ورد المفتي السابق قائلا: التسبيح لا يكون إلا بعد الصلاة مباشرة ولم يرد في الشريعة أن التسبيح بعد ركعتي السنة وإنما قال النبي "من قال دبر كل صلاة" وهذا معناه عقب الصلاة مباشرة.
وتابع: نجد بعض المصلين يؤجل التسبيح إلى ما بعد ركعتي السنة وهذا لم يرد به نص أو دليل، كما أن التسبيح لا يشترط فيه الطهارة فلو أن شخص أنهى صلاته وإذا به يسبح فانتقض وضوءه فلا حرج في ذلك فليكمل تسبيحه لأنه لا يشترط فيه الوضوء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل حال.
فضل الأذكار بعد الصلاة
فيما قال الدكتور رمضان عبد الرازق، عضو لجنة الدعوة بالأزهر الشريف، إن من صلى جماعة وجلس يردد الأذكار عقب الصلاة فله أجر كمن صلى جماعة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويغفر الله له جميع ذنوبه، ويُكتب له أجر مجاهد في سبيل الله، وتفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها كيفما يشاء.
واستشهد «عبد الرازق» في تصريح له بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَبَّحَ الله فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ الله ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ: لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ».
هل يجوز الجهر بالأذكار بعد الصلاة
وأوضحت أن المطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّدُه في الشرع، وقد وَرَدَ في السُّنَّة ما يدل على الجهر بالذكر عقب الصلاة، فروى البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْا-: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ»، وفي لفظ: «كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ».
وأضافت: فمَن أخذ مِن العلماء بظاهر ذلك قال بمشروعية الجهر بالذكر عقب الصلاة، ومَن تَأَوَّلَه على التعليم رأى الإسرار بالذكر أولى، مع اتفاق الجميع على جواز كلا الأمرين.
وأكدت أن وخَير ما يُقال في هذا المَقام ما قاله العلامة الطحطاوي في حاشيته على مَراقِي الفَلاح شرح نور الإيضاح في الجمع بين الأحاديث وأقوال العلماء الذين اختلفوا في المفاضلة بين الإسرار بالذكر والدعاء والجهر بهما؛ حيث قال (ص: 318، ط. دار الكتب العلمية): "إن ذلك يختلف بحسب الأشخاص، والأحوال، والأوقات، والأغراض، فمتى خاف الرياءَ أو تَأَذَّى به أحدٌ كان الإسرارُ أفضلَ، ومتى فُقِد ما ذُكِر كان الجهرُ أفضلَ".
وشددت على أنه يجب على المسلمين ألَّا يجعلوا ذلك مثارَ فُرقةٍ وخلافٍ بينهم؛ فإنه لا إنكارَ في مسائل الخلاف، والصوابُ في ذلك أيضًا تَرْكُ الناسِ على سَجاياهم، فمَن شاء جَهَرَ، ومَن شاء أَسَرَّ؛ لأن أمر الذكر على السعة، والعبرة فيه حيث يجد المسلمُ قلبَه.
يعتبرالذكر بعد الصلاةمن العبادات التي فيها تسابق على الخير، وهذا التسابق يؤدّي إلى الحصول على درجات عالية عند الله في الجنة.
الذكر بعد الصلاة يعمل علىالمحافظة على العلاقة الطيبة مع الله في الشدّة والرخاء، وبالتالي يحافظ المسلم على حبل التواصل مع الله دائمًا، ومن عرف الله أحبه وأقبل عليه وأخلص له.
الذكر بعد الصلاة يقويالجسم ويمنح النور في الوجه، بالإضافة إلى أنّها تجلب الرزق لصاحبها. ترتقي بالمسلم إلى باب الإحسان، أي أن يعبد الله كأنّه يراه.
الذكر بعد الصلاة يباعد بينالعبد والشيطان؛ فهو يطرده ويقمعه.
يعدّالذكرسببًا للحصول على رضى الله -تعالى-. ذكر الله -تعالى- راحةٌ للقلب، وانشراحٌ للصدر؛ فهو يزيل الغم والهم من القلب.
يكونالذكرسببًا من أسباب جلب الرزق، وتوسعته.
يعدّالذكرمن أحبّ الكلام إلى الله -تعالى-.
يغفر الله -تعالى- للعبد ذنوبهبذكره، ويضع عنه خطاياه وسيئاته.
يعتبرالذكرمن أفضل ما يقابل العبد به الله -تعالى- يوم القيامة؛ فيزيد في ثقل ميزان حسناته.
اقرأ أيضًا:
الفرق بين الامن والسلامة.. داعية إسلامي يوضح
منها الصحة.. ٣ نعم من ملكها لم يفوته شيء من الدنيا
آداب ذكر الله
يجدر بالمسلم أن يحرص على التأدب بآداب ذكر الله -عزّ وجلّ-، وفيما يأتي بيان جانبٍ من تلك الآداب:
الإخلاص لله -تعالى-.
الاجتهاد في الإكثار من الذكر.
الحرص على الطهارة.
استشعار عظمة الله -جلّ وعلا-، ومهابته في القلب.
الاجتهاد في تحصيل أكمل الصفات عند ذكر الله -عزّ وجلّ-؛ وذلك بأن يتوجه الذاكر نحو القبلة، ويجلس متذللًا، متضرعًا، باكيًا.
الحرص على ردّ السلام، وتشميت العاطس أثناء الذكر؛ فيفعل الذاكر ذلك، ثمّ يعود لإكمال ذكره لله -عزّ وجلّ-..
أنواع ذكر الله تعالى
إنّ لذكر الله -عزّ وجلّ- ثلاثة أنواع؛ أحدها: ذكره بالقلب، والثاني: ذكره باللسان مع حضور القلب، والثالث: ذكره باللسان فقط.
فأمّا الذكر بالقلب؛ فله نوعان أيضًا؛ أحدهما: يكون بالتفكر في آلاء الله -عزّ وجلّ-، وعظمته، وآياته، ومخلوقاته؛ وهذا أرفع أنواع الذكر، أمّا ثانيهما: فهو استحضار الله -سبحانه- في القلب عند الالتزام بأوامره ونواهيه، والأول أفضل من ذكر الله -عزّ وجلّ- باللسان مع استحضاره بالقلب، أمّا الذكر باللسان فقط؛ فيعدّ أضعف أنواع الذكر.