قد يكون اختيار توقيت إصدار وتطبيق قانون إقرار المصالحات التي تتم بين المواطن والدولة في مخالفات البناء غير مناسب . لكنه في الحقيقة كان له مردود إيجابي لدى المواطنين، وأظهر تطبيقه نمو درجة الوعي والرغبة في الاستقرار لديهم، ورغبة المواطن في إعادة فتح صفحة جديدة مع الدولة، وهو ما يعود عليه بالنفع العام في مشروعات تنموية في المجتمع، وأذهلني الإقبال على المصالحات الذي نتج عنه تقدم ما يقرب من حوالي مليوني ونصف مليون مواطن للتصالح مع الدولة، وكانت الحصيلة خلال أيام ما يقرب من تسعة مليارات جنيه وهو إقبال احتراما للقانون وليس خشية من أحد، أي روح تلك التي يتحلى بها المواطن المصري الذي لبى نداء التصالح مع النفس والدولة للسير في أمان.
وسعى لإبرام صفقة مع الدولة تبدو آثارها في القفز على خطأ تم ارتكابهمن قبل في وقت الانفلات الأمني وفوضى سادت الوطن أبان عصر الإرهاب الذي أنهاه الرئيس عبد الفتاح السيسي بحكمته ورباطة جأشه، يستند لجيش وشعب فرق بين ما هو وطني وبين ما هو متأمر لصالح تنظيم إرهابي كاد يطيح باستقرارأمة كاملة لولا يقظة الرئيس وحكمة الجيش الوطني ومساندة الشعب الواعيبقضاياه.
وحينما سيطرت تلك الآفات على مقادير البلاد كانت الأمور فاسدة وسائبة وسائلة في يد كل من يملك وسيلة لتنفيذ ما يفكر فيه . كلًا كان يفعل ما يروق له من تبوير الأراضي والبناء على الرقعة الزراعية مما أدى لتقليصها، ولولا يقظة القيادة السياسية في مواجهة حالات الفوضى والانفلات لتعرضت مصر لكثير من المشاكل التنموية في المستقبل . آثار حكم الإرهاب نحصدها حتى الآن.
فمعظم مخالفات البناء تمت في عهد الفوضى والفساد الذي كان الإخوان الإرهابيون يتولون السلطة في البلاد، تم إباحة كل شيء من خلال التنظيمات القاعدية ولم يكن يجرؤ مسئول على التصدي لهم، ولم تكن تلك هي الفوضى الوحيدة التي حلت بالبلاد بل سبقتها فوضى الرشاوي في محليات الكوارث عن طريق بعض العاملين في بعض الإدارات الهندسية الفاسدة، والتي كان المسئول عن المناطق التي تقع فيها المخالفات يتغاضى عن البناء المخالف مقابل رشاوي مؤكدة.
لا يوجد برج أو شقة تمت بالمخالفة إلا وكان المقابل رشوة للمسئول في الإدارة الهندسية والحي. ولذلك يجب إستدعاء كل من تسبب في تلك المخالفات وتقديمه لمحاكمة عاجلة ليقتص العدل من رؤوس الفساد . ولتكن تلك الرؤوس عبرة للبقية الباقية في المحليات.
أذكر أنني طالبت في مقالات سابقة هنا وناديت بضرورة الكف عن الإزالات العشوائية وإيجاد حل للمواطن الذي انتهز غيبة الدولة في الماضي وأقام أبراج أو عمارات بدون ترخيص مما أهدرحقوق الدولة واختلس من مال أجيال قادمة وموارد مالية حصيلتها هي حقهم في مشروعات التنمية المستقبلية .
فالمبالغ التي تحصلها الدولة عن طريق تسديد المخالفات وإبرام التصالح سوف توجه لإقامة مشروعات تخدم البنية الأساسية مما يساعد على إيجاد وسيلة حياة نظيفة للمواطن ، فما يتم تحصيلهيعود عليه بالنفع العام . وأذهلني وأسعدني الإقبال على التصالح وأعتقد أنه تصالح مع النفس أولا .
فالمصالحة هي إعادة تصحيح لسلوك خاطئ تم ارتكابهفي غيبة الدولة وتحديا للقانون في وقت سابق كانت فيه مفاصل الدولة في يد من لا يعرف قيمتها وقدرها ولايرعىسوىمصالحه فقط . تلك كانت فترة حكم الإخوانالفاسدة . مايحدث الآنمن سلوك إيجابي للمواطن هو رد فعل لوجود الدولة علىأرض الواقع وإظهار احترامه للقانون ورغبته في الحياة من خلال منظومة يتم تطبيقها علىالجميع دون استثناء.
هي إذا مصالحة مع النفس التي ترتقي بسمو الأفعالدوما . فقد سعى المواطن لينهي حالة من القلق يحياها نتيجة البناء المخالف وتحرير محاضر وتقديمه للمحاكمة ووصل الأمر لصدور أحكام ضد البعض ليعيش مهددا طوال عمره، وأعرف مثل غيري نماذج كثيرة كانت تحيا حياة الخوف والقلق والرعب من مجرد الطرق علي الباب خشية أن يكون الطارق ضباط مباحث تنفيذ الأحكام قادمين لضبطهم لتنفيذ حكم المحكمة الذي صدر عقب تقديمهم للمحاكمة في مخالفات البناء، كان لي صديقا كان لا يخرج من المدينة التي يعيش فيها خشية الأكمنة.
وصديقة أخرى تركت قريتها وهربت في زحام القاهرة تتوارىعن الأعين عقب مطاردتها لتنفيذ حكم في ذات القضايا . ووكيل وزارة قدم إجازة رسمية لمدة عام وانتقل إلى بلد آخر هربا وخشية من تنفيذ حكم عليه .
وذات الأمر تعرضت له صديقتي الدكتورة الأكاديمية في عقار تملكه .. حياة ملؤها الخوف والرعب من غياهب السجون لتنفيذ أحكاممخالفات البناء، الآن سعى الرئيس عبد الفتاح السيسي ليضع حدا لتلك المصاعب التي تواجه المواطنينسواء الإزالات التي كانت تتم بعشوائية أو للهروب من تنفيذ الأحكام . وكانت فكرة المصالحات التي تتم الأن والتي بموجبها يتم إلغاء كافة القضايا و الأحكام المترتبة علىالمخالفات بعد قيام المواطن بالتصالح مع الدولة ليعيش أمنا لا يقلق من الطرق علي الباب خشية ضبطه و لن يتعرض عقار للإزالة طالما أصبح صاحبه في الطريق الصحيح للمصالحات . و التي أصدر الرئيس تعليماته للمحافظين بمراعاة البعد الاجتماعي وعدم إرهاق المواطن وأن تكون قيمة المخالفات في حدود عادلة، وفعلا أقرت المحافظات الأمر وخفضت من قيمة المخالفات بنسبة كبيرة .
وبرغم التخفيضات إلا أن البعض بالطبع لم يرض ويقنع . فلن يستطيع أحد إرضاء الجميع مهما فعلت . فلكل قرار مؤيد ومعارض ومستهبل . هي قرارات مهمة تؤمن حال المواطن وقد يكون التوقيت صعب نظرا لقرب دخول المدارس والاستعدادللانتخاباتوالتي تسعى الدولة للتصالح مع المواطن، ولكن تعودنا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل قراراته يراهن على حب وثقة الشعب به ونحن فعلا نحبه ونؤيده ونثق في حكمة قراراته.