلك..
إن إدارة أوباما كانت تنظر للإسلام السياسي على أنه الأرجح لتولي السلطة في بلاد الربيع العربي ولذلك فإن إحدى رسائل كلينتون تم فيها وصف (عبد الحكيم بلحاج) بكلمة ولدنا في ليبيا!! وبلحاج لمن لا يعرفه هو أحد أبرز قادة الجماعات المرتبطة تنظيميًا بشكل غير مباشر بتنظيم القاعدة ومؤسس الجماعة الليبية المقاتلة التي تم حلها وهو أيضًا متهم بالوقوف وراء الإغتيالات السياسية في تونس للمناضلين (شكري بلعيد) و(محمد البراهمي) وهو الآن يقيم في تركيا ويدير شبكة ميليشيا تتبع ظاهريًا حكومة الوفاق وفكريًا وعقائديًا تنظيم القاعدة وقد تحول في غمضة عين إلى ملياردير كما أكدت ذلك مصادر حكومية فرنسية بعد أن أغدقت عليه قطر بأطنان من المعدات العسكرية تدفقت على قاعدة (معتيقة) وأنشأت له شركة طيران تسمى الأجنحة والتي يدعي أنه يمتلكها تؤمن عشرات الرحلات يوميًا بين طرابلس وعدة دول أخرى..
كما ساعدت الدوحة بلحاج في تكوين وتسليح ميليشياته المسلحة التي مارست عدة جرائم إرهابية في ليبيا ووفرت له الجزيرة ظهورًا إعلاميًا كل هذا تم تحت مرأى ومسمع إدارة أوباما.. وفي 2019 كشف الإرهابي (هشام العشماوي) أن بلحاج يقوم بدعم مجموعات تابعة لعشماوي في درنة ماديًا ولوجيستيًا كما كشف السيد (محمود جبريل) الرئيس السابق للمجلس الوطني الإنتقالي الليبي قبل رحيله عن دور قطر وميليشياتها في تمزيق ليبيا وكيف أن قطر كانت وراء قتل اللواء (عبد الفتاح يونس) في بداية عام 2012 لأنه كان ينتوي إنشاء جيش وطني ليبي وقطر كانت ترفض ذلك وتريد استبداله بحرس وطني وهذا ما يفسر سبب العداء الذي تكنه الدوحة للمشير (خليفة حفتر) إذ أنها كانت تعتقد أن قتل اللواء يونس سيقتل معه فكرة الجيش الوطني ولكن الأفكار لا تموت أبدًا.
وتابع جبريل في شهادته أن قطر حاولت أكثر من مرة أن تجمعه مع (بلحاج) ليتولى تأسيس الحرس الوطني ولكنه فطن للمؤامرة القطرية ورفض رغم وجود المستشار مصطفى عبد الجليل.
إن قطر كانت وراء كل مآسي العالم العربي وهي من وجهة نظري أمامها خياران لا ثالث لهما إما أن تغير من نفسها وهذا شيء مستبعد حتى لا تواجه مزيدا من العزلة أو تستعد لأن يأتي عليها الدور لكي تمزق كما ساهمت في تمزيق دول عربية وعبثت بأمن المنطقة..
إن التاريخ لن يرحم إدارة أوباما ودورها الإجرامي والسياسة الأمريكية الأكثر بؤسًا في تاريخ الولايات المتحدة وبالطبع فإن الصراع الإنتخابي المحموم وغير المسبوق بين الديمقراطيين والجمهوريين هو ما أدى إلى كشف المستور.