الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد الشناوي يكتب: بل حجاب عن قلبك ترفعه

صدى البلد

صحبت في رحلة العمر القصير رجالا أعتبر معرفتي بهم أعظم حدث سعدت به في حياتي؛ كيف لا وقد دلوني على ربي؛ وساروا بي في الطريق نحو حضرته.


ها وقد أصبحت أطوي ضلوعي على ذكرياتهم الحلوة؛ فأأنس بها في خلوتي؛ سائرا وحدي والأشواق تدفعني في عالم القرب من واد إلى واد.


ياربي أسروا فؤادي والمدامع أطلقوا 
وتعجلوا برحيلهم ولم يترفقوا 
أسروا فؤادي والفؤاد أسيرهم 
والقلب من خوف التفرق يخفق 
والدمع باح بما كتمت من الهوى 
وجوانحي تخفق وسري ينطق 
سحب المدامع من عيوني أرسلت 
فوق الخدود ومهجتي تتحرق


على ذكرى أطلالهم أبحرت سفينتي تضرب الأمواج موجا بعد موج؛ فتتحدى التيار تارة؛ وترضخ تارة أخرى..وهكذا أظل أصارع الحياة وتصرعني؛معتصما بربي أشد اعتصام من عثرتي .. مواصلا سيري بقوة وثبات .


صارخا بلسان سري
على باب الكريم أسوق حالي
وأهتف طالبا مولى الموالي ...


وإذا كان الإجماع على أن علم الشرائع لا يكون إلا بقصد التعليم فإن الذي يعلمه الله لأوليائه من الإلهامات والأنوار والمعارف لا يمكن أن تحصل بسبب كسب بل محض فضل من الله تعالى (فضل جود لا مجهود) فافهم...


فالولي ريحانة الله في الأرض إذا شمه المريدون وصلت رائحته إلى قلوبهم فيشتاقون إلى ربهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: النظر إلى الولي عبادة.
ومما يدل على أن رؤية الولي تزيد في نور المعرفة وغيرها قول أنس رضي الله عنه: ما نفضنا التراب من أيدينا في دفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى وجدنا النقص في قلوبنا.


وبالجملة فالأولياء أبواب الله ومعرفتهم مفتاح تلك الأبواب وأسنان ذلك المفتاح حفظ الأدب وحسن الخدمة والرحمة، فمن عاملهم بذلك فتح له وإلا فهو على خطر.(حب بأدب وصول بلا تعب).


عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات
عن أبي يزيد البسطامي:
إن لم تكن من أولياء الله فتحبب إليهم فإن الله تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه فلعله يراك في قلوبهم فيحبك ويلحقك بهم.
فما تعبد متعبد بأكثر من التحبب لأولياء الله تعالى، وصحبة أولياء الله تعالى دليل على محبة الله تعالى.


وكان العز (عز الدين بن عبد السلام –عاش في القرن السابع الهجري-) يبالغ في تعظيم الصوفية وقال: ما عرفت الدين الكامل إلا بعد اجتماعي بأبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه 
ونقل عن حجة الإسلام الغزالي أنه قال لما اجتمع بشيخه:
"ضيعنا أعمارنا في البطالة، يعني بالنسبة إلى ما فاته من أحوال الطريقة"
(فمن داوم الوقوف أدبا على الأعتاب لابد حتما وأن تفتح له الأبواب).


يقول الشيخ داوود بن ماخلا:
"العالم الرباني في الوجود كالقلب والوجود له كالجوف وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، ولو أن المدد الحقيقي ورد في هذا العالم من عارفين على السواء لسرى في قلوب الآخذين بالشرك الخفي"


قال الشعراني: مراده أن المرتبة في كل عصر تجري لواحد في نفس الأمر .
و على كل: فنظرة الولي إن حصلت للطالب على سبيل المحبة أغنته بإذن الله ورفعته قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه أن السلحفاة تبيض وتجلس في البعد من ولدها وتربيه بالنظر إليه، وإذا كانت السلحفاة تربي أولادها بالنظر إليهم فكيف لا يربي الشيخ أولاده بالنظر؟ وشتان بين النظرتين!


وبهذا نرى أن الأولياء هم قناطر الخلق يعبر الموفقون عليهم إلى الله تعالى، أولئك هم العاملون المخلصون الخالصون،استخلصهم تعالى لعبادته، وقربهم من حضرته، فما حجب قلوبهم حجاب الغين طرفة عين،أخرجوا البين من البين، فوقعت منهم العين على العين؛ أقاموا طلاسم الكتم على الأسرار ،وقاموا الليل وصاموا النهار، بعضهم غلب عليه الفكر وبعضهم غلب عليه الذكر، وبعضهم جمع شتات الأمر.


أنزاع قبائل؛ وأصحاب فضائل؛ صوفية صفوية؛ أرواحهم علوية؛ وأسرارهم نورانية؛ وجذبتهم قدسية؛ صحوهم محو؛ ومحوهم صحو؛ عرائس الحضرة؛ ومخطوبي العلا؛ لهم في الغيب سكرة؛ وعلى باب القرب خطرة؛ حين قطع غيرهم المفاوز بالأقدام؛ ساروا إلى  محبوبهم بكلياتهم وجزئياتهم بالأرواح ....


ولا غرو في ذلك فقد سئل أحدهم:
هل الطريق إلى الله طويل فأقطعه؟
قال: بل حجاب عن قلبك ترفعه!