بما أننا مازلنا في شهر أكتوبر شهر ذكرى العبور العظيم ولكن معه تتجدد ذكرى اغتيال قائد هذا النصر الكبير في تاريخ مصر والعرب.
والزعيم الراحل أنور السادات الذي اغتالته رصاصات الغدر في ذكرى الانتصار الذي قاد معركته وسط أشد الظروف ظلما وظلاما مازالت سيرته تتعرض للاغتيال في أحاديث وحوارات بعض المثقفين.
والحانقون دائما ما يجدون لذة في إذكاء نارها وتأجبج لهيبها بعبارات محفوظة وصلت إلى حد المسلمات الببغاوية حول سياسة الانفتاح الاقتصادي وما جره على البلاد من ويلات وأنها فرصة ذهبية للبكاء على الأطلال الأخلاقية وكيف تطاول الحفاة في البنيان وفرضوا ذوقهم المتدنى على المجتمع النبيل الراقي
وكيف ركب السباك والنجار والعتال والحلاق والعربجي المرسيدس والبي إم
وكيف سادت أغانى عدوبة على اغانى عبدالوهاب وام كلثوم وأوبرا لاترافيتا
وليسمح لى السادة أصحاب اللياقات المنشاة من المثقفين من أي اتجاه سواء كانوا يسار أو ليبرالية أو ناصرية أو رجعية.. أو لا يسمحوا..
فالسادات في سياسة الانفتاح كان سابقا لعصره كعادته فما هي إلا سنوات بعد سياسة الانفتاح حتى وجدنا العالم بأسره يتجه وجهة السادات وإذا بالسياسات الاقتصادية ذات الطابع الشيوعي أو الاشتراكي تنهار في عقر دارها في روسيا نفسها معقل الشيوعية ويتفكك الاتحاد السوفيتي ليحقق نبوءة السادات نفسه الذي أنقذ الملايين من المهنيين وصغار التجار والحرفيين من شبح فقر مدقع كانت البلاد تتخذ خطواتها إليه بانتظام على الأقل بعد تكاليف حربين كبريين فرضتهما الظروف فرضا كلفتا البلاد مالا يطيق أي اقتصاد مهما بلغ من قوة
فتح السادات السوق
وانتعشت الأحوال بين طبقات المجتمع الدنيا وقفزت فئات منهم إلى صفوف المجتمع الأولى
وما الأمر؟!
أليس من حقهم؟!
فكأنك يا سيدي المثقف تريد أن تستأثر بالصدارة أو تملى على الأقدار ما تراه عيناك وحدك؟!
وامتلأ الخطاب الثقافي بالحنق والسخرية من الفئات الصاعدة وعادت لهجة 'الباشا بتاع الفجل" في نظرة الاحتقار إلى خلق الله مع النحيب على ميزان المجتمع الذي مال
إنها ليست أكثر من ممارسة غرور بغيض وإصرار على حمل أختام الرقي والعدالة
لا يا سادة.. من حق كل من يعيش في هذا البلد أن يعمل وليس من حق أحد أن يحرمه أو يسخر من ثمرة عمله أو النظر إليه بتلك النظرة الاستعلائية التى تعكس مدى هشاشة نفوس بعض المثقفين وخلطهم الأوراق.
أطلق الأستاذ الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين على الانفتاح أنه "سداح مداح" وهو بالفعل سداح مداح ولو لم يكن كذلك لما كان انفتاحا وحتى مع المظاهر السلبية له إلا أن التجربة كانت لابد أن تتم بهذا الشكل فلو وضعت قواعد التوجيه التى يريدها الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين لما كان انفتاحا بالمرة. بعدما لما عانينا منه من فساد حقيقي اختبأ تحت دثار العدالة الاشتراكية التى مارس البعض بها مالم يمارسه الإقطاع في اسوأ عهوده
وماذا.غي تحقيق الثراء للبعض؟!.. ألم يسع الأستاذ بهاء نفسه لحياة كريمة - كبديل أكثر لياقة لكلمة الثراء سيئة السمعة عندما عمل في الكويت فأخرج لنا واحدة من أهم المجلات العربية ليكمل مسيرة سابقه الكاتب الكبير أحمد ذكي في مجلة العربي الكويتية؟!
أليس الأستاذ زياد أحمد بهاء الدين هو الآن أحد رموز الاقتصاد الليبرالي الذي يتجاوز كثيرا ما فعله السادات سياسيا واجتماعيا بجانب النظرة والنظرية الاقتصادية
لكن الهجوم على السادات جواز مرور للمجتمع الثقافي النضالي الذي ظلم ومازال يظلم السادات
كأن العيشة الرغدة محرمة على السباك والنجار والحلاق وكأن الأفنديات وحدهم هم الذين لهم الحق في الحياة الكريمة
أليس هؤلاء الحرفيين هم من كان المثقفون يطالبون بحقوقهم في حياة كربمة؟!
فما لهم إذا ما تحقق لهم ما طالب به المثقفون أنفسهم إذ بهم ينقلبون عليهم وعلى من فتح لهم الطريق؟!
وهذا السؤال الأخير ليس سؤالي بل كان تساؤلا جريئا ورد على لسان المثقف الحقيقي الحر والكاتب الكبير الراحل الدكتور حسين فوزي في برنامج شاهد على العصر مع الإذاعي الكبير عمر بطيشة في فترة الثمانينات عبر أثير البرنامج العام وكاد هذا يكون الرأي الوحيد الذي سمعته يدافع عن حقوق هؤلاء في الحياة دون ادعاءات كاذبة.
ومازال للحديث بقية عن محاولة تشويه بطل العبور.