EN
عندما استمعت لبرومو الألبوم الخاص باحتفال إليسا بمرور 20 عاما على إصدار ألبومها الأول، وجدت أغنيات كثيرة لازالت محفورة في الذاكرة وأكرر سماعها إلى الآن، أغنيات لامست المشاعر والأحاسيس للكثيرين، وعاشت معنا ذكريات كثيرة.
بدون شك إليسا تأتي في مقدمة المطربات المؤثرات في الأغنية العربية في العشرين سنة الأخيرة، قصة نجاح كبيرة صنعتها بجهد وإخلاص وحب لفنها، من الصعب على المطرب الوصول لجمهور متعدد الثقافات وقليلون من نجحوا في ذلك وإليسا واحدة منهم تجد جمهورها ما بين شباب وكبار ما بين المدن والريف استمع الى أغنياتها ويرددونها! بالتأكيد هذا النجاح يجعل مسؤولية أي فنان صعبة للغاية كلما زادت النجومية زادت المسؤولية والتحدي.
ممكن القول إن ألبومها الأخير "صاحبة رأي" كان الألبوم الأصعب في مشوارها الطويل، هو بمثابة نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة بعد أن قررت الاستقلال إنتاجيا، وهو القرار الصعب الذي صاحبه أحاديث إعلامية كثيرة.
أثناء ذروة العمل على الألبوم كانت الأمور صعبة عليها حيث بدأت التفكير في قرار الانفصال عن شركتها، وما أحاط القرار من ضغوطات نفسية كثيرة، أنا شخصيا كنت من الداعمين لفكرة استقلالها وإنتاجها لنفسها، وقلت لها ذلك أكثر من مرة حتى تبتعد عن أي ضغوط ، الفنان يجب أن يعمل في هدوء وراحة نفسية.
حينها حضرت إلى القاهرة وجلست نحو أسبوع، في رحلة عمل فقط أرادت خلالها أن تكون في قمة تركيزها وتعقد جلسات عمل مباشرة مع الشعراء والملحنين، كان اهتمامها كبيرا بهذا الألبوم الأخير مع شركة إنتاجها السابقة، وكنت مشفقا عليها لأنها مطالبة بمستوى فني معين في ظل تلك الظروف المضطربة ولكني عندما رأيتها وجدتها تعمل بأقصى جهد وتركيز وتجلس يوميا لساعات عمل طويلة دون كلل تستمع لعشرات الأغنيات حتى تجد ما تريده، وحتى من يحضر لها أغنيات بعيدة عن مستوى اختياراتها، تتحدث معه وتشرح له ماذا تريد لو كان هناك إمكانية لتعديل الاغنية لتناسبها وهكذا، استمعت لكم كبير من الأغنيات حتى استقرت على ما تريده لألبومها.
في العموم الأمر ليس سهلا أن تجد أعمالا فنية كثيرة جيدة مثل الماضي القريب، الإبداع أقل من الماضي في جميع المجالات سواء الكلمة أو اللحن والموهوبون أصبحوا قليلين.
وخرج ألبوم "صاحبة رأي" للنور ، أستمع إليه الآن وبدأت أكرر الاستماع لأكثر من اغنية على مستوى فني متميز مثل شبه نسيتك، هعتبرك مت، مباحة، اغانينا، صاحبة رأي .
من مميزات ألبومات اليسا ان لها شكلا فنيا سواء من حيث اختيارها للأغنيات المصرية واللبنانية او إعادة أغنيات قديمة عربية او أجنبية.
إليسا على المستوى الشخصي لها نصيب كبير من اسم الالبوم، هي صاحب رأي جدا لدرجة انها لا تتنازل عن رأيها بسهولة، وممكن ان يجلب لها ذلك مشكلات ولذلك أقول لها كثيرا "دماغك صعيدية"! ولكن كونها من أكثر الفنانين العرب تفاعلا مع معجبيها على مواقع التواصل الاجتماعي جعلها مندمجة بشكل كبير ومباشر مع قضايا مجتمعية وتكون مقتنعة بما تكتبه او تقوله، ونشأتها في بلد مثل لبنان "غارق" في الخلافات السياسية طوال الوقت وما لذلك من تأثيرات كبيرة على المجتمع جعلها مشدودة مؤخرا وأصبحت تغريداتها أكثر حدة بسبب غضبها وحزنها على وطنها، ولكنها لا تتراجع، ومنذ عرفتها قبل سنوات وهي صريحة لدرجة صادمة مهما كلفها ذلك الأمر.
عندما تتأمل مسيرة تلك المطربة تجد انها حققت بالفعل نجاحا استثنائيا وأرقاما قياسية على جميع المستويات، وكان لديها القدرة على الاستمرار وتقديم مستوى متميز في الأغنية العربية طوال تلك السنوات، وهو أصعب اختبار لأي فنان "الاستمرار" على القمة.
