وأضاف أنه علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أُمَّتَه كيفيَّةَ الدُّعاءِ، وأرشَدَها إلى أفضَلِ الدَّعواتِ الَّتي فيها خَيرٌ للمُسلِمِ في دُنياه وآخِرَتِه، وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما مِن دَعوةٍ يَدْعو بها العبدُ"، أي: يُداوِمُ عليها، ويَطلُبُها مِن اللهِ في كلِّ دُعائِه وعلى كلِّ حالٍ، "أفضَلَ مِن: اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك المعافاةَ"، أي: السَّلامةَ والنَّجاةَ، "في الدُّنيا والآخِرَةِ".
وأكد أنها أفضَلُ الدَّعواتِ الَّتي يَخُصُّ بها الإنسانُ نفْسَه؛ وذلك لأنَّها تَجمَعُ خيرَ الدَّارَينِ؛ فالمرادُ نفْعُها وعُمومُها، وقد أمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عمَّه العبَّاسَ رَضِي اللهُ عَنه- كما عندَ التِّرمذيِّ- بالدُّعاءِ بالعافيةِ بعدَ تَكرارِ العبَّاسِ سُؤالَه بأن يُعلِّمَه شيئًا يسأَلُ اللهَ به، منوهًا بأن طَلبُ العافيةِ هو طَلبُ دِفاعِ اللهِ عن العَبدِ.
وتابع: فالدَّاعي بها قد سأَل ربَّه دِفاعَه عن كلِّ ما يَنْويه، وفي حديثٍ آخَرَ عندَ التِّرمذيِّ وابنِ ماجَهْ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "سَلُوا اللهَ العفْوَ والعافيةَ؛ فإنَّ أحَدًا لم يُعطَ بعدَ اليَقينِ خيرًا مِن العافيةِ"، وأفرَد العافيةَ بعدَ جَمعِها؛ لأنَّ مَعنى العفوِ مَحوُ الذَّنبِ, ومعنى العافيةِ السَّلامةُ مِن الأسقامِ والبلاءِ، فاستَغْنى عن ذِكْرِ العفوِ بها؛ لِشُمولِها.
واستطرد: ثمَّ إنَّه جمَع بينَ عافِيَتيِ الدُّنيا والدِّينِ؛ لأنَّ صَلاحَ العبدِ لا يَتِمُّ في الدَّارَينِ إلَّا بالعَفوِ واليقينِ؛ فاليقينُ يَدفَعُ عنه عقوبةَ الآخِرةِ، والعافيةُ تَدفَعُ عنه أمراضَ الدُّنيا في قلبِه وبدَنِه، مشيرًا إلى أن في الحديثِ: الحثُّ على الدُّعاءِ بالعافيةِ، وبيانُ فضلِه.