" ليس أشق على نفسي من الكتاب عن حرب أكتوبر 1973 " حرب يوم كيبور" ..كانت كارثة ساحقة وكابوسا عشته بنفسي وسيظل معي باقيًا على الدوام " .. هكذا وصفت جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية إبان حرب اكتوبر، خيبة الإسرائيليين في الحرب عام 1973، وذلك في كتابها " حياتي" والذي ترجم إلى "اعترافات جولدا مائير".
قبل الحرب بساعات ، وتحديدًا في 5 أكتوبر، نجح الجنود المصريون في التمثيل ببراعة ، وظلوا يلعبون الكرة على شط القناة ، وينشرون ملابسهم في وجه العدو، الأمر كان مثيرا بالنسبة لجنود العدو المتخفين وراء الساتر الترابي، لم يخطر ببالهم لحظة أن هذا جزء من التخطيط والخداع الإستراتيجي الذي تقوم به مصر لتستعيد أرضها بكل السبل حتى ولو كان بالخداع والتمثيل.
قبل حرب أكتوبر بأيام، كانت جولدا مائير خارج إسرائيل وعادت قبل الحرب يوم الثلاثاء 4 أكتوبر،، وفور عودتها عقدت اجتماعا مع قيادات من الوزارة والجيش في مطبخ منزلها وناقشت معهم المعلومات التي وصلتها قبل الحرب بخمسة أشهر، حين علمت بتعزيزات القوات المصرية والسورية على الحدود.
تقول مائير في اعترافاتها- كان الرأي الذي التقي حوله الجميع:" أن
الموقف العسكري يتلخص في أن إسرائيل لا تواجه خطر هجوم مصريا - سوريا، أما القوات
المصرية المحتشدة في الجنوب، فلا يتعدى دورها القيام بالمناورات المعتادة".
لم يجد أحد المجتمعين ضرورة لاستدعاء الاحتياطي من القوات الإسرائيلية ،
ولك يفكر أحد أن الحرب وشيكة الوقوع بعد ساعات قليلة، وهو ما نجحت فيه الخطة المصرية
والخداع الإستراتيجي بالثبات أمام العدو وعدم إثارة الشكوك للحظة.
في يوم 5 أكتوبر، عقدت مائير
اجتماعًا آخر مع القيادات من الجيش، وتم التفويض لاستدعاء قوات الاحتياطي وإعلان
التعبئة العامة تحسبًا لأي مناوشات أو هجوم من القوات المصرية ، وتقول مائير في
اعترافاتها حول هذا الاجتماع:" كان من واجبي أن استمع إلي إنذار قلبي،
واستدعي الاحتياطي، وآمر بالتعبئة".
ووصفت شعورها إزاء الخيبة بقولها:" لم يكن منطقيًا أن آمر بالتعبئة مع
وجود تقارير مخابراتنا العسكرية، وتقارير قادتنا العسكرية، التي لا تبررها لكني-
في نفس الوقت- أعلم تمامًا أنه كان واجبًا عليّ أن أفعل ذلك وسوف أحيا بهذا الحلم
المزعج بقية حياتي ولن أعود نفس الإنسان الذي كنته قبل حرب يوم
كيبور".
وفي الساعة الرابعة من صباح يوم
السبت 6 أكتوبر، تلقت مائير-كما تقول في اعترافاتها- معلومات" بأن المصريين
والسوريين سوف يشنون هجومًا مشتركًا في وقت متأخر بعد ظهر نفس اليوم"، وعلي
الفور عقدت مائير اجتماعًا ثالثًا والذي
جري من خلاله من جديد استعراض الموقف.
ولكن كما تقول مائير" كان هذا اليوم الوحيد الذي خذلتنا فيه قدرتنا
الاسطورية علي التعبئة بسرعة" ، واجتمعت
مائير عقب هذا الاجتماع بزعيم المعارضة "مناحم بيجين" واجتمعت بالسفير
الإسرائيلي في إسرائيل وعند الظهر عقدت مائير اجتماعًا للحكومة الإسرائيلية للبحث
في تعبئة قوات الاحتياطي.
فجأة وقبل أن ينتهي الاجتماع، فتح باب قاعة الاجتماعات واندفع سكرتير مائير
العسكري نحوها ليبلغها بأن الهجوم قد بدأ ، وتقول مائير:" في نفس اللحظة
سمعنا صوت صافرات الإنذار في تل أبيب وبدأت الحرب".
وتقول مائير في اعترافاتها:"
ليت الأمر اقتصر علي أننا لم نتلق إنذارات في الوقت المناسب بل إننا كنا نحارب في
جهتين في وقت واحد ونقاتل اعداء كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا من سنين".
"كان التفوق علينا ساحقًا من
الناحية العددية سواء من الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال.. كنا نقاسي
من انهيار نفسي عميق.. لم تكن الصدمة في الطريقة التي بدأت بها الحرب فقط، ولكنها
كانت في حقيقة أن معظم تقديراتنا الأساسية ثبت خطؤها. فقد كان الاحتمال في أكتوبر
ضئيلًا"، هكذا وصفت جولدا مائير في اعترافاتها لحظات حرب أكتوبر 1973.