قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إسلامنا.. واليوم العالمى للمسنين


اليوم العالمى للمسنين، أحد المناسبات والاحتفالات العالمية المهمة التى أقرتها هيئة الأمم المتحدة، ويتم إحياؤها سنويامن قبلها ومنظماتها فى الأول من أكتوبر، بهدف رفع نسبة الوعى بالمشاكل التى تواجه المسنين، كالهرم وإساءة معاملتهم، إضافة الى الاحتفال بما أنجزه كبار السن
للمجتمع، وهو يوم عالمى مشابه لاحتفال أمريكا وكندا بيوم الأجداد، واحتفال اليابان بيوم احترام المسنين
.



ولعل أبلغ تعريف للشيخوخة ما جاء فى كتاب "علم نفس النمو من الجنين إلى الشيخوخة" للباحث الدكتور عادل عزالدين، بأنها ظاهرة طبيعية تعبر عن التغيرات التي تحدث في التكوين الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، بالإضافةإلى ما يحدث نتيجة ذلك في الأداء أثناء رحلة حياة الفرد".



وثمة عدد من أنواع الشيخوخة التى قد لايعرفها الكثيرون منا، ومنها الشيخوخة البيولوجية، والتى تشمل التغيرات التي تحدثفي جسم الإنسان في المراحل الأخيرة من الحياة، وهذه التغيرات قد تبدأ بفترة طويلةقبل أن يصل الإنسان إلى سن الخامسة والستين، وشيخوخة الإدراك، وتشمل هبوط القدرةلتحصيل معلومات جديدة وتقبل سلوك وأفكار جديدة، وشيخوخة الشعور، وتشمل هبوط القدرةعلى التكيف لمواجهة التغيرات في البيئة المحيطة، وجميع هذه التطورات والتغيرات لاتحدث معا في زمن محدد ولجميع الأفراد، فهناك فرد قد يصيبه العجز في كل هذه المظاهر
في سن الستين، بينما فرد آخر وفي نفس السن نجده يتعلم بهمة عالية، مهنة جديدةويتكيف بسهولة في وظيفة جديدة
.



من أكبر مشاكل المسنين التى تواجههم، الشعور بالفقد المادي أو المعنوي، إضافة للإحساس بالحرمان من التقدير الأدبي أوالاجتماعي، وفى أوائل الألفية الثالثة حسب إحصاءات البنك الدولي، سوف يكون ثلثسكان العالم فوق سن الستين، بينما في العام 2050 سوف يكون متوسط عمر الفردالثمانين أو أكثر وتمثل النساء أغلبية المسنين وسوف يكون 65 % منهن فوق الثمانينعاما.



بيد أن ثمة مجموعة من المسلماتالمجتمعية الاعتقادية التى يؤمن بها الكثير بمجتمعاتنا العربية وهى أن تعريف العمرالزمني للمسن أدخل كثيرون طواعية أو كراهية في نفق الشيخوخة حتى وإن كانوا أكثرعطاء من الشباب، وأن المسن ضعيف البنية ويستحق الرثاء، وأنه غير قادر على العطاءولا يملك ما يقدمه للحياة، وأن المسن عبء على الأسرة والمجتمع وكأنه ما قدم شيئاولا ترك دينا على عنق المجتمع.



فى حين تشير الباحثة الدكتورة أمل فوزىعوض فى دراستها "التشريعات وآليات الحماية والتدخل القانوني لمواجهة مشكلاتالمسنين" أن المشكلة الرئيسية لكبار السن تظهر في هذا الاختلاف بين الشيخوخة وبلوغ سن معينة، إذ قد يبلغ الشخص سن التقاعد وهو لا يزال قادرا على العطاء وخدمة مجتمعه، مع ما للتقاعد من آثارٍ سلبية على الفرد، سواء بانخفاض دخله و شعورهبالتهميش وعدم وجود دور له، ومن هنا اهتمت المواثيق الدولية بتناول موضوع حقوقالمسنين بما يحقق التكريم والتقدير لهم، وفي ذات الوقت يحقق لهم القدرة على خدمةالمجتمع والعطاء والرفاهية التي يستحقونها بعد سنين العمل.



وإذا كانت مواثيق حقوق الإنسان الحديثةوالمعاصرة قد اهتمت بكبار السن من خلال تشريعاتها الدولية المتمثلة فى المؤتمرالعالمي الأول للشيخوخة الذي عقد في فيينا بالنمسا العام 1982، والمؤتمر الدوليالذي انعقد في مكسيكو سيتي العام 1984 وقدمفيه توصية بضرورة قيام الدول بالاهتمام بالمسنين، ثم كانت الخطوة الكبرى باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1991م لمبادئها المتعلقة بكبارالسن، والخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب القرار 91/46الصادر في 16 ديسمبر 1991.



فإنى أعلنها للعالم بمنظماته وهيئاتهالدولية أجمع، أن ديننا الاسلامى الحنيف بقيمه وأخلاقه الفريدة، لم يهمل حقوق كبارالسن منذ بزوغ فجره على البشرية والعالم، بل سبق كل تلك المواثيق الانسانية الحديثة بقرون عدة، وصدق ربنا القائل: "ما فرطنا فى الكتاب من شيء"، بلأشار الى بلوغ الانسان لكبر السن والشيخوخة والضعف، فقال تعالي :"الله الذىخلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة، يخلق ما يشاءوهو العليم القدير"، كما أوصى تعالى فى كتابه الكريم بالوالدين، وخاصة عندبلوغ كبرهما، فقال سبحانه: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناإما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا"، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق
كبيرنا"، وقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما تنصرون بضعفائكم"، ومنهؤلاء الضعفاء المسنون
.



وهذا حبيبنا الهادى يبشر كبار السن منأمته بقوله:" خياركم أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا"، وقوله:" الخيرمع أكابركم"، وفى رواية " البركة مع أكابركم"، بل إن الله تعالىيصطفى من عباده من يطول فى أعمارهم بالعافية والصحة إلى أن يقبض أرواحهم فيعطيهممنازل الشهداء، كما جاء فى المعجم الكبير للطبرانى فى قول نبينا:" إن للهعبادا يضن بهم عن القتل، يطيل أعمارهم فى حسن العمل، ويحسن أرزاقهم، ويحييهم فى
عافية، ويقبض أرواحهم فى عافية على الفرش، فيعطيهم منازل الشهداء
".


أيضا من وصايا ديننا بكبار السنوتوقيرهم واحترامهم ما رواه الترمذى عن أنس فى قول رسولنا الكريم:" ما أكرمشاب شيخا لسنه إلا قيض الله من يكرمه عند سنه"، وقوله:" إن من إجلالالله إكرام ذى الشيبة المسلم".



كثيرة هى الدراسات والأبحاث التى خرجتداعية لنيل كبار السن حقوقهم والاهتمام بهم من قبل مجتمعاتهم المختلفة، وبيئاتهمالشتى، ومنها ما وصى به الباحث راشد حمد العذبة فى دراسته "رعاية المسنين فيالألفية الثالثة" بأن تساعد الدولة الأسر التي تضم بين أفرادها المسنينبتوفير الاحتياجات الصحية للمعيشة اليومية حتى تتمكن من رعايته في بيئته، وإعدادفرق صحية متكاملة ومؤهلة من طبيب، ممرض، إختصاصي نفسي و اجتماعي، ومتطوعين تقومبزيارة المسن في بيئته للكشف عليه وتقديم الرعاية المطلوبة مع التأكيد على ضرورةالمتابعة.



كما اتفق حتما مع الدكتورة أمل فوزى فىأنه لابد من صياغة مشروع قانون متكامل يضمن حقوق المسنين، ويحفظ لهم الحمايةالقانونية والاجتماعية، ويفرض الالتزامات التي تقع على جميع الجهات والأفرادلتدعيم وحماية كبار السن وصون كرامتهم في إطار من التكامل والتراحم الشرعيوالدستوري والمجتمعي والعائلي.



وصفوة قولى: إن ديننا الإسلامى سيظلسباقا، معلما البشرية جمعاء كل ما يصلون إليه ويشرعونه فى مواثيقهم وعهودهمالدولية المتأخرة، وأن كبار السن يمثلون في موروثنا الدينى والثقافي العربيوالإسلامي قيمة إيمانية حقيقية، دون غيرنا من الأمم والحضارات الأخرى المتنوعة،
وعلينا أن نتقى الله فى مسنّينا، فنوقرهم ونجلّهم، ونرعاهم حق الرعاية، الصحية، والاجتماعية، والنفسية، وكل ثانية ومسنينا بخير وعافية وبركة، وحسن عمل وطاعةدائمة
.