- هل تتخيل أنهم يتهموننى بأننى إخوان؟!
قالها صديقي الذي كان مرشحا في انتخابات سابقة شاكيا ساخرا متحسرا من خصومه في الانتخابات التى جرت في نقابتهم.
وبالطبع كنت أعرف جيدا أنه ليس له أي صلة بالإخوان كجماعة أو كأفكار لكن ربما دفعته المصالح الانتخابية إلى الاقتراب منهم في فترة ما.
لكنه أردف ساخرا "مش عارف ليه بيقولوا إنى من الإخوان.. مع إنى بتاع نسوان!".
وكان من الممكن أن تمر هذه العبارة التى جاءت على سبيل المزاح، ولكن توقفت أمامها كثيرا..فالرجل يظن أن كونه "بتاع نسوان" سوف يكون دليلا دامغا على أنه ليست له صلة بجماعة الإخوان وأنه لا يمكن أن ينتمى إليهم لأنه "بتاع نسوان".
وكانت أولى ملاحظاتي هو أن الواقف أمامي يردد هذا الكلام - ولو على سبيل السخرية- يعرف جيدا من هم الإخوان بل وكان مطلعا على أسرار كثيرين منهم ويعرف أغراضهم جيدا وهو أول من يؤكد أن تدينهم نوع من الخداع وأنهم فقط جماعة سياسية براجماتية تستغل الدين وتريد الاستيلاء على الحكم بشتى السبل تحت هذا الزعم ولأنها جماعة تدرك مدى أهمية العامل الديني في استدراج الشعوب اتخذت هذا المدخل الديني لتأسر من خلاله وعي الناس، وتتحكم في مصائرهم الدنيوية بادعاء إنقاذ مصائرهم الأخروية وبزعم أنهم جماعة دعوة من أجل إنقاذ المسلمين في دينهم ودنياهم ولذلك هم جماعة طاهرة مطهرة وهذا اعتقاد راسخ لديهم لمجرد الانتماء للجماعة
وبدون الدخول في مجالات حول هذا الزعم يطرح السؤال نفسه: لماذا هناك تصديق لأى مدعي تدين بأنه طاهر لا يأتيه الخطأ لا من بين يديه ولا من خلفه.
فهل فقط الانتماء لجماعة الإخوان أو غيرها من التشكيلات الدينية التى يموج بها المجتمع بصلح دليلا على ذلك؟!
فبأي دليل وبأي سند إذن يمكن أن يزعم زاعم ذلك وما الذي يجعل الانتماء لكيان في حد ذاته هو دليل شرعي على الطهر دونا عن بقية المجتمع؟!
فمن الذي يقدم الضمان على هذا الادعاء؟وحديث الرجل ولو كان ساخرا إلا أنه يعكس مكمن الخطورة في النظرة إلى تلك الجماعات التى تنفصل بكياناتها بأسماء خاصة أساسها التميز عن جماعة المسلمين العامة دون برهان
فما الذي يميز مسلما منضما لجماعة الإخوان عن أي مسلم آخر؟!
وهل ضل المسلمون لمدة أربعة عشر قرنا فلم يجدوا وسيلة للتطهر غير الانضمام لجماعات فرعية تزيد من انقسام المجتمع وتعمل على بث الفتنة بين أبناء الدين الواحد؟!
وبأي حجة وبأي برهان وبأي سلطان يتم وضع أتباع الدين الواحد في درجات دينية تحسب بناء على الانتماء لجماعة ما؟!
فإن كان من حق الإخوانى أو السلفي أو أي تابع من اتباع تلك الجماعات البدعية التى أخرجت لنا الأحزاب والفرق والجماعات الدينية أن يرى نفسه طاهرا متطهرا، فإن ذلك يعطى الفرصة لأى فرد أن يجمع حوله عددا من الناس تحت أي دعوة إصلاح ليروا أنفسهم ويراهم الناس أنهم أتقياء أنقياء فإنه يمكن أن يفعل أي شخص ذلك ويزعم هذا الاجتراء على الله ورسوله.
وإن كان يمكن قبول الانتظام في هيئات ما على سبيل دعم التربية الروحية الأخلاقية وتقويم السلوكيات في كيانات تعليمية أو تربوية أو ثقافية سواء بغرض إصلاح ديني أو اجتماعي أو أي من أنواع التعليم لكن بشرط العلانية وعدم التميز عن المجتمع و الأهم هو عدم الحديث باسم السماء لانتفاء الحجة في ذلك فلا يحق لأحد ممارسة أي سلطة دينية على أحد بعد ختام النبوة بوفاة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا حق للمنتمين لتلك الكيانات التى انتظموا فيها أيا كانت أن يروا أنفسهم طاهرين مطهرين لمجرد الانتماء إليها،ذلك لأن هذا الاعتقاد سيبيح لهم شيئا فشيئا أن أي فعل يصدر منهم هو فعل يتسم بالطهر أو على الأقل سيكون له ما يبرره لأنه لن يأتيهم باطل ماداموا منتمين لهذا الكيان أو ذاك لأ مثلهم لا يخطئون،وهذا هو الخطأ الأعظم فلا فائدة إن ظننا أن أعضاء تلك الجماعات لا يأتون في أنديتهم المنكر وأن الشيطان لا يعرف إليهم سبيلا.
لا وألف لا ، فما انفصلت هذه الكيانات عن بقية الجماعة ولا خلقت من طينة غير طينتها وإن أوهموا أنفسهم بأنهم هم المطهرون فمالنا نحن نراهم كذلك ولا سلطان في حكمهم على أنفسهم أو في حكمنا عليهم؟!