قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

شمس الغد

×

يقال والعهدة على الراوى إنه فى زمان ما بلد كانت كل من فيها يشكون الظلم ويبثون شكواهم وأنينهم ويذرفون الدمع، لدرجة أن بلدتهم سميت بلد المظلومين.

فى هذه البلدة المظلومة زارهم شخص غريب جميل الطلة مفتول العضلات ودخل البلدة المظلومة بأهلها فنظر إليهكل من فيها متسائلينعن السبب والهدف ومنهم من كان ينظر إليهبتحسر على قوته وفتوته وجمال منظره وسحر ابتسامته ومنهم من كان يردد بينه وبين نفسه ليتنا كنا نعيش فى بلدته لنصبح مثلك!! ألقى الغريب السلام وفضفض بالكلام وجاد عليهم بما يحمله من متاع وطعام وطلب منهم أنيقابل حاكم البلدة؛ فأشاروا إلى حيث يسكن وهم يتمتمونبأن رجلا حزينا ابتلاه الله بكل الابتلاءات من زوج مريضة لا تلدإلاالمرضى وأهليستنزفونه ماليا ومعنويا وشعبا لا يراهكوفئا لمنصبه ..

ضحك الغريب من هذه الكلمات واستكمل مسيرته حيث الحاكم الذى رحب به وأحسنضيافته ولم يشك من شىء سوى من شعبه الذى أصبح عاطلا يقضى كل وقته فى الشكوى والنقد والانتقاد؛ ولما سأله الغريب عما يقال عن حياته الخاصة وعن زوجته وأولادهالمرضى وأهلهالمستبدين؟ تبسم وكلها ابتلاءات ترفع منزلتى فى الجنة، فهل أنقم من رحمة ربى !! سأله الغريب عن سبب شعور شعبه بالظلم وإيثارهمالشكوى عن العمل وحب الأحزانعن استقبال الفرحات وصنعها بأيديهم؟ فقال له: ورثت هذا الشعب عن أبىالذى ورثه عن جدى وقد كان لكل منا طريقة فى التعامل معهم فجدى الأعظمكان قاسيا جبارا مارس معهم كل أنواعالسخرة ليعملوا وينتجوا ويعيشوا، أبى كان أقلقسوة من أبيهفقد فرض عليهم رسوما وضرائب أجبرتهمعلى الخروج من منازلهم والعمل من أجلضمان قوت يومهم.

ودفع ضرائبهم، أما أنافقد يئست ولم أطالبهم بشيء كلما فعلتهأنألزمتهم بوقت للعمل يحصلون من خلاله على ما توفرلهم أسبابالحياة، وتركت لهم باقى أيامهموسنينهم وأعمارهم يرتعون فيها كيفما شاءوا، فوجدتهم سعداء بذلك وبأنهمصار لديهم وقت ونفسية للشكوى والبكاء والأنينوالحزن ولم يحاولوا أن يصنعوا من كل ما لديهممن وقت وطريقة حكم سلسة سعادة ونهج يغيرون به ما ورثوه من أجدادهموآبائهم،شعبى استحب العمى على الهدى لأنذلك الوضع مريح له ولا يبذل فيه مجهود سوى الكلام والشكوى والأنين؛ بعكسى أنا تماما فقد اكتسبت القوة من البلاء والعزم من الشقاء والصلد من التحديات وأصبح بيتى قويا رغم مافيه من شقاء فالمحبة تعززنا وتقوينا ..

صمت الحاكم ونظر إلى الغريب وسأله عن سبب الزيارة فقال له: جئت إليكبرسالة من حاكمى ومن شعبى الذى سمع الكثير عنكم وعن دولتكم وشعبكم وأعياهما سمعويرغب فى المقايضة بأن يأتى هو إلى بلادكم وتذهبون إلى بلادنا لأجلتحددونه، ونرى بعدها ماذا تم؛ وهل الحزن والشكوى والإحساس بالظلم أدوات لصيقة بشعبكم أم أن تغير الأجواء يغير الأشخاص، سعد الحاكم بهذا العرض كما سعد به شعبه وحزموا أمتعتهم وذهبوا مع الغريب كى يعيشوا فى بلده ويحضر شعبه ليعيش فى بلادهم، وإلى الآن لم نعرف ماذا حدث لهذا الشعب فالبعض يقول إن الغريب ألقىبهم فى البحر ليخلص البشرية من كآبتهم وأن من نجى منهم هم هؤلاء الموجودين معنا ويهدمون أرواحنا بطاقتهم السلبية، وآخرون يؤكدون أن الغريب عاد بهم إلى بلاده وأمزجهم بأهلها فتناسلوا وصاروا يمثلون أنواع البشر السعيدة والحزينة، كل التفسيرات يعلوها بقاء حاكم البلاد حتى الآنيمارس سلطاته مهما كان نوع شعبه وولائهوانتمائه.