الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في المشهد الانتخابي «1» .. مرشح الغلابة!


ليس هناك حديث بين أبناء الشعب المصري في الداخل والخارج على حد سواء سوى عن الاستحقاق الانتخابي المزمع إقامته منتصف الشهر القادم والذي من خلاله يختار الشعب المصري من ينوب عنه في مجلس النواب.

إن التعاطي مع الحدث الكبير لم يكن وليد اللحظة، ولا فقط بعد انتهاء الفترة التشريعية للبرلمان الحالي، بل لقد كانت هناك إرهاصات تنبئ عن تحركات دؤوبة لهؤلاء الذين يريدون الاستمرار في المجلس محافظين على مقاعدهم، وأولئك الذين يسعون لإزاحة أو بالأحرى لإزالة هؤلاء والجلوس بالقفز على كراسيهم، وهذا التعاطي الذي أخذ في الانكشاف شيئا فشيئا لأبناء الدوائر المختلفة، تسارعت، مؤخرا، وتيرته لأقصى وأقسى سرعة فانجلت الصورة عن مشهد يحتاج الوقوف أمامه في محاولة لفهم الواقع الذي نحياه من ناحية، وما يمكن أن تؤول إليه الانتخابات من تداعيات أو ما تحقق من نتائج: ربما تتضمن بعض الآمال من ناحية أخرى.

أظن أن العين الراصدة لا تحتاج عناء كثيرا لتبصر هذا التباين وتلك الاختلافات في نظرة الناخب المصري في داخل مصر وخارجها لما تم الإعلان أو بالأحرى الكشف عنه من أسماء دفعت بها أحزاب كمستقلين، وما ينتظر أن يعلن عنه من أسماء في القائمة المغلقة.

إن أول ما يلفت الانتباه هو القناعة الهائلة والإيمان العميق أن هناك قائمة محددة سوف ينجح كل الأسماء التي تضمنها، هذه القناعة التي تعكس عدم إيمان الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري في قدرتهم على التغيير، وكأن هذه المجموعة من الأعضاء قد فرضت عليه فرضا، ذلك الذي صاحبه في المخيلة الجمعية أن هؤلاء الذين تضمنتهم تلك القائمة المعنية هم من أصحاب النفوذ والسلطة أو على أقل تقدير أنهم مَرْضِيٌّ عليهم من أصحاب النفوذ والسلطة! وهنا أؤكد أنه يجب أن يتم توضيح وشرح الأمر للشعب المصري في استفاضة كبيرة، حتى لا يحيى الشعب في هكذا تصور، ويعتبره واقعا ليس منه مفر، وليس من دون الله له من كاشفة، ذلك الذي نزعم زعما هو لليقين أقرب أن ضرره يتعدى كل الخطوط ويصل بالمجتمع المصري إلى حواف الخطورة، فعلى المسؤولين في كافة الدوائر المعنية أن يخاطبوا الشعب والذي يجب أن يعلم بل يؤمن، وليس هذا بالأمر اليسير، أن الأمر كله بيده، وأنه فقط صاحب القرار والقدرة على الإتيان بهذه الأعضاء أو تلك وأنه ليس هناك تدخل من أي جهة لمساعدة هذا أو مساندة ذاك أو دعم ذلك، بل أن الشعب "الناخبين" فقط من لديه القدرة، وهو من يرسم المشهد منفردا، ومن يختار نوابه دون أي تدخل من أي جهة.

أما في الدوائر الفردية فلقد اشتعلت المعركة قبل بدايتها المقررة بفترة طويلة، فوجدنا مشاهد أقل ما يقال فيها إنها مؤسفة! ففي الوقت الذي كانت البلاد مغلقة، ومازالت جزئيا، بسبب انتشار جائحة كورونا، وجدنا كل عائلة، في مشهد يحول مصر العريقة لمجتمع قبلي، تنصب شادرا لتقدم مرشحا، أو في أقل الأحوال تعلن دعما لمرشح يتصل بقرابة أو نسب لتلك العائلة، ذلك المشهد الذي تكرر على طول مصر وعرضها، والذي اكتظ بمئات إن لم يكن بآلاف المحتشدين لدعم مرشحٍ هو دائما "مرشح من أجل الغلابة".

هؤلاء الغلابة الذين هم في حاجة إلى المساعدة، وهنا نتساءل كيف لعضو مجلس النواب، أن يساعد الغلابة في دائرته؟!

أتعجب كثيرا حينما يدعو أبناء بلدة أو قرية أو مدينة  بضرورة الالتفاف حول مرشح من هذه البلدة أو تلك القرية أو هذه المدينة لا لشيء سوى لأنه ابن البلدة أو القرية أو من أجل يظل الكرسي أو يعود الكرسي أو يصبح الكرسي في البلد أو القرية أو المدينة، وأتساءل أي شرف يناله هؤلاء بوجود عضو برلمان من بلدهم؟! إن لم يكن بحق جدير بهذا الكرسي! هذه الجدارة التي يجب أن تكون هي وفقط الحاكمة، وليس لكونه واحدا منهم، فهو ليس عالما ولا مفكرا ولا أديبا ولا حتى سياسيا مرموقا، هؤلاء الذين تتباهى بهم الأمم وتفخر لكونهم منها.

هنا لا بد من النظر للأمر في سياق آخر، يبدأ بالعصبية للمكان، ولا ينتهي بها، بل يتعداه لدور النائب هذا الذي يدفعنا لكي أن نتوقف عند مهام البرلمان والتي هي نصا:

اختصاصات مجلس النواب

يباشر مجلس النواب بوصفه السلطة التشريعية اختصاصات مختلفة ورد النص عليها في الباب الخامس من الدستور، فوفقًا للمادة 86 وما بعدها يتولى المجلس.

أولا التشريع، ثانيا إقرار المعاهدات والاتفاقات، ثالثا إقرار الخطة والموازنة، رابعا الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، خامسا مناقشة بيان رئيس الجمهورية، سادسا تعديل الدستور، سابعا إقرار إعلان حالتي الحرب والطوارئ، تلك الواجبات التي ليس من بينها مطلقا تقديم أي من الخدمات لأبناء الدائرة التي يسعى فيها أبناء كل مدينة أن يكون لمدينتهم أو قريتهم أو قسمهم الفوز لمرشحهم بهذا الكرسي. ذلك الذي يحيلنا لواقع الشأن المصري الذي خلط بين الخدمات والتشريع، بل بين المؤسسة الرقابية وبين  المؤسسة التنفيذية التي يجب عليه محاسبتها. ذلك الذي يعني بالضرورة، تخليص دور النائب من تلك الشوائب التي طالته، تلك الشوائب نفسها التي تجعل الاختيار يدور في إطار المصلحة الشخصية للمترشح وللناخب نفسه والمصالح الضيقة التي تدور حول الدائرة وفيها ولا تتخطاها، إلا لمصالح النائب نفسه كما تعتقد جموع الشعب المصري.

إذًا نحن أمام مشهد ملتبس تشابكت فيه العصبيات القبلية مع الاختلال في دور النائب، مع ما يشاع من استخدام المال السياسي، والزج بالمسؤولين ونفوذ السلطة في المشهد من أجل خلق أكبر حالة من التخبط، ذلك الذي يؤثر في العقلية الجمعية للناخب المصري، فيتم الاختيار ليس للأفضل، نعني أفضل من يقوم بالدور الحقيقي، بل لمن يبرع في استخدام تلك الحالة للوصول إلى مقعد البرلمان.

هذا نفسه الذي يجعل الكثيرين من الأكفاء يعزفون عن خوض تلك التجربة التي لا تعتمد على الكفاءة فقط، ولا على الإمكانات الفردية للمرشح، بقدر ما تعتمد على تطويع تلك العناصر للوصول للغاية! ذلك الذي يبرع فيه المحترفون في العملية الانتخابية في المجتمع المصري في الحال الراهنة! تلك التي هي في حاجة إلى جهد جهيد لوضع الحصان أمام العربة.

لمحة تاريخية

أول برلمان تم تأسيسه كان في إسبانيا في مملكة ليون في عام 1188.

تم استخدام مصطلح برلمان لأول مرة في المملكة المتحدة في عام 1236، وقد كان في السابق يكون هناك مجموعة من المستشارين المقربين من الملك

كلمة برلمان أصلها من كلمة "parler" الفرنسية وهي تعنى النقاش والحوار.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط