EN
في مثل هذا اليوم قبل ما يقرب من 12 قرنا، تولى الخليفة هارون الرشيد الخلافة بعد وفاة أخوه موسى الهادي، حيث كان عمر الرشيد وقتها 22 عاما، في حين كانت الدولة العباسية وقتها مترامية الأطراف، تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلسي، كما كانت غير مستقرة سياسيا ومعرضة للفتن والثورات لذلك كانت مهمة الخلافة صعبة.
وعلى الرغم من التحديات السابقة وصغر سنه، إلا أن الرشيد كان أهلًا لهذه الخلافة الصعبة وتمكن من تحقيق العديد من الإنجازات وبناء عصر متقدم كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، والفنون والآداب، فضلا عن الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي.
كان الرشيد مشهورا بكثرة زيجاته، حيث تزوج أكثر من امرأة إلا أن زبيدة بنت جعفر ابنة عمه كانت أهم الزوجات لديه، كما أنجب العديد من الأولاد: عشرة أبناء واثنتا عشر بنتًا، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاهتمام بشئون الدولة وتحقيق العديد من الإنجازات التي تميز بها عصره ومنها:
1. أصدر عفوا عامًا عن كل من كان هاربًا أو مختفيًا عدا بعض الزنادقة.
2. تصدى للفتن والثورات الداخلية ومنها ثورات الخوارج، الطائفة التي ظهرت أثناء القتال بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، واستمر خروج هذه الطائفة على خلفاء بني أمية وبني العباس.
3. أنشأ ما يعرف ببيت الحكمة في بغداد وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض، حيث كانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين.
4. تمت في عهده أول ترجمة إلى العربية لأشهر كتاب علمي عرف في التاريخ وهو "كتاب الأصول (الأركان) في الهندسة والعدد لإقليدس .
5. تطورت العلوم خصوصًا الفيزياء الفلكية والتقنية، وابتكرت عدد من الاختراعات كالساعة المائية.
6. أنشئ في عهده أول مصنع للورق ببغداد سنة 795 م، وصار سوق الوراقين لاحقًا الذي يضم مئات الحوانيت التي تبيع السلع الورقية الفاخرة رمزا لعاصمة العباسيين، حيث كان ورق بغداد يقدر تقديرًا عاليًا في المنطقة، حتى أن بعض المصادر البيزنطية تسمي الورق بصحف بغداد.
7. اهتم هارون الرشيد بالإصلاحات الداخلية، فبنى المساجد الكبيرة والقصور الفخمة، وفي عهده استعملت القناديل لأول مرة في إضاءة الطرقات والمساجد.
8. اعتنى الرشيد أيضًا بالزراعة ومؤسسة نظامها، فبنت حكومته الجسور والقناطر الكبيرة، وحفرت الترع والجداول الموصلة بين الأنهار، وأسس ديوانًا خاصًا للإشراف على تنفيذ تلك الأعمال الإصلاحية.
9. من أعماله أيضًا تشجيع التبادل التجاري بين الولايات وحراسة طرق التجارة بين المدن، وقد شيّد مدينة الواقفة قرب مدينة الرقة على ضفاف الفرات لتكون مقرًا صيفيًا لحكمه.
10. كما أنشأ أكبر مستشفى في عصره، سماها باسمه "مستشفى الرشيد" في بغداد، ضمت في كادرها أمهر الأطباء، حيث كانت أشهر مستشفى في العالم القديم.
